2024 أكتوبر 22 - تم تعديله في [التاريخ]

مشروع‭ ‬القانون‭ ‬المالي‭ ‬الطموح.. مكرس‭ ‬بالأساس‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحدي


الافـتتاحية‭


الاستنتاج‭ ‬الأول‭ ‬الذي‭ ‬نخرج‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬القراءة‭ ‬المتأنية‭ ‬لمشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬،2025‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬‮ ‬مكرس‭ ‬بالأساس‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭ ‬وبذل‭ ‬أقصى‭ ‬الجهود‭ ‬لرفعها‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬تداعياتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬مع‭ ‬مواصلة‭ ‬البناء‭ ‬متعدد‭ ‬الامتدادات‭ ‬بثبات‭ ‬وتدرج‭ ‬وتحكم‭ ‬في‭ ‬المسار،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الاستقرار‭ ‬المجتمعي‭ ‬والانفتاح‭ ‬الوطني‭ ‬على‭ ‬آفاق‭ ‬العصر،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬استيعاب‭ ‬عميق‭ ‬للمتغيرات‭ ‬التي‭ ‬يعرفها‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬ومواكبة‭ ‬التحولات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬التي‭ ‬تنعكس‭ ‬على‭ ‬عمليات‭ ‬التنمية‭ ‬الشاملة‭ ‬المستدامة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬طبقاً‭ ‬للتصريح‭ ‬المقلق‭ ‬الذي‭ ‬أدلى‭ ‬به‭ ‬أنطونيو‭ ‬غوتيريش‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬خلال‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي،‭ ‬وقال‭ ‬فيه‭ ‬إن‭ ‬العالم‭ ‬يواجه‭ ‬أوقاتاً‭ ‬عصيبة‭ ‬ومضطربة‭.‬

وإذا‭ ‬كانت‭ ‬نادية‭ ‬فتاح‭ ‬وزيرة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والمالية،‭ ‬قد‭ ‬أتت‭ ‬على‭ ‬ذكر‭ ‬أربعة‭ ‬رهانات‭ ‬تمثل‭ ‬أهدافاً‭ ‬استراتيجية‭ ‬ستعمل‭ ‬الحكومة‭ ‬‮ ‬في‭ ‬إطارها‭ ‬خلال‭ ‬السنة‭ ‬القادمة،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬العرض‭ ‬الذي‭ ‬ألقته‭ ‬أمام‭ ‬البرلمان‭ ‬يوم‭ ‬السبت‭ ‬الماضي،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الرهانات‭ ‬متكاملة‭ ‬ومتداخلة‭ ‬ومتناغمة‭ ‬أيضاً‭ ‬،‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬سبيل‭ ‬لتجاوز‭ ‬أحدها،‭ ‬أو‭ ‬فصل‭ ‬بعضها‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬،‭ ‬نظراً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مواصلة‭ ‬تعزيز‭ ‬أسس‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وهي‭ ‬اليوم‭ ‬تتصدر‭ ‬قمة‭ ‬انشغالات‭ ‬الحكومة‭ ‬،‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬قناة‭ ‬توطيد‭ ‬دينامية‭ ‬الاستثمار، ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬الرهان‭ ‬الثاني،‭ ‬وتُفضي‭ ‬إلى‭ ‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬الشغل‭ ‬،‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬الرهان‭ ‬الثالث،‭ ‬‮ ‬وتعد‭ ‬مواصلة‭ ‬تنفيذ‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الهيكلية،‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬الرهان‭ ‬الرابع،‭ ‬حجرَ‭ ‬الزاوية‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الحكومي،‭ ‬وجزءاً‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬مشروع‭ ‬بناء‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬الحضارية‭ ‬الكبرى‭ . ‬ويأتي‭ ‬كسب‭ ‬هذه‭ ‬الرهانات‭  ‬موازاة‭ ‬مع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬استدامة‭ ‬المالية‭ ‬العمومية،‭ ‬وهي‭ ‬المعادلة‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬‮ ‬تتعبأ‭ ‬الحكومة‭ ‬للتعامل‭ ‬معها‭ ‬بالحكمة‭ ‬والحزم‭ ‬وبالجدية‭ ‬والإحساس‭ ‬العميق‭ ‬بالمسؤولية‭.‬

