2021 أغسطس/أوت 18 - تم تعديله في [التاريخ]

هكذا تزدهر مظاهر السحر والشعوذة في عاشوراء

اعترافات صادمة لمواطنين وخبراء يعتبرون السحر عنفا وكفرا


العلم الإلكترونية - إيمان مسلك ليام 

يوم عاشوراء، هو يوم ديني موافق للعاشر من شهر مُحَرَّم في التقويم الهجري، ارتبط بالعديد من الأحداث التاريخية الدينية، فهو اليوم الذي نجّى فيه الله سبحانه وتعالى سيدنا موسى عليه السلام وبني إسرائيل من فرعون وجنوده، فصامه سيدنا موسى شكرا لله تعالى، ثم صامه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأوصى أمته بصيامه.
 
 ويرتبط هذا اليوم عند المغاربة بعادات وطقوس احتفالية مختلفة في أشكال متعددة تتمظهر في "زمزم" و"الشعالة" و"بابا عيشور" و"القديدة"، كما تتخلل هذه الاحتفالات طقوس السحر والشعوذة، ويعتبر هذا اليوم موسما من مواسم السحر لدى المشعوذين لاعتقاهم أن عملية السحر في يوم عاشوراء فرصة لا تعوض، له فعالية ويستمر مفعوله لمدة عام دون الحاجة لتجديده.
 
وفي هذه الفترة، يكون التردد على "السحرة" و"الشوافات" بكثرة، من مختلف شرائح المجتمع ومختلف الأعمار، وتتعدد الأسباب الداعية إلى ذلك، فهناك من يقصد هذه الأماكن بغية الزواج، وهناك من يسعى لجلب المحبة ما يسمى "التهييج"، في حين يرغب البعض في القيام بأعمال شيطانية بغية الانتقام فيستخدمون السحر الأسود لتفرقة الأزواج أو رغبة في نشوء صراعات وخصومات عائلية.
 
وبهذه المناسبة، يكثر الإقبال على العطارين بغية اقتناء البخور وما يسمى بـ"التفوسخة"، إضافة إلى تردد العديد من الناس على الأسواق السرية لاقتناء وصفات السحر "مخ الضبع، لسان الحمار..."، ناهيك عن زيارة السادات والأضرحة. كما لم تسلم قبور الموتى من هذا اليوم، حيث تشهد العديد من المقابر حركة مهمة في هذه الفترة، ويتم وضع "الطلاسم" و"الحجابات" بالقرب منها، وفي بعض الأحيان تستدعي ضرورة الساحر النبش في القبر لنجاح عملية السحر.
 
يستغل "السحرة" يوم عاشوراء، لرمي السحر المدبر في نيران "الشعالة" التي يشعلها الشباب في تلك الليلة ويلهون بقربها، مقرونة بأهازيج شعبية، معتقدين أنه كلما احترق السحر كلما كان مفعوله قويا.

    السحر صيغة من صيغ العنف...    

ويرى محسن بن زاكور، أستاذ علم النفس الاجتماعي في تصريح لـ"العلم"، أن موضوع السحر ليس بالقديم ولا بالجديد فهو مستمر عبر التاريخ، لأن الفكر الشعبي يجعل الأسطورة تستمر عبر الأجيال ولا علاقة لها بتقدم العمر أو تقدم المعرفة، فالسحر والشعوذة بالمغرب حسب الأسطورة في يوم عاشوراء يستمر لمدة عام بأكمله ولا يحتاج للتجديد. كذلك ارتباط الأسطورة بأفكار موروثة من عند الشيعة، خصوصا أنها تتضمن روح الانتقام.
 
وأوضح الباحث، أن هذه الأفكار تحولت إلى غايات تعكس بعض الضغوطات الاجتماعية، وخاصة العلاقة غير المتوازنة بين الرجل والمرأة، فاللجوء إلى السحر حسب النساء هو رغبة في تليين الرجل كما تقول النساء "يولي تابعها كي الكلب" ما يفيد أن العلاقة بين الطرفين غير مبنية على التواصل والتفاهم والاحترام بل مبنية على الخوف وعدم القدرة على المواجهة وعلى اثبات الذات، ويترجم بطريقة مبنية على الجهل والأسطورة وهي السحر والشعوذة. وتتجلى مظاهرها في الهجوم الكاسح على "العطارين" أو القيام ببعض السلوكات كاستعمال "الشريوطة" وهو منديل للجماع بين الزوجين يتم حرقه في نيران "الشعالة" والعديد من الممارسة الأخرى ما يفسر عدم القدرة على خلق توازن داخل الأسرة وبالتالي اللجوء للسحر.
 
ويضيف الأستاذ في علم النفس الاجتماعي، أن انتشار السحرة والمشعوذين والمنجمين في البلاد بكثرة، يطرح سؤال لماذا تتغاضى الدولة عن مثل هذه الممارسات؟ وفي الوقت نفسه هناك جواب لهذا الأمر وهو أنه من مصلحة الدولة أن تزكي مثل هذه السلوكات الأسطورية في البلد حتى تحافظ على مستوى من السلوك الشعبي. عنصر آخر وهو غياب دراسات عميقة في هذا المجال يمكن أن تفضح مثل هاته السلوكات، وغياب بعض القرارات من طرف النيابة العامة للمطاردة مثل هؤلاء السحرة. وفي عمق المستوى الشعبي والأهازيج و"التطبال" و"الشعالة" وغيرها، هناك رغبات السحر والشعوذة، ما يكرس مظاهر عدم التوازن الاجتماعي والهشاشة الاقتصادية والفكرية واستمرار الفكر الأسطوري.
 
