2024 يناير 17 - تم تعديله في [التاريخ]

لا نداء يعلو فوق نداء: أوقفوا الحرب في غزة والضفة الغربية وأغيثوا الشعب الفلسطيني


افـتتاحية "جريدة العلم"


تحيل القضية التي تنظر فيها محكمة العدل الدولية خلال هذه الأيام، على القضية التي نظرت فيها قبل عشرين سنة حول جدار الفصل العنصري الذي أقامته إسرائيل في الضفة الغربية بالقرب من الخط الأخضر وابتدأ العمل فيه  يوم 23 يونيو سنة 2002. وهي القضية التي أثارت ضجة واسعة، وانتهت بالفتوى التي أصدرتها محكمة العدل الدولية في يوم 9  يوليوز سنة 2004، بعدم قانونية جدار العزل هذا، وطالبت المحكمة في فتواها، إسرائيل بوقف البناء فيه.

ولكن الحكومة الإسرائيلية لم تعمل بفتوى المحكمة التابعة للأمم المتحدة ولم تحفل بها وتجاهلتها تماماً كما تتجاهل إسرائيل قرارات مجلس الأمن الدولي، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة. والجدار العنصري لا يزال قائماً، وكان ولا يزال الهدف منه، منع دخول المواطنين الفلسطينيين إلى إسرائيل أو المستوطنات القريبة.

وهو الأمر الذي يعني، بالوضوح المطلق، أن اللجوء إلى محكمة العدل الدولية لا يحقق هدفاً من الأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني، ولا يرجى منه حل القضية الفلسطينية على أي نحو من الأنحاء، لأن إسرائيل دولة باطشة لا تعترف بالمؤسسات الدولية، ولا تلتزم بالقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

وتلك هي العقدة في المشكلة القائمة منذ أكثر من سبعين سنة، والتي لم يفلح المجتمع الدولي في حلها وتسويتها وإنهاء الصراع الدائر حولها، بين الشعب الفلسطيني وبين الدولة العبرية القائمة بالاحتلال للأراضي الفلسطينية منذ سنة 1948.

ومن أجل إنصاف الشعب الفلسطيني وإخراجه من الأزمة العاتية التي يعانيها جراء العدوان الإسرائيلي المستمر الذي انطلق يوم 7 أكتوبر الماضي، فإن كل جهد يبذل لوقف هذا العدوان يجب أن يركز أساساً على وقف الحرب العدوانية المدمرة في قطاع غزة الفلسطيني، وعلى الأعمال  العسكرية التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، فتقتل وتبيد وتدمر وتعتقل  المواطنين الفلسطينين، ليس منذ اليوم السابع من أكتوبر المنصرم، بل منذ أن احتلت إسرائيل الضفة الغربية في يوم 4 يونيو سنة 1967.

إن الحل العاجل للمشكلة الفلسطينية اليوم، هو وقف إطلاق النار فوراً ودون إبطاء، وإدخال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة المحاصر، والذي لم يعد يصلح للعيش، حسب تقارير المنظمات التابعة للأمم المتحدة التي تراقب الوضع وترصد الجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي.

فلا وقت اليوم للتحليلات والتنظيرات، ولا للبحث في السيناريوهات والمقترحات، ولا لرسم خريطة الطريق لما بعد الحرب، ولا للتفكير من الآن في اليوم التالي، وإنما المطلوب في هذه الفترة العصيبة، العمل على وقف الحرب اليوم وليس غداً، لإنقاذ المواطن الفلسطيني من الموت والجوع والمرض والدمار الذي لا يدانيه دمار منذ الحرب العالمية الثانية، ولا ينبغي أن ينشغل المجتمع الدولي بمسألة غير السعي الحثيث لوضع حد لهذه الحرب المدمرة التي يذهب ضحيتها الشعب الفلسطيني، ولا يجد من ينقذه من ويلاتها.

وأمام أهوال الحرب الوحشية التي تدمر قطاع غزة الفلسطيني، تبطل لغة الكلام  ما عدا النداء الذي يجب أن يرفع في كل مكان، أوقفوا الحرب في الأراضي الفلسطينية، وأغيثوا الشعب الفلسطيني الذي يتجرع مرارة العيش في ظل القصف المتواصل من الطيران الحربي الإسرائيلي ومن مدافعه التي توغلت في قطاع غزة، حتى لم يبق موضع واحد آمناً.

فإذا خرجت محكمة العدل الدولية بفتوى تتلخص في نداء (أوقفوا الحرب في غزة والضفة الغربية فوراً) الموجه لإسرائيل، فستكون المحكمة الدولية قد أيدت قانونية هذا النداء، ووقفت إلى جانب الشعب الفلسطيني وساندته، وإلا ستصاب الإنسانية بخيبة الأمل وتذهب الجهود المبذولة سُدًى، وتستمر إسرائيل في عدوانها وعتوها وإجرامها وتحديها للعالم أجمع.

نعم، أوقفوا الحرب المجنونة في قطاع غزة والضفة الغربية الفلسطينيتين فوراً، وأغيثوا الشعب الفلسطيني قبل أن يُباد. 

العلم



في نفس الركن