العلم الإلكترونية - الرباط
جمعت دول الخليج العربية الفضلَ من أطرافه ، فجددت التأكيد على المواقف و القرارات الثابتة المؤيدة لمغربية الصحراء و الداعمة للحفاظ على أمن المملكة المغربية واستقرارها وسيادتها التامة على صحرائها والمساندة لمبادرة الحكم الذاتي باعتباره حلاً وحيداً في إطار سيادة المغرب ووحدته الوطنية و الترابية ، و أشادت بالمبادرة الأفريقية الأطلسية التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس ، حفظه الله ، لفائدة دول الساحل ، والتي من شأنها تعزيز التعاون بين بلدان الساحل والدول المطلة على الأطلسي . وهذا موقف متفرد من دول مجلس التعاون الخليجي ، يستحق من كل مواطن مغربي عظيم الاحترام ، لما ينطوي عليه من دلالات عميقة يقدرها المغرب عميق التقدير ، ويعتز بها بالغ الاعتزاز . فلم تكتفِ الدول الست الشقيقة بالاعتراف بمغربية الصحراء ، وهو اعترافٌ عالي القيمة ثقيلُ الوزن ، و إنما أضافت إليه مساندتها لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به المملكة إلى مجلس الأمن الدولي في سنة 2007، و عدته حلاً وحيداً، لاثاني له ولا بديل عنه ، في إطار سيادة المغرب ووحدته الوطنية و الترابية . و الجمع بين هذا الاعتراف و هذه المساندة ، من ناحية القانون الدولي ، هو من قبيل التأكيد على المؤكد ، وتركيب الوضع القانوني على أساس وضع قانوني يوازيه في القيمة ويعادله في الوزن. وهي حالة فريدة من صيغة المبالغة في اتخاذ الموقف السياسي، بالمفهوم البلاغي بمدلوليه القانوني واللغوي، كما هو معتمد في العلوم السياسية و معمول به في العلوم الإنسانية، خاصة علوم اللغة و البلاغة و الأدب بوجه عام.
لقد ضربت دول الخليج العربية بموقفها غير المسبوق، مثالاً راقياً للأخوة الصافية والمودة النقية من جهة، وللحكمة السياسية وللالتزام بالشرعية والاحترام للقانون الدولي من جهة أخرى ، باعتبار أن الاعتراف بمغربية الصحراء يتضمن كل المدلولات التي ترسخ عدالة القضية المغربية المركزية، وتعمق شرعية الوحدة الترابية للمملكة المغربية . ولكن الدول الست الشقيقة أرادت أن تنفرد بموقفٍ شامخٍ يدخل التاريخ العربي المعاصر ، وتاريخ العلاقات الدولية .
وفي هذا الانفراد السياسي الذي يحسب لدول الخليج العربية ، تعزيزٌ للشراكة القائمة بينها و المغرب ، وترسيخٌ للعلاقات الوطيدة بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي وبين بلادنا ، وتقويةٌ للشراكة الاستراتيجية الشاملة والمتجددة بين الجانبين .
إن هذا الموقف الثابت الذي يتم التأكيد عليه وتجديده في مناسبات كثيرة ، يعد نموذجاً للسياسة العربية التي يجب أن تكون القاعدة الراسخة للنظام العربي ، في إطار جامعة الدول العربية ، التي تأسست قبل تسع و سبعين سنة ، لتكون في خدمة القضايا العربية وسنداً للدفاع عن المصالح الحيوية للدول الأعضاء ، ولكنها حادت عن هذه الأهداف وصارت هيكلاً بلا روح ، و جهازاً يكاد يكون عاجزاً عن تحقيق آمال الدول الأعضاء التي أصبحت اليوم إثنتين و عشرين دولة . ولذلك فإن النموذج العربي الخليجي للتعاون و للشراكة و للمساندة المتبادلة ، يتمثل اليوم في الموقف المشرف الذي اتخذته الدول الشقيقة الست حيال قضية الصحراء المغربية ، الذي يصح أن تحذو حذوه الدول العربية ، لترجمة مبادئ ميثاق جامعة الدول العربية و أهدافه ، إلى حقائق على الأرض ، تتجسد في التضامن العربي ، و الوفاق العربي، و الأخوة العربية، إسوة بدول مجلس التعاون الخليجي.
والشراكة الاستراتيجية الشاملة والمتجددة بين المملكة المغربية وبين دول الخليج العربي، هي النموذج الأمثل للتضامن الحقيقي وللمساندة القوية وللعلاقات الوطيدة القائمة على أساس خدمة المصالح المشتركة والاحترام المتبادل . وما الاعتراف المتجدد والمؤكد باستمرار بمغربية الصحراء و مساندة مقترح الحكم الذاتي والإشادة بالمبادرة الملكية الأفريقية الأطلسية، إلا صورة مشرقة للتعاون والشراكة اللذين يجمعان بين الجانبين.