العلم الإلكترونية - سمير زرادي
المغرب يقدم كفاءاته على طبق من ذهب لبعض البلدان
خصصت النائبة البرلمانية مديحة خيير حيزا مهما خلال مناقشة مشروع القانون المالي لملف مقلق على المستوى الاقتصادي ويتعلق بالعلاقة بين المؤسسات العمومية والمقاولات الصغرى والمتوسطة.
وقالت النائبة عضو الفريق الاستقلالي ان الشركات الكبرى للدولة لا تفتح المجال للمقاولات سالفة الذكر، ليس لأنها لا تريد ذلك، بل بسبب قوانين تطبقها فيتم قطع الطريق على المقاولات لولوج طلبات العروض للدولة، كطلب الشواهد المرجعية، ورقم المعاملات والذي يجب ان يكون موازيا للقيمة التقديرية للمشروع، والتعقيد المماثل للمشروع، وهذه الشروط في تقديرها رغم التنصيص عليها قانونا إلا انها تشكل حاجزا أمام المقاولات وتسد امامها الطريق للمشاركة في طلبات العروض، لتدعو وزيرة المالية والوزير المنتدب المكلف بالميزانية الى ضرورة اعادة النظر في مرسوم الصفقات العمومية وتنزيل تعديلات تسهل ولوج المقاولات الصغرى والمتوسطة لطلبات العروض والمساهمة في المشاريع.
وتساءلت في ضوء ذلك عن الرؤية التي يمكن ان تحل هذه المعضلة، والاجراءات الفورية لإنقاذ الشركات التي تعاني من الالتزامات المالية مع المؤسسات البنكية وفق تعاقدات أُبرمت قبل أزمة كوفيد 19، كما أنها تعاني الويلات مع المزودين حيث يتوجب تسديد مستحقاتهم في الآجال القانونية.
استفسار آخر وجهته النائبة البرلمانية مديحة خيير تمحور حول آجال الأداء، حيث من الواضح ان المؤسسات العمومية حسنت من آجال الاداء ولكن الى حدود اليوم تعاني الشركات من مدة الانتظار الطويلة لتسلم مستحقاتها من المؤسسات العمومية لأزيد من 380 يوم.
فكيف للمقاول إذن أن يصمد 380 يوم ويسدد أجور العمال والنفقات والالتزامات البنكية وواجبات تمدرس الأبناء وغير ذلك؟
فأمام هذا يجد نفسه مضطرا للتصريح بالإفلاس والإغلاق، وتسريح العمال وإيقاف تمدرس الابناء، داعية بالتالي المؤسسات العمومية الى تسديد المستحقات في الآجال المحددة والمتمثلة في 60 او 90 يوما.
الوزير المكلف بالميزانية خلال تعقيبه على كافة المداخلات أثار هذا الملف حيث اعتبر ملاحظات النائبة البرلمانية جوهرية، وان من شأن علاج هذه الاشكالية إعطاء جرعة أوكسجين للمقاولات وتسريع عجلة الاقتصاد، معربا الاستعداد لإحالة المرسوم المذكور قصد تحسينه واستدراك الثغرات والنقائص.
