2024 يناير 9 - تم تعديله في [التاريخ]

كأنه‭ ‬ألقي‭ ‬اليوم‭ ‬أو‭ ‬أمس‭ : ‬

الرجوع‭ ‬إلى‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬بالرياض‭ ‬


العلم الإلكترونية - الرباط 

مع‭ ‬ارتفاع‭ ‬درجة‭ ‬التطورات‭ ‬الخطيرة‭ ‬والعاصفة‭ ‬التي‭ ‬تعرفها‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬واشتداد‭ ‬حدة‭ ‬الصراع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬عجز‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬عن‭ ‬إصدار‭ ‬قرار‭ ‬حاسم‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬فوراً،‭ ‬و‭ ‬توالي‭ ‬الزيارات‭ ‬المكوكية‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬أنتوني‭ ‬بلينكن‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬للمنطقة،‭ ‬تتأكد‭ ‬ضرورة‭ ‬الرجوع‭ ‬إلى‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬السامي‭ ‬الذي‭ ‬قرأه‭ ‬بالنيابة‭ ‬السيد‭ ‬عزيز‭ ‬أخنوش‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة،‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬المشتركة‭ ‬غير‭ ‬العادية،‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬في‭ ‬الرياض‭ ‬يوم‭ ‬11‭ ‬نوفمبر‭ ‬الماضي،‭ ‬والتي‭ ‬تضمنت‭ ‬الخطوط‭ ‬العريضة‭ ‬لخريطة‭ ‬الطريق‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬الأزمة‭ ‬‮ ‬الكارثية‭ ‬المدمرة‭ ‬وغير‭ ‬المسبوقة‭ ‬التي‭ ‬تعصف‭ ‬بالشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬‮ ‬عصفاً‭ ‬لا‭ ‬يُبقي‭ ‬ولا‭ ‬يذر‭. ‬وقد‭ ‬صيغت‭ ‬تلك‭ ‬الخريطة‭ ‬في‭ ‬أربع‭ ‬أولويات‭ ‬ملحة‭ ‬‮ ‬،‭ ‬وأربع‭ ‬مسلمات‭ ‬بديهية‭ ‬،‭ ‬تفرض‭ ‬نفسها‭ ‬بإلحاح‭ ‬شديد‭ ‬،‭ ‬وكأنها‭ ‬قدمت‭ ‬اليوم‭ ‬أو‭ ‬أمس‭ ‬،‭ ‬مما‭ ‬يجعلها‭ ‬محتفظةً‭ ‬بحيويتها‭ ‬و‭ ‬براهنيتها‭ ‬وبفعاليتها‭ ‬‮ ‬،‭ ‬ومحتويةً‭ ‬على‭ ‬العناصر‭ ‬الرئيسَة‭ ‬لإنهاء‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬المحتدم‭ ‬الذي‭ ‬تجاوز‭ ‬سبعة‭ ‬عقود‭ ‬،‭ ‬ولوضع‭ ‬حد‭ ‬لهذه‭ ‬المأساة‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬صارت‮ ‬،‭ ‬لهولها‭ ‬و‭ ‬شناعتها‭ ‬وفظاعتها‭ ‬،‭ ‬وصمةَ‭ ‬عارٍ‭ ‬في‭ ‬جبين‭ ‬البشرية‭ .‬
 
البدائل‭ ‬الأربعة‭ ‬المرفوضة‭ ‬التي‭ ‬وردت‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬السامي‭ ‬قبل‭ ‬شهرين،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬غير‭ ‬ممكنة‭ ‬‮ ‬،‭ ‬وهي‭ : ‬لا‭ ‬بديل‭ ‬عن‭ ‬سلام‭ ‬حقيقي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬يضمن‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬حقوقهم‭ ‬المشروعة،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬ولا‭ ‬بديل‭ ‬عن‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة‭ ‬و‭ ‬عاصمتها‭ ‬القدس،‭ ‬ولا‭ ‬بديل‭ ‬عن‭ ‬تقوية‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بقيادة‭ ‬الرئيس‭ ‬محمود‭ ‬عباس‭ ‬أبو‭ ‬مازن‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬لا‭ ‬بديل‭ ‬عن‭ ‬وضع‭ ‬آليات‭ ‬لأمنٍ‭ ‬إقليمي‭ ‬مستدام‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬والمرجعيات‭ ‬الدولية‭ ‬المتعارف‭ ‬عليها‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬مجال‭ ‬لأي‭ ‬اقتراح‭ ‬أو‭ ‬مبادرة‭ ‬أو‭ ‬أفكار‭ ‬أو‭ ‬تصورات‭ ‬خارجة‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوط‭ ‬العريضة‭ ‬لخريطة‭ ‬الطريق‭ ‬التي‭ ‬رسمها‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬في‭ ‬عز‭ ‬الأزمة‭ ‬،‭ ‬والتي‭ ‬هي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬المخرج‭ ‬الوحيد‭ ‬من‭ ‬المشكلة‭ ‬المعقدة‭ ‬التي‭ ‬تعددت‭ ‬الطروحات‭ ‬،‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬،‭ ‬لحل‭ ‬عقدتها‭ ‬وتفكيكها‭ ‬و‭ ‬إنهائها‭ ‬الأبدي‭ ‬بإدخالها‭ ‬متحف‭ ‬تاريخ‭ ‬المنطقة‭ .‬
 