ويوضح بن زاكور، يمكن أن نفهم السحر على أنه صورة من صور العنف التي يمارسها المجتمع، خصوصا الذين يؤمنون بالسحر والشعوذة كبديل للتعامل مع الآخر، فالعنف له مظاهر سواء كان جسديا أو نفسيا، وأيضا من وسائله نجد إلحاق الأذى بالآخر مثل الشعوذة، وهو ما يعطي بعدا نفسيا أكثر مما هو اجتماعي. فالإذعان بالعنف يفسر عدم بناء العلاقة بين الزوجين أو بين أفراد المجتمع على أساس التفاهم والحوار والرضى والاحترام بقدر ما يتم بناؤها على العنف، وهذا الأخير يتخذ صيغة ما يسمى بالسحر والشعوذة.

    الإصرار على السكر كفر...    

رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة الصخيرات تمارة، الحسن بن إبراهيم سكنفل، من جهته يوضح أن الاشتغال بالسحر والشعوذة والاستعانة بالسحرة والمشعوذين والدجالين والعرافين والكهنة ومدعي علم الغيب (الشوافة) لجلب الحظ أو الإضرار بالخلق، كله عمل مذموم، ملعون صاحبه ومرتكبه. قال تعالى:" ولا يفلح الساحر حيث أتى".
 
وقال سبحانه:" وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله...".
 
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد".
 
وقال المصدر نفسه: " نحن المسلمين نصوم هذا اليوم ويوما قبله اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم".
 
كما أننا نجتمع فيه لصلة الرحم والإطعام والذكر مع التوسعة على العيال بالألعاب وشراء ما يعرف عندنا بالفواكه الجافة، وهذا من العادات الحميدة التي إن قصد بها وجه الله تعالى أجرنا عليها، استمدادا من قول النبي صلى الله عليه وسلم:" أيها الناس أطعموا الطعام وأفشوا السلام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام".
 
واستنكر سكنفل، ما يحدث خلال يوم عاشوراء وليلته من إشعال للنار وتبذير للمياه (ما يعرف بشعالة وزمزم) واعتداء على الخلق بالمفرقعات وسكب المياه الممزوجة بالبيض وغيره. إضافة إلى استعمال البعض المواد الحارقة، فهو سلوك مخالف للدين وللقيم والأخلاق وللسلوك الحضاري الذي يجب أن يتصف به المسلم، فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. 
 
وأضاف رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة الصخيرات تمارة، أن السحر من الكبائر التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم ونهى عنها كالشرك بالله وعقوق الوالدين وشهادة الزور. فما بالك بالاشتغال بالسحر. فالالتجاء إلى السحرة لإيذاء الخلق والتفريق بين الزوجين حرام قد يصل بمرتكبه والساعي إليه إن أصر على ذلك إلى الكفر والعياذ بالله، سواء أكان ذلك في محرم أو عاشوراء أو في أي يوم من أيام السنة.

    شهادات صادمة...    
 
"ف.ع" سيدة أربعينية، تقول في تصرح لـ"العلم"، إنها تستعمل السحر، وبالأخص في يوم عاشوراء، لما له من فعالية حسب تجربتها معه، ولكي ينجح مفعول السحر في أيام عاشوراء، تقوم بالحرص على عدم مضاجعة زوجها في تلك الفترة، وتعد منديل "الشرويطة" للمشعوذة التي تقوم بالسحر وتأمرها بحرقه في "الشعالة" يوم عاشوراء.
 
وجاء على لسان ك.م، رجل متزوج وله أبناء، أنه يحمي نفسه من السحر بالسحر، ويقول "أنا كندير التفوسخة باش نحمي راسي من السحور، نسيبتي سحارة" ويضيف أنه خلال فترة عاشوراء لا يذهب للبيت للتفادي التعرض للسحر.
 
ع.ح تصرح أنها تعرضت للسحر من قبل عائلة زوجها وعانت كثيرا جراء ذلك، وتقول في حسرة من أمرها "ما خليت فين مشيت باش نتعالج والو حتى درت الرقية الشرعية" وتؤكد أن "السحر موجود ويجب الاحتراس من أصحاب القلوب السوداء وأعمالهم الشيطانية".
 
ف.ح فتاة عازبة، من جهتها تكذب ما يقوم به السحرة، وتقول إنها لجأت للعديد من المشعوذين من أجل الزواج لكن دون جدوى. وتصرح "دكشي غير الكذوب ليبغا شي حاجة يدعي الله"، مضيفة أن السحرة يستغلون ضعف الناس وعدم وعيهم لجني الأموال.
 
ت.ك ساحر بمنطقة في الجنوب، يعرف منزله اكتظاظ عارما في الأيام العادية عامة، وفي فترة عاشوراء خاصة، وللقائه يحب أخذ موعد، فهو معروف وله سمعة عند ممارسي الشعوذة، يقول إن السحر في عاشوراء له خصوصية ويتطلب شروطا معينة مؤكدا لفعاليته ونجاعته في عاشوراء، فحسب قوله فهو استطاع من خلال السحر تفرقة الأزواج، وتزويج العازبات، وتليين قلب الرجل وجعله يخضع لأوامر زوجته... كل ذلك يستطيع فعله من خلال ممارسة صحيح للسحر وبالأخص في أيام المناسبات أو ما يسمى ب "العواشر" من بينها عاشوراء.
 



في نفس الركن