هذا وقد افادت النائبة البرلمانية مديحة خيير ان جائحة كورونا خلفت انعكاسات سلبية على بعض الشركات الكبرى والتي تضررت مباشرة على غرار المكتب السككي والمكتب الوطني للمطارات والشركة الوطنية للطرق السيارة، حيث طالبت بايلائها الأولوية قصد تخطي أزمتها المالية الخانقة، مثل المكتب الوطني للمطارات الذي كان يسجل قبل الأزمة الصحية نموا في مؤشراته المالية، وباشر استثمارات ضخمة على مستوى المطارات ما ساهم في رفع الطاقة الاستيعابية للسياح بشكل ملحوظ، لكن في ظل الأزمة تضاعفت نسبة الدين وانهارت مختلف المؤشرات بشكل حاد، وانخفض عدد المسافرين ب72 في المائة في 2020، كما سيكون هذا المؤشر سالبا في 2021، مما سيمنعه من مواصلة أنشطته في ظروف مالية مريحة، لتدعو الى مرور هذا المكتب ومكاتب أخرى الى شركات مساهمة قصد تحقيق الأثر الجيد على الصحة المالية وعلى الاقتصاد فيما يخص الطيران المدني، مضيفة ان النموذج التنموي الجديد في حد ذاته يعتبر فرصة لمنح المطارات مزيدا من الاستقلالية في التدبير، وخلق مزيد من الوحدات الانتاجية والصناعية، كما سيشكل فرصة لإحداث مناصب الشغل ودعم الكفاءات في اطار تكريس الابتكار والإبداع على صعيد مهن المطارات والطيران المدني، بحيث تكون الأهداف المهمة حسب قولها هي تحسين المستوى الحكامي لمكتب المطارات، وإعادة التفكير في استقبال المسافرين دعما للسياحة الوطنية، خاصة عن طريق رقمنة مسارهم في فترة الذروة والتي تشهد بروز عدد من الاشكالات.
فتح مطار بني ملال واعتماد رحلات منخفضة التكلفة
وسجلت بعد ذلك ان مطار بني ملال عرف رصد ميزانية مهمة قصد بنائه وتوفير تجهيزاته ومرافقه، لكنه يواجه مصيرا صعبا وكأنه فُتح ليُغلق، حيث اعتمدت شركة الخطوط الملكية خطا واحدا وبسعر لا يُسعف قدرة المسافرين، مذكرة ان جالية مهمة بايطاليا تنحدر من مدن بني ملال وقصبة تادلة والفقيه بنصالح واولاد يوسف واولاد سعيد، وكذا خنيفرة ودمنات إذ تشكل25 في المائة من مجموع مغاربة العالم، ومن حقها ان تأخذ الرحلة من طورينو وميلانو نحو بني ملال مباشرة وليس نحو مراكش او الدارالبيضاء، حيث يزيد ذلك من عناء السفر بالنسبة للمهاجرين المغاربة ومن محنتهم للتوجه الى مساكنهم، مضيفة ان هذه المعاناة تثني المغاربة عن القدوم للمغرب في مثل هذه الظروف، ومن شأن فتح المطار واعتماد رحلات منخفضة التكلفة ان يخلف ارتياح الجالية المنحدرة من هذه المناطق ويحفزها على السفر، وينعش كذلك القطاح السياحي خاصة وان المنطقة تزخر بمواقع جاذبة.
تحفيز الكفاءات المغربية والحد من نزيف الهجرة
ملف آخر تطرقت إليه النائبة الاستقلالية تمثل في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، حيث اوضحت ان البرنامج الحكومي أدرج عددا من الكليات والمعاهد لتعبر عن الأمل في أن يشمل احداها كلية الطب خاصة في المناطق التي تعبر عن الحاجة الماسة اليها كبني ملال مثلا او الراشيدية، اعتبارا ان ساكنة مثل هذه المناطق تتحمل عناء التنقل الى الرباط او الدارالبيضاء او مراكش رغم ضعف امكانياتها المادية، مضيفة ان هذا التوجه سيحقق لها الانصاف على مستوى التعليم العالي والبحث العلمي.
كما افادت ان بعض الطلبة الحاصلين على الدبلوم المزدوج في مجال الهندسة مثلا او حقول علمية أخرى لا يعودون بعد إنهاء الدراسة في الخارج، وهكذا فان المغرب يقدم كفاءاته على طبق من ذهب لدول مثل ألمانيا وفرنسا، لذا وجب من جهة رصد رواتب تحفيزية لهم تليق بمستوى تعليمهم حتى يلتزموا بالعمل في بلدهم، ومن جهة ثانية الحد من نزيف هجرة الكفاءات الثمينة للمغرب.