2025 مارس 23 - تم تعديله في [التاريخ]

مأسسة مقاربة النوع في دستور 2011..


العلم – بقلم عبد الحميد العباس

إن الحرص على تمكين المرأة من كافة حقوقها، يعد من المشاريع المجتمعية التي عملت بلادنا على الاهتمام بالعمل على تجسيدها على أرض الواقع منذ الاستقلال، وذلك تجاوزا للآراء الجامدة و التقاليد المضرة بها والمخالفة لقواعد الشريعة الإسلامية، فقد أكد المغفور له الملك محمد الخامس أمام أعضاء لجنة مدونة الأحوال الشخصية، بتاريخ 19 أكتوبر 1957 على "أن أكبر وسيلة لجعل مجتمعنا المغربي سعيدا، هو إقامة شرعية العدل بين أفراده، وضمان حقوقهم وصيانة حرياتهم، ولا يخفى أننا أمة عريقة في ميدان التشريع تملك من ذلك ثروة تغنينا عن اتخاذ قوانين موضوعة لدول أخرى، غير أن ما ينقص هذه الثروة، هو إظهارها بالمظهر الحقيقي لها، بعيدة عما علق بها من تأويلات عقيمة وعادات فاسدة، أصبحت بحكم تداولها من مضافات الشريعة الإسلامية و معدودة منها، وقد أخر بعض تلك المضافات تطور البلاد و رقيها".
 
ويتبين لنا من الخطاب الملكي، أن الدولة المغربية، كانت واعية منذ زمن طويل، أن بعض ما ورثناه من موروث فقهي، بخصوص موضوع المرأة مجرد تأويلات وعادات فاسدة علقت بالشرع الإسلامي، معرقلة تطور المجتمع، كما نستنتج أن الخطاب قد حث اللجنة على اعتماد البعد المقاصدي، بعبارة أن أكبر وسيلة لجعل المجتمع سعيدا، بمعنى أن الغاية من التعديل هو سعادة المجتمع، هذا بالإضافة إلى التوجيه بإعمال ملكة الاجتهاد و إظهار الدين الإسلامي بنوره الحقيقي و تجاوز تأويلات فقهية جامدة مخالفة لشرع الله، الذي تبقى غايته الأسمى تحقيق العدل بين كل أفراد المجتمع.
 
واستمرارا على نفس النهج، فقد أولى جلالة الملك محمد السادس نصره الله، منذ توليه عرش المملكة، عناية ورعاية خاصة لقضية المرأة، فأبدى جلالته إرادة قوية وواضحة في تحسين أوضاع المرأة وإصلاح شؤون الأسرة، متسائلا في خطابه السامي بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين لثورة الملك والشعب، 20 غشت 1999 "كيف يتصور بلوغ رقي المجتمع وازدهار، والنساء اللائي يشكلن زهاء نصفه، تهدر مصالحهن، في غير مراعاة لما يمنحهن الدين الحنيف من حقوقهن بها شقائق الرجال".
 
فما هي الشروط التي أقرها المشرع الدستوري في تعديل سنة 2011 والتأصيل لمقاربة النوع؟
 
جاء دستور 2011 بمجموعة من الحقوق والواجبات لفائدة المرأة المغربية وردت كما يلي:
 
■ مبدأ المساواة بين الرجال و النساء في الحقوق و الواجبات و الحريات، وتسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة و التمييز الإيجابي لصالح النساء في مجال الولوج إلى الوظائف العمومية و المشاركة في الحياة الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية (الباب الأول الفصل6 و الباب الثاني الفصل 9)
 
■ الحق في تقديم اقتراحات في مجال التشريع وتقديم العرائض (الباب الأول الفصل14 و 15)
 
■ مبدأ حماية الحقوق و المصالح المشروعة للمواطنين و المواطنات المغاربة في الخارج (الباب الأول الفصل 16)
 
■ تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء و الرجال في ولوج الوظائف الانتخابية (الفصل 30)
 
■ السلطة القضائية، ضرورة تمثيل النساء القاضيات من بين الأعضاء المنتخبين للمجلس الأعلى للسلطة القضائية (الفصل 115)
 
■ إحداث هيئة مكلفة بالمناصفة و محاربة جميع أشكال التمييز
 
وهكذا يتضح بأن هنالك إرادة سياسية عليا، لترسيخ المساواة بين الجنسين، عبر تبني مطلب دسترة المساواة، ويبقى الرهان الأكبر هو تفعيل هذه المقتضيات على أرض الواقع، ومواكبة الإرادة الملكية، التي تروم في المحصلة رقي المجتمع وتطوره.



في نفس الركن