2024 نونبر 11 - تم تعديله في [التاريخ]

مسؤولية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لطي‭ ‬ملف‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬أقرب‭ ‬الآجال‭ ‬


العلم الإلكترونية - الرباط 

رغم‭ ‬الأهمية‭ ‬البالغة‭ ‬التي‭ ‬يكتسيها‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬السامي‭ ‬بمناسبة‭ ‬الذكرى‭ ‬التاسعة‭ ‬و‭ ‬الأربعين‭ ‬لانطلاق‭ ‬المسيرة‭ ‬الخضراء،‭ ‬فإن‭ ‬فقرة‭ ‬متميزة‭ ‬من‭ ‬الخطاب‭ ‬تستوقف‭ ‬النظر‭ ‬و‭ ‬تستدعي‭ ‬الانتباه‭. ‬لقد‭ ‬قال‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬و‭ ‬أيده،‭ ‬في‭ ‬عبارات‭ ‬قوية‭ ‬و‭ ‬واضحة‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬مزيد‭ ‬عليه‭ (‬لقد‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لتتحمل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬مسؤوليتها،‭ ‬و‭ ‬توضح‭ ‬الفرق‭ ‬الكبير‭ ‬بين‭ ‬العالم‭ ‬الحقيقي‭ ‬و‭ ‬الشرعي‭ ‬الذي‭ ‬يمثله‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬صحرائه‭ ‬،‭ ‬وبين‭ ‬عالم‭ ‬متجمد‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭ ‬و‭ ‬تطوراته‭). ‬و‭ ‬تحيل‭ ‬هذه‭ ‬الفقرة‭ ‬المحورية‭ ‬،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬مستهل‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬السامي،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ( ‬المغرب‭ ‬قد‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬ترسيخ‭ ‬واقع‭ ‬ملموس‭ ‬و‭ ‬حقيقة‭ ‬لا‭ ‬رجعة‭ ‬فيها‭ ‬،‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬الحق‭ ‬و‭ ‬المشروعية‭ ‬والالتزام‭ ‬والمسؤولية‭) ‬،‭ ‬وذلك‭ ‬منذ‭ ‬الشوط‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬المسيرة‭ ‬الخضراء‭ ‬المظفرة‭ ‬،‭ ‬التي‭ ‬مكنت‭ ‬من‭ ‬استرجاع‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭ ‬و‭ ‬عززت‭ ‬ارتباط‭ ‬سكانها‭ ‬بالوطن‭ ‬الأم‭ .‬
 
فما‭ ‬هي‭ ‬إذاً‭ ‬،‭ ‬المسؤولية‭ ‬التي‭ ‬تتحملها‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬،‭ ‬وحان‭ ‬الوقت‭ ‬لتوضح‭ ‬الفرق‭ ‬الكبير‭ ‬بين‭ ‬العالم‭ ‬الحقيقي‭ ‬والشرعية‭ ‬الذي‭ ‬يمثله‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬صحرائه‭ ‬،‭ ‬وبين‭ ‬عالم‭ ‬متجمد‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭ ‬وتطوراته‭ ‬؟‭ .‬
 
و‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬يشمل‭ ‬،‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬،‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬اللجنة‭ ‬الرابعة‭ ‬المتفرعة‭ ‬عنها‭ ‬المختصة‭ ‬بتصفية‭ ‬الاستعمار‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ . ‬و‭ ‬التركيز‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬ينصب‭ ‬على‭ ‬اللجنة‭ ‬الرابعة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬عن‭ ‬مناقشة‭ ‬ملف‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭ ‬،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬يندرج‭ ‬،‭ ‬حسب‭ ‬رأي‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬،‭ ‬ضمن‭ ‬قائمة‭ ‬الأراضي‭ ‬غير‭ ‬المتمتعة‭ ‬بالحكم‭ ‬الذاتي‭ . ‬ويرجع‭ ‬تداول‭ ‬قضية‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬اللجنة‭ ‬الرابعة‭ ‬،‭ ‬إلى‭ ‬منتصف‭ ‬ستينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬،‭ ‬وعرف‭ ‬نوعاً‭ ‬من‭ ‬التصعيد‭ ‬،‭ ‬بعد‭ ‬مضي‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ‭ ‬،‭ ‬أي‭ ‬خلال‭ ‬المسيرة‭ ‬الخضراء‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬الفترات‭ ‬التي‭ ‬أعقبتها‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ .‬
 
