العلم الإلكترونية - بقلم بدر بن علاش
تساءل صاحب برنامج "الاتجاه المعاكس" على صفحته الفايسبوكية "أليس من العار أن يساند نظام الجزائر اسبانيا ضد المغرب؟" بمناسبة تحفظ ممثل النظام الجزائري العسكري على قرار البرلمان العربي الداعم للمغرب ،والرافض لإدانة البرلمان الأوروبي للمملكة في واقعة الهجرة التي عرفتها مدينة سبتة المحتلة.
تساءل صاحب برنامج "الاتجاه المعاكس" على صفحته الفايسبوكية "أليس من العار أن يساند نظام الجزائر اسبانيا ضد المغرب؟" بمناسبة تحفظ ممثل النظام الجزائري العسكري على قرار البرلمان العربي الداعم للمغرب ،والرافض لإدانة البرلمان الأوروبي للمملكة في واقعة الهجرة التي عرفتها مدينة سبتة المحتلة.
وفي ذات السياق تداول كثيرون مقطع فيديو يظهر رئيس الوفد الأردني بالبرلمان نفسه،و الذي صدم من مثل هاته المواقف الغريبة و العجيبة التي تساند الخصوم،مطالبا الممثل الجزائري المغلوب على أمره مراجعة قراره غير المؤثر أصلا، معتبرا ذلك بمثابة خيانة للوحدة العربية.
هذان الموقفان،وإن اختلفا في الزمان و في المكان،فإنهما التقيا في صلب فكرة طالما عبر عنها المغاربة، قيادة و شعبا،وفي مناسبات عدة،وهي أن الجغرافيا لم تنصف مملكة 12 قرنا عندما وضعتها إلى جانب جار لذوذ تحكمه طغمة من العسكر الذين لا هم لهم سوى محاولات النيل من مصالح بلدنا،جار بأفكار شيطانية،وقلب أشد حلكة من السواد، لا يمل ولا يكل من الإساءة و الضغينة،وحتى إن سقط في الحفر التي يحفرها،يكابر من جديد لحفر حفر أخرى يعلم جيدا بأنه أول من سيقع فيها، جار يرد الجميل بنقيضه،وإذا ما مددت له يدك لفتح صفحة جديدة،فإنه يعتبر الأمر هزيمة منك،فلا يتردد في إغلاقها بشكل بليد ليعيش مجددا داخل مستنقعه المليء بالأحقاد والشرور والضغائن.
وإذا كان الكثير ممن نشاركهم لغة "الضاد" استغربوا هذا الموقف البئيس،فلا عجب لنا نحن المغاربة من هذا،بل نعتبر الأمر عاديا و منسجما تمام الانسجام مع عقيدة راسخة في نظام مشلول ومرفوض من قبل شعب يخرج بالملايين طمعا في التغيير و الانعتاق من نظام عسكري متهالك.
إن المغرب بفضل سياسته الديبلوماسية الواقعية بقيادة جلالة الملك محمد السادس،أكد للعالم مرارا أنه بلد لا يركع ولا يقهر، بلد بكامل سيادته يتعامل ندا للند،ولا يتلقى التعليمات ولا الأوامر الفوقية،وهنا أستحضر ما قاله لي أحد أصدقائي من بلد مشرقي عندما سألني كيف للمغرب أن يستدعي سفيرته في ألمانيا التي وقفت في وجه العالم في حربين عالميتين،ألمانيا أحد بلدان المجموعة الصناعية السبع التي يقام لها و يقعد ؟ و كيف له أن يواجه اسبانيا المدعومة من قبل الاتحاد الأوروبي إثر استقبالها لزعيم عصابة البوليساريو "ابن بطوش" ؟وقبل ذلك إغلاقه للحدود الوهمية لوقف التهريب من المدينتين السليبتين سبتة و مليلية، وكيف لوزير خارجيتنا ناصر بوريطة أن يخلق الحدث مرارا بتصريحات قوية و واقعية، وصادمة للخصوم التي لا تترك لهم مجالا للمراوغة أو التهرب من مسؤوليتهم؟
فكان الجواب في الحين،وبدون أي تردد،بأن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس،مغرب وضع لنفسه خارطة طريق واضحة،أساسها المصارحة و المكاشفة،و لن يكون لقمة سائغة في ساحة دولية تشابكت فيها خيوط المصالح إلا ندا للند ،ومترفعا عن لعب الصغار،ومؤمنا أن المصالح بين البلدان المتبادلة لا تكون بالانتقائية ،و لا مجال فيها للمناطق الرمادية، وإنما "يا بيض يا اسود" كما قال الفنان القدير عادل إمام في إحدى مقاطع مسرحيته الشهيرة "شاهد ماشفش حاجة".
مغرب ينظر للمستقبل ببعد نظر،يمد يده البيضاء دوما بلا خداع و لا مكر، لكن كما يقال "البادي أظلم"،وكل من يحاول النيل منه على حين غرة، يرد له الصاع صاعين،مغرب مؤمن أشد الإيمان بأن واجب الجوار يقتضي الاحترام المتبادل،والتعاون المشترك لما فيه خير للشعوب،و لا مجال فيه للنفاق السياسي والضرب تحت الحزام.
إن ما صدر عن ممثل الجار اللذوذ،لن يكون الأول ولا الآخر،حتى ولو جر عليهم سخرية العالم،فالمغرب تعود على ألاعيب الفئران،ومكر الثعالب،و غدر وخيانة الأقربين،لكن كما يقول الروائي والقاص والصحفي الفلسطيني غسان كنفاني " إن الخيانة في حد ذاتها ميتة حقيرة ".