إن‭ ‬تعدد‭ ‬الحلول‭ ‬وتزاحمها‭ ‬و‭ ‬تعارض‭ ‬بعضها‭ ‬لبعضٍ‭ ‬،‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الذي‭ ‬يزيد‭ ‬الأزمة‭ ‬تفاقماً‭ ‬و‭ ‬استعصاءً‭ ‬على‭ ‬التسوية،‭ ‬إنما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬القوى‭ ‬الفاعلة‭ ‬قد‭ ‬ضاقت‭ ‬بها‭ ‬الحال،‭ ‬و‭ ‬باتت‭ ‬تضطرب‭ ‬اضطراباً‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬انسداد‭ ‬‮ ‬الأفق‭ ‬أمامها‭ ‬لطي‭ ‬هذه‭ ‬الصفحات‭ ‬الدامية‭ ‬من‭ ‬سجل‭ ‬التاريخ،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮ ‬تحرك‭ ‬واقعي‭ ‬وعقلاني‭ ‬و‭ ‬إنساني‭ ‬يستند‭ ‬إلى‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني‭ . ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬الرياض،‭ ‬بأوضح‭ ‬العبارات‭ ‬و‭ ‬أقوى‭ ‬الصياغات،‭ ‬بحيث‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬الأولويات‭ ‬الملحة،‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬القاعدة‭ ‬العريضة‭ ‬لخريطة‭ ‬الطريق‮ ‬،‭ ‬ما‭ ‬يلي‭: ‬الخفض‭ ‬العاجل‭ ‬والملموس‭ ‬للتصعيد،‭ ‬ووقف‭ ‬الاعتداءات‭ ‬العسكرية‭ ‬بما‭ ‬يفضي‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬،‭ ‬وضمان‭ ‬حماية‭ ‬المدنيين‭ ‬وعدم‭ ‬استهدافهم‭ ‬وفقاً‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني‭ ‬،‭ ‬والسماح‭ ‬بإيصال‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬بإنسيابيةٍ‭ ‬وبكميات‭ ‬كافية‭ ‬لسكان‭ ‬غزة‭ ‬،‭ ‬وإرساء‭ ‬أفق‭ ‬سياسي‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬كفيل‭ ‬بإنعاش‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬المتوافق‭ ‬عليه‭ ‬دولياً‭ . ‬و‭ ‬مفتاح‭ ‬الحل،‭ ‬أولاً‭ ‬وقبل‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬هو‭ ‬إرساء‭ ‬أفق‭ ‬سياسي‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ . ‬فهل‭ ‬الزيارة‭ ‬الرابعة‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬أنتوني‭ ‬بلينكن‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬للمنطقة‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬؟‭.‬
 
‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬السؤال‭ ‬المطروح‭ ‬بإلحاح‭ ‬‮ ‬خلال‭ ‬بداية‭ ‬الشهر‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ . ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تملك‭ ‬أن‭ ‬تجيب‭ ‬عنه‭ ‬،‭ ‬لأن‭ ‬بيدها‭ ‬99‭% ‬من‭ ‬الأوراق‭ ‬تجعلها‭ ‬قادرة،‭ ‬إذا‭ ‬أرادت،‭ ‬على‭ ‬فتح‭ ‬الأفق‭ ‬السياسي،‭ ‬ووضع‭ ‬آليات‭ ‬لأمن‭ ‬إقليمي‭ ‬مستدام،‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬الرياض‭ ‬،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬ساري‭ ‬المفعول،‭ ‬ويمثل‭ ‬خريطة‭ ‬الطريق‭ ‬للولوج‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬السلام‭ ‬الذي‭ ‬تحلم‭ ‬به‭ ‬البشرية‭ ‬و‭ ‬تتطلع‭ ‬إليه،‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬فحسب،‭ ‬و‭ ‬إنما‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بأسره‭ .‬

ألم‭ ‬نقل‭ ‬إن‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬الرياض‭ ‬كأنه‭ ‬ألقي‭ ‬اليوم‭ ‬أو‭ ‬أمس؟‭.‬



في نفس الركن