وليس‭ ‬مما‭ ‬يتفق‭ ‬مع‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬مع‭ ‬مقاصد‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬،‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قرارات‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬2007‭ ‬،‭ ‬تنبني‭ ‬على‭ ‬المبادرة‭ ‬المغربية‭ ‬للحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬للصحراء‭ ‬تحت‭ ‬السيادة‭ ‬المغربية‭ ‬،‭ ‬وأن‭ ‬تبقى‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬مدرجة‭ ‬ضمن‭ ‬أجندة‭ ‬الاجتماعات‭ ‬المتعاقبة‭ ‬للجنة‭ ‬تصفية‭ ‬الاستعمار‭ ‬؟‭ .‬
 
لقد‭ ‬تمت‭ ‬تصفية‭ ‬الاستعمار‭ ‬في‭ ‬الأقاليم‭ ‬الجنوبية‭ ‬للمملكة‭ ‬المغربية،‭ ‬قبل‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬إلا‭ ‬سنة،‭ ‬وذلك‭ ‬بموجب‭ ‬اتفاقية‭ ‬مدريد‭ ‬لسنة‭ ‬1975،‭ ‬وهي‭ ‬الاتفاقية‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬العنوان‭ ‬الرئيس‭ (‬الاتفاق‭ ‬الثلاثي‭ ‬لتصفية‭ ‬الاستعمار‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭)‬،‭ ‬المبرم‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬14‭ ‬نوفمبر‭ ‬سنة‭ ‬1975،‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وموريتانيا‭ ‬و‭ ‬إسبانيا‭ ‬الدولة‭ ‬القائمة‭ ‬بالاحتلال‭. ‬ولما‭ ‬انسحبت‭ ‬نواكشوط‭ ‬من‭ ‬المنطقة‭ ‬،‭ ‬استرجع‭ ‬المغرب‭ ‬إقليم‭ ‬وادي‭ ‬الذهب‭ ‬في‭ ‬14‭ ‬غشت‭ ‬سنة‭ ‬1979‭ ‬،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أفشل‭ ‬تحالفاً‭ ‬بين‭ ‬البوليساريو‭ ‬و‭ ‬النظام‭ ‬الموريتاني‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العهد‭.‬
 
فهل‭ ‬يعقل‭ ‬أن‭ ‬تنسحب‭ ‬الدولة‭ ‬القائمة‭ ‬بالاحتلال‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الصحراوية‭ ‬المغربية،‭ ‬بموجب‭ ‬اتفاقية‭ ‬مدريد،‭ ‬وأن‭ ‬يظل‭ ‬هذا‭ ‬الإقليم‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬اللجنة‭ ‬الرابعة‭ ‬على‭ ‬قائمة‭ ‬الأراضي‭ ‬غير‭ ‬المتمتعة‭ ‬بالحكم‭ ‬الذاتي،‭ ‬و‭ ‬تناقش‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬؟‭ .‬
 
و‭ ‬الرسالة‭ ‬،‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬وفي‭ ‬جميع‭ ‬الأحوال‭ ‬،‭ ‬موجهة‭ ‬إلى‭ ‬أنطونيو‭ ‬غوتيريش‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يعين‭ ‬مبعوثاً‭ ‬شخصياً‭ ‬إلى‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تحريرها‭ ‬على‭ ‬مرحلتين‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬1975‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬1979‭ . ‬فإلى‭ ‬متى‭ ‬سيستمر‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬غير‭ ‬الطبيعي‭ ‬المخالف‭ ‬لطبائع‭ ‬الأشياء‭ ‬و‭ ‬لمنطق‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث‭ ‬و‭ ‬المعاصر‭ ‬؟‭ .‬
 
