2024 أكتوبر 16 - تم تعديله في [التاريخ]

نفس‭ ‬جديد‭ ‬ودينامية‭ ‬متجددة‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المغربية‭ ‬الفرنسية

25,6‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭ ‬حجم‭ ‬الاستثمارات‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬سنة 2023


العلم الإلكترونية - عزيز اجهبلي

تتميز‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وفرنسا‭ ‬بديناميكية‭ ‬متجددة‭ ‬باستمرار،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتجلى‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬في‭ ‬الأهمية‭ ‬المتزايدة‭ ‬للاستثمارات‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭. ‬ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬فيه‭ ‬التجارة‭ ‬الثنائية‭ ‬قوية،‭ ‬فإن‭ ‬المغرب‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬الاستثمار‭ ‬الأجنبي‭ ‬في‭ ‬فرنسا،‭ ‬بحيث‭ ‬ارتقت‭ ‬المملكة،‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬إلى‭ ‬طليعة‭ ‬المستثمرين‭ ‬الأفارقة‭ ‬في‭ ‬فرنسا،‭ ‬وهي‭ ‬مكانة‭ ‬تتجاوز‭ ‬بكثير‭ ‬التحويلات‭ ‬المالية‭ ‬البسيطة،‭ ‬وتساهم‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬والابتكار‭ ‬الصناعي‭.‬
 
مصادر‭ ‬اقتصادية‭ ‬تشير‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬إلى‭ ‬سنة‭ ‬2007،‭ ‬حيث‭ ‬كثفت‭ ‬الشركات‭ ‬المغربية‭ ‬تدريجيا‭ ‬استثماراتها‭ ‬في‭ ‬الخارج‭. ‬وبحسب‭ ‬بيانات‭ ‬مكتب‭ ‬الصرف،‭ ‬بلغت‭ ‬الاستثمارات‭ ‬المغربية‭ ‬المباشرة‭ ‬بالخارج‭ ‬رقما‭ ‬قياسيا‭ ‬قدره‭ ‬25,6‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭ ‬سنة‭ ‬2023،‭ ‬بعد‭ ‬الانتعاش‭ ‬الذي‭ ‬تميز‭ ‬به‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الجائحة‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬التدفقات،‭ ‬تحتل‭ ‬فرنسا‭ ‬مكانة‭ ‬متقدمة،‭ ‬حيث‭ ‬تستحوذ‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬60٪‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬هذه‭ ‬الاستثمارات‭ ‬وذلك‭ ‬سنة‭ ‬2022‭.‬
 
وقالت‭ ‬المصادر‭ ‬ذاتها،‭ ‬إن‭ ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬متانة‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬جاذبية‭ ‬فرنسا‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمستثمرين‭ ‬المغاربة‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬ذلك‭ ‬أصبح‭ ‬المغرب‭ ‬المستثمر‭ ‬الأفريقي‭ ‬الرائد‭ ‬في‭ ‬فرنسا،‭ ‬يتفوق‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬الشركاء‭ ‬الرئيسيين‭ ‬مثل‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬وجنوب‭ ‬أفريقيا‭. ‬وبالتالي،‭ ‬تستفيد‭ ‬فرنسا‭ ‬من‭ ‬مساهمة‭ ‬كبيرة‭ ‬لرأس‭ ‬المال‭ ‬المغربي،‭ ‬الذي‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬وإنشاء‭ ‬المشاريع‭ ‬الصناعية‭ ‬الاستراتيجية‭.‬
 
وأوضحت‭ ‬أن‭ ‬تأثير‭ ‬الاستثمار‭ ‬المغربي‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬يقاس‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مساهمته‭ ‬في‭ ‬التشغيل‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬2022،‭ ‬ميزت‭ ‬الشركات‭ ‬المغربية‭ ‬نفسها‭ ‬بأنها‭ ‬الشركات‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬الأفريقية‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭. ‬ووفقا‭ ‬لتقرير‭ ‬وبيانات‭ ‬‮«‬بيزنيس‭ ‬فرانس‮»‬‭ ‬فإن‭ ‬المؤسسات‭ ‬المغربية‭ ‬الجديدة‭ ‬حققت‭ ‬زيادة‭ ‬مذهلة‭ ‬تزيد‭ ‬عن‭ ‬160٪‭ ‬في‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إنشاؤها‭ ‬أو‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بها‭ ‬مقارنة‭ ‬بعام‭ ‬2021‭.‬
 
