2024 أكتوبر 27 - تم تعديله في [التاريخ]

كبح جماح الأسعار في مقدمة اهتمامات الحكومة

مقاربة‭ ‬جديدة‭ ‬تتجاوز‭ ‬أخطاء‭ ‬الماضي‭ ‬و‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬بنية‭ ‬سلاسل‭ ‬الإنتاج


العلم الإلكترونية - الرباط 

حظيت‭ ‬قضية‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الاستهلاكية‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬الداخلية‭ ‬باهتمام‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬الدقيقة‭ ‬،التي‭ ‬تجتازها‭ ‬بلادنا‭ ‬،‭ ‬بأن‭ ‬اتخذت‭ ‬رزمة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬التدابير‭ ‬و‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬كبح‭ ‬جماح‭ ‬هذه‭ ‬الأسعار،‭ ‬وهي‭ ‬التدابير‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬لها‭ ‬نتائج‭ ‬إيجابية‭ ‬على‭ ‬ضبط‭ ‬وتراجع‭ ‬كثير‭ ‬منها،‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أنها‭ ‬انتبهت‭ ‬بصفة‭ ‬مبكرة‭ ‬جدا‭ ‬إلى‭ ‬التداعيات‭ ‬المحتملة‭ ‬على‭ ‬الأسعار‭ ‬بسبب‭ ‬تقلبات‭ ‬أسعار‭ ‬المحروقات،‭ ‬خصوصا‭ ‬الغازوال‭ ‬والبنزين،‭ ‬وانتظمت‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬ذلك‭ ‬بتقديم‭ ‬دعم‭ ‬مالي‭ ‬مباشر‭ ‬لمهنيي‭ ‬النقل‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬ونصف،‭ ‬وتكفي‭ ‬الإشارة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قيمة‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬وصلت‭ ‬خلال‭ ‬الثمانية‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬السنة‭ ‬إلى‭ ‬1‭,‬5‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬أوفت‭ ‬بجميع‭ ‬التزاماتها‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالحوار‭ ‬الاجتماعي‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬القطاعي‭ ‬و‭ ‬المركزي،‭ ‬خصوصا‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بصرف‭ ‬زيادات‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬رواتب‭ ‬موظفي‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬الحال‭ ‬بالنسبة‭ ‬لقطاعات‭ ‬التعليم‭ ‬و‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬و‭ ‬القضاة‭ ‬و‭ ‬الصحة‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬التي‭ ‬تشير‭ ‬المعطيات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الوفاء‭ ‬كلف‭ ‬المالية‭ ‬العمومية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬45‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭ .‬كما‭ ‬حافظت‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬صندوق‭ ‬المقاصة‭ ‬لكبح‭ ‬أي‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬مواد‭ ‬استهلاكية‭ ‬أساسية‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬الحال‭ ‬بالنسبة‭ ‬لغاز‭ ‬البوطان‭ ‬و‭ ‬السكر‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬كشفت‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬المعروض‭ ‬حاليا‭ ‬على‭ ‬أنظار‭ ‬البرلمان‭ ‬أنها‭ ‬رصدت‭ ‬16‭,‬5‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭ ‬ليحافظ‭ ‬صندوق‭ ‬المقاصة‭ ‬على‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬تثبيت‭ ‬هذا‭ ‬التوازن‭ ‬الهام‭ .‬‮ ‬
 