إن‭ ‬الصراحة‭ ‬و‭ ‬المسؤولية‭ ‬تحتمان‭ ‬أن‭ ‬نسمي‭ ‬الأشياء‭ ‬بأسمائها،‭ ‬وأن‭ ‬نكشف‭ ‬عن‭ ‬الحقائق‭ ‬التزاماً‭ ‬منا‭ ‬بمبادئ‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬،‭ ‬واستناداً‭ ‬إلى‭ ‬الحق‭ ‬و‭ ‬المشروعية،‭ ‬واعتماداً‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الشرعي‭ ‬والطبيعي‭ .‬لأن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬تبني‭ ‬حساباتها‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬نقيض‭ ‬عالم‭ ‬المغرب‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬إنما‭ ‬هو‭ ‬عالم‭ ‬آخر‭ ‬منفصل‭ ‬عن‭ ‬الحقيقة،‭ ‬ما‭ ‬يزال‭ ‬يعيش‭ ‬على‭ ‬أوهام‭ ‬الماضي‭ ‬،‭ ‬ويتشبث‭ ‬بأطروحات‭ ‬تجاوزها‭ ‬الزمن‭. ‬ولسنا‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬القول‭ ‬،‭ ‬إنه‭ ‬عالم‭ ‬الجزائر‭ ‬ومن‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬فلكها‭ ‬،‭ ‬أو‭ ‬يتبنى‭ ‬سياستها‭ ‬المعادية‭ ‬للشرعية‭ ‬الدولية،‭ ‬و‭ ‬المهددة‭ ‬للأمن‭ ‬و‭ ‬السلم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬الحساسة‭ ‬من‭ ‬القارة‭ ‬الأفريقية‭ .‬
 
والحق‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬مراء‭ ‬فيه،‭ ‬أن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬أميناً‭ ‬عاماً‭ ‬ولجنة‭ ‬تصفية‭ ‬الاستعمار‭ ‬ومجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لتمييز‭ ‬بين‭ ‬العالم‭ ‬الحقيقي‭ ‬والشرعي‭ ‬الذي‭ ‬يمثله‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬صحرائه،‭ ‬وبين‭ ‬عالم‭ ‬متجمد‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭ ‬وتطوراته،‭ ‬و‭ ‬هو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يعني‭ ‬القطيعة‭ ‬مع‭ ‬الأوهام‭ ‬السياسية،‭ ‬ومع‭ ‬التناقضات‭ ‬القانونية،‭ ‬ومع‭ ‬الحسابات‭ ‬المبتسرة‭ ‬والخاطئة،‭ ‬وذلك‭ ‬حتى‭ ‬تستقيم‭ ‬الأمور،‭ ‬وتسير‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬الصحيح‭ ‬الذي‭ ‬يفضي‭ ‬إلى‭ ‬طي‭ ‬ملف‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية،‭ ‬وسحبه‭ ‬من‭ ‬اللجنة‭ ‬الرابعة‭ ‬،‭ ‬والتوصل‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬سياسي‭ ‬واقعي‭ ‬و‭ ‬ذي‭ ‬مصداقية‭ ‬و‭ ‬مستدام‭ ‬،‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬التوافق‭. ‬وتلك‭ ‬هي‭ ‬ركائز‭ ‬المبادرة‭ ‬المغربية‭ ‬للحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬تحت‭ ‬السيادة‭ ‬المغربية‭ ‬،‭ ‬التي‭ ‬تعترف‭ ‬بها‭ ‬مائة‭ ‬و‭ ‬أربع‭ ‬عشرة‭ (‬114‭) ‬دولة‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬القائمة‭ ‬في‭ ‬تزايد‭ ‬وفق‭ ‬دينامية‭ ‬مطردة‭ ‬الحركة‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ . ‬



في نفس الركن