ولا‭ ‬يقتصر‭ ‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬هذه‭ ‬على‭ ‬القطاعات‭ ‬التقليدية،‭ ‬بل‭ ‬تنخرط‭ ‬الشركات‭ ‬المغربية‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬في‭ ‬الصناعات‭ ‬المبتكرة،‭ ‬واختارت‭ ‬المجموعة‭ ‬المغربية‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬تصميم‭ ‬اللوحات‭ ‬الكهربائية‭ ‬الذكية،‭ ‬وإنشاء‭ ‬مكاتب‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬علامة‭ ‬‮«‬صنع‭ ‬في‭ ‬فرنسا‮»‬‭ ‬وتصدير‭ ‬منتوجاتها‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق‭ ‬الأفريقية‭. ‬ويجسد‭ ‬هذا‭ ‬المشروع،‭ ‬الذي‭ ‬يرافقه‭ ‬خلق‭ ‬14‭ ‬مناصب‭ ‬شغل،‭ ‬بوضوح‭ ‬النهج‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬للشركات‭ ‬المغربية،‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تمركزها‭ ‬في‭ ‬فرنسا،‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬الابتكار‭ ‬التكنولوجي‭ ‬والتآزر‭ ‬الصناعي‭ ‬مع‭ ‬شركائها‭ ‬الفرنسيين‭.‬
 
 
 
ولا‭ ‬تركز‭ ‬الاستثمارات‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬على‭ ‬الصناعة‭ ‬فقط،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬القطاعات‭ ‬الرئيسية‭ ‬مثل‭ ‬التجارة‭ ‬والأنشطة‭ ‬المالية،‭ ‬وبدرجة‭ ‬أقل،‭ ‬العقارات‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬تظل‭ ‬الصناعة‭ ‬القطاع‭ ‬المفضل‭ ‬بالنسبة‭ ‬للشركات‭ ‬المغربية،‭ ‬حيث‭ ‬تمثل‭ ‬أزيد‭ ‬من‭ ‬70‭%‬‭ ‬من‭ ‬أجمالي‭ ‬الاستثمار‭ ‬للشركات‭ ‬المغربية‭ ‬سنة‭ ‬2022،‭ ‬أي‭ ‬بمبلغ‭ ‬قدره‭ ‬13.66‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭. ‬ويعكس‭ ‬هذا‭ ‬الرقم‭ ‬صعود‭ ‬قوة‭ ‬الفاعلين‭ ‬المغاربة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬مثل‭ ‬الطيران‭ ‬والسيارات‭ ‬والطاقة‭ ‬والتكنولوجيات‭ ‬الخضراء‭.‬
 
ويواصل‭ ‬القطاع‭ ‬البنكي‭ ‬المغربي‭ ‬تعزيز‭ ‬حضوره‭ ‬في‭ ‬فرنسا،‭ ‬حيث‭ ‬يجذب‭ ‬استثمارات‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬1‭.‬67‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022‭. ‬وتلعب‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬دورا‭ ‬كجسر‭ ‬لتبادل‭ ‬الاستثمارات‭ ‬مع‭ ‬الشركات‭ ‬المغربية‭ ‬الراغبة‭ ‬في‭ ‬التمركز‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬مع‭ ‬دعم‭ ‬تنمية‭ ‬الشركات‭ ‬الإفريقية‭ ‬الأخرى‭ ‬بالمنطقة‭.‬
 
ومع‭ ‬نمو‭ ‬الاستثمارات‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬فرنسا،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الخيار‭ ‬يعكس‭ ‬تغيرا‭ ‬هيكليا‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية،‭ ‬بحيث‭ ‬أصبح‭ ‬المغرب‭ ‬الآن‭ ‬مندمجا‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬في‭ ‬سلاسل‭ ‬القيمة‭ ‬العالمية،‭ ‬فلم‭ ‬يعد‭ ‬يصدر‭ ‬المنتجات‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬يستثمر‭ ‬بنشاط‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬مما‭ ‬يخلق‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬ويساهم‭ ‬في‭ ‬الابتكار‭. ‬وتفتح‭ ‬هذه‭ ‬الدينامية‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬أشكال‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الشراكة‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬مما‭ ‬يعزز‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬تكامل‭ ‬المواهب‭ ‬والتكنولوجيات‭ ‬بين‭ ‬ضفتي‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭.‬



في نفس الركن