‮ ‬ولما‭ ‬كانت‭ ‬الحكومة‭ ‬عازمة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2025،‭ ‬تجسيداً‭ ‬للتوفيق‭ ‬الأمثل‭ ‬وللتوازن‭ ‬الأكمل‭ ‬بين‭ ‬الطموحات‭ ‬والإمكانات،‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الذي‭ ‬يسمح‭ ‬بتعزيز‭ ‬مناعة‭ ‬المنظومة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬فإن‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه،‭ ‬يشكل‭ ‬أحد‭ ‬التحديات‭ ‬الحادة‭ ‬والصادمة،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هو‭ ‬التحدي‭ ‬الأكبر‭. ‬بَيدَ‭ ‬أنه‭ ‬كما‭ ‬عرفت‭ ‬المملكة‭ ‬تحقيق‭ ‬تراكمات‭ ‬في‭ ‬حجم‭ ‬الإنجازات‭ ‬ومكتسبات‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬شملت‭ ‬المجالات‭ ‬كافة،‭ ‬فهي‭ ‬اليوم‭ ‬تمتلك‭ ‬ناصية‭ ‬القوة‭ ‬والقدرة‭ ‬وطول‭ ‬الخبرة‭ ‬وعمق‭ ‬التجربة،‭ ‬لاجتياز‭ ‬العقبات‭ ‬التي‭ ‬تعترض‭ ‬الطريق‭ ‬نحو‭ ‬الأمام،‭ ‬ولتذليلها‭ ‬وللحد‭ ‬من‭ ‬تأثيراتها‭.‬

ولعل‭ ‬سلسلة‭ ‬النجاحات‭ ‬التي‭ ‬أحرزت‭ ‬عليها‭ ‬الحكومة،‭ ‬خلال‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬ولايتها،‭ ‬سوف‭ ‬تكون‭ ‬محفزةً‭ ‬لتحقيق‭ ‬طموحات‭ ‬يتطلع‭ ‬المواطنون‭ ‬إلى‭ ‬ترجمتها‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬المعيش‭.‬

لقد‭ ‬عرفت‭ ‬المملكة،‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬المسار،‭ ‬توطيد‭ ‬الجهوية‭ ‬المتقدمة،‭ ‬وتسريع‭ ‬مختلف‭ ‬الأوراش‭ ‬المرتبطة‭ ‬بها،‭ ‬في‭ ‬تكامل‭ ‬تام‭ ‬وانسجام‭ ‬متناغم،‭ ‬مع‭ ‬سياسة‭ ‬اللاتمركز‭ ‬الإداري،‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬تحقيق‭ ‬مبدأ‭ ‬العدالة‭ ‬المجالية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬جسم‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬ويعزز‭ ‬الدينامية‭ ‬التنموية‭ ‬التي‭ ‬تعرفها‭ ‬مختلف‭ ‬جهات‭ ‬المملكة،‭ ‬لاسيما‭ ‬أقاليمنا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬التي‭ ‬خصها‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬وأيده،‭ ‬بنموذج‭ ‬تنموي‭ ‬جديد‭ ‬ومتفرد،‭ ‬صارت‭ ‬جل‭ ‬مشاريعه‭ ‬اليوم‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬المنطقة،‭ ‬ومثالاً‭ ‬للتنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬الجاذبة‭ ‬للاهتمام‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الدول‭ ‬الأفريقية‭ ‬بخاصة،‭ ‬ودول‭ ‬العالم‭ ‬بعامة‭.‬

‮ ‬إن‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬المعروض‭ ‬أمام‭ ‬البرلمان،‭ ‬والذي‭ ‬استند‭ ‬إلى‭ ‬التوجيهات‭ ‬الملكية‭ ‬السديدة،‭ ‬و‭‬قام‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬البرنامج‭ ‬الحكومي،‭ ‬يعكس‭ ‬المستوى‭ ‬العالي‭ ‬من‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬رفع‭ ‬التحديات‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية،‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬وطني‭ ‬استثنائي،‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬يستجيب‭ ‬للتحديات‭ ‬القائمة‭ ‬التي‭ ‬يتوجب‭ ‬التصدي‭ ‬لها‭ ‬عبر‭ ‬التنفيذ‭ ‬الحازم‭ ‬والفوري‭ ‬للتوجيهات‭ ‬الملكية‭ ‬التي‭ ‬بها‭ ‬تستنير‭ ‬الحكومة،‭ ‬وفي‭ ‬ضوئها‭ ‬تمضي‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬البناء‭ ‬و‭ ‬النماء‭ ‬اللذين‭ ‬لا‭ ‬يتوقفان‭.‬

‮ ‬فهذا‭ ‬إذن،‭ ‬مشروع‭ ‬طموح‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحدي،‭ ‬يعكس‭ ‬دينامية‭ ‬الإصلاح‭ ‬والتحديث‭ ‬والعصرنة‭ ‬والانفتاح‭ ‬على‭ ‬آفاق‭ ‬التقدم‭ ‬والازدهار،‭ ‬قصد‭ ‬امتلاك‭ ‬ناصيتهما‭.‬

العلم



في نفس الركن