وكان‭ ‬غريبا‭ ‬حقا‭ ‬أن‭ ‬تحلق‭ ‬أسعار‭ ‬اللحوم‭ ‬الحمراء‭ ‬عاليا،‭ ‬حيث‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬قياسية‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬بدا‭ ‬واضحا‭ ‬أن‭ ‬التدابير‭ ‬المتخذة‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬السابقة‭ ‬لم‭ ‬تحقق‭ ‬اهدافها‭ ‬،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬نقل‭ ‬إنها‭ ‬كانت‭ ‬محدودة‭ ‬الأثر‭ ‬بشكل‭ ‬غريب‭ .‬و‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬سبع‭ ‬سنوات‭ ‬كاملة‭ ‬من‭ ‬الجفاف‭ ‬كانت‭ ‬لها‭ ‬تأثيرات‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬حجم‭ ‬القطيع‭ ‬من‭ ‬الأغنام‭ ‬و‭ ‬الأبقار‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬اختلالات‭ ‬سلاسل‭ ‬الإنتاج‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬دور‭ ‬هام‭ ‬أيضا‭. ‬ويتضح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التدابير‭ ‬العديدة‭ ‬التي‭ ‬اتخذتها‭ ‬الحكومة‭ ‬أنها‭ ‬قامت‭ ‬بنقد‭ ‬ذاتي‭ ‬أفضى‭ ‬إلى‭ ‬مراجعة‭ ‬القرارات‭ ‬السابقة‭ . ‬فلقد‭ ‬كان‭ ‬مثيرا‭ ‬للاستغراب‭ ‬أن‭ ‬تخصص‭ ‬الحكومة‭ ‬دعما‭ ‬ماليا‭ ‬مباشرا‭ ‬لاستيراد‭ ‬الأغنام‭ ‬لتلبية‭ ‬حاجيات‭ ‬الطلب‭ ‬الداخلي‭ ‬خلال‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭ ‬المبارك‭ ‬و‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأسعار‭ ‬بما‭ ‬يخدم‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمواطنين‭ ‬،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أي‭ ‬أثر‭ ‬لهذا‭ ‬الدعم‭ ‬،‭ ‬وواصلت‭ ‬أسعار‭ ‬الأغنام‭ ‬ارتفاعها‭ ‬المهول‭ .‬و‭ ‬لذلك‭ ‬علمنا‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬قررت‭ ‬اتخاذ‭ ‬تدابير‭ ‬جديدة‭ ‬استهلّها‭ ‬السيد‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة،‭ ‬بعقد‭ ‬اجتماع‭ ‬موسع‭ ‬مع‭ ‬المهنيين‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬منتجين‭ ‬و‭ ‬متدخلين‭ ‬في‭ ‬سلاسل‭ ‬الإنتاج‭. ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬قررت‭ ‬الحكومة‭ ‬إلغاء‭ ‬المنهجية‭ ‬القديمة‭ ‬التي‭ ‬استفاد‭ ‬منها‭ ‬المستوردون‭ ‬بمبلغ‭ ‬500‭ ‬درهم‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬رأس‭ ‬غنم‭ ‬يتم‭ ‬استيراده،‭ ‬واستهدفت‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬دعم‭ ‬الأعلاف‭ ‬و‭ ‬دعم‭ ‬مباشر‭ ‬لاستيراد‭ ‬لحوم‭ ‬القطيع‭ ‬من‭ ‬الأبقار‭ ‬و‭ ‬الأغنام‭ ‬و‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬بنية‭ ‬سلاسل‭ ‬الإنتاج‭ ‬،‭ ‬مع‭ ‬مراقبة‭ ‬صارمة‭ ‬للممارسة‭ ‬و‭ ‬تنزيل‭ ‬هذه‭ ‬القرارات‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ .‬و‭ ‬هي‭ ‬تدابير‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬أهميتها‭ ‬على‭ ‬كبح‭ ‬جماح‭ ‬الأسعار‭ ‬و‭ ‬لكن‭ ‬أساسا‭ ‬إعطاء‭ ‬دفعة‭ ‬قوية‭ ‬للثروة‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬القطيع‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬‮ ‬محاصرا‭ ‬بتهديدات‭ ‬كبيرة‭ ‬وخطيرة‭ ‬بعدما‭ ‬وصلنا‭ ‬إلى‭ ‬ذبح‭ ‬الأنثى‭ ‬من‭ ‬الأبقار‭ ‬و‭ ‬الأغنام‭ ‬بما‭ ‬يقضي‭ ‬على‭ ‬الرصيد‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬سيزيد‭ ‬القضية‭ ‬استعصاء‭ ‬و‭ ‬خطورة‭ .‬‮ ‬



في نفس الركن