2024 شتنبر 8 - تم تعديله في [التاريخ]

في‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة‭ ‬نحو‭ ‬الطي‭ ‬النهائي‭ ‬لملف‭ ‬ضحايا‭ ‬سجن‭ ‬‮«‬تازمامارت‮»‬‭

المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬يطلق‭ ‬عملية‭ ‬إجراء‭ ‬تحاليل‭ ‬جينية‭ ‬للتأكد‭ ‬من‭ ‬هوية‭ ‬المتوفين‭ ‬وجمعية‭ ‬ضحايا‭ ‬تازمامارت‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬الحوار


العلم الإلكترونية - نهيلة البرهومي

في‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬الطي‭ ‬النهائي‭ ‬لصفحة‭ ‬مؤلمة‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬بلادنا‭ ‬والمتعلقة‭ ‬بملف‭ ‬ضحايا‭ ‬سجن‭ ‬تازمامارت،‭ ‬أعلن‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬أخيرا،‭ ‬عن‭ ‬إطلاق‭ ‬عملية‭ ‬إجراء‭ ‬تحاليل‭ ‬الخبرة‭ ‬الجينية‭ ‬للتأكد‭ ‬من‭ ‬هويات‭ ‬متوفين‭ ‬بالمعتقل‭ ‬غير‭ ‬النظامي‭ ‬السابق‭. ‬ويأتي‭ ‬ذلك‭ ‬بعد‭ ‬مسار‭ ‬كشف‭ ‬الحقيقة‭ ‬وتنفيذ‭ ‬كل‭ ‬توصيات‭ ‬هيئة‭ ‬الإنصاف‭ ‬والمصالحة،‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بجبر‭ ‬أضرار‭ ‬الضحايا‭ ‬وذوي‭ ‬الحقوق،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التعويضات‭ ‬المالية‭ ‬المقررة‭ ‬والإدماج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والتسوية‭ ‬الإدارية‭ ‬والتغطية‭ ‬الصحية‭.‬
 
وثمن‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬في‭ ‬بلاغ‭ ‬له،‭ ‬“الاستجابة‭ ‬الواسعة‭ ‬لعائلات‭ ‬ضحايا‭ ‬متوفين،‭ ‬بعد‭ ‬موافقة‭ ‬شخصية،‭ ‬حرة‭ ‬ومستنيرة‭ (‬كما‭ ‬تقتضي‭ ‬ذلك‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬الوطنية،‭ ‬خاصة‭ ‬القانون‭ ‬المتعلق‭ ‬بحماية‭ ‬المعطيات‭ ‬الشخصية‭)‬،‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬إجراء‭ ‬تحاليل‭ ‬جينية‭ ‬لتأكيد‭ ‬هوية‭ ‬المتوفين‭ ‬بقبور‭ ‬تازمامارت،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬الأمر‭ ‬ممكنا‭ ‬بفضل‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجي‭.‬
 
في‭ ‬المقابل،‭ ‬استغربت‭ ‬جمعية‭ ‬ضحايا‭ ‬تازمامارت،‭ ‬من‭ ‬ربط‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬‮«‬الاتصال‭ ‬فقط‭ ‬ببعض‭ ‬عائلات‭ ‬ذوي‭ ‬الحقوق‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إجراء‭ ‬التحاليل‭ ‬الجينية‭ (‬DNA‭) ‬الخاصة‭ ‬بالشهداء،‭ ‬الذين‭ ‬قضوا‭ ‬نحبهم‭ ‬داخل‭ ‬المعتقل،‭ ‬مطالبين‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬بتسوية‭ ‬كاملة‭ ‬لجبر‭ ‬الضرر،‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬تحديد‭ ‬لقاءات‭ ‬للمناقشة‭ ‬والحوار‮»‬‭. ‬
 
‭ ‬وأكدت‭ ‬جمعية‭ ‬ضحايا‭ ‬تازمامارت‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬لها،‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬الممثل‭ ‬الشرعي‭ ‬والوحيد‭ ‬للضحايا‭ ‬وذوي‭ ‬الحقوق،‭ ‬والناطق‭ ‬باسمهم،‭ ‬والحاملة‭ ‬لهمومهم‭ ‬وطموحاتهم‭ ‬ومطالبهم‮»‬‭.‬
 
وثمنت‭ ‬الجمعية‭ ‬‮«‬استجابة‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬لهذا‭ ‬المطلب،‭ ‬غير‭ ‬أنها‭ ‬جاءت‭ ‬متأخرة‭ ‬بعقدين‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬والمتمثلة‭ ‬في‭ ‬إجراء‭ ‬التحاليل‭ ‬الجينية‭ ‬للشهداء‭ ‬أولا‭ ‬ولذوي‭ ‬الحقوق‭ ‬ثانيا‮»‬‭.‬
 
وحسب‭ ‬بلاغ‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬فقد‭ ‬بلغ‭ ‬مجموع‭ ‬ملفات‭ ‬ضحايا‭ ‬المعتقل‭ ‬غير‭ ‬النظامي‭ ‬السابق‭ ‬تازمامارت،‭ ‬ثمانية‭ ‬وخمسين‭ (‬58‭) ‬ملفا،‭ ‬تمت‭ ‬دراستها‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬هيئة‭ ‬التحكيم‭ ‬المستقلة‭ ‬للتعويض،‭ ‬ثم‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬هيئة‭ ‬الإنصاف‭ ‬والمصالحة،‭ ‬التي‭ ‬أصدرت‭ ‬لفائدتهم‭ ‬مقررات‭ ‬تحكيمية‭ ‬قاضية‭ ‬بالتعويض،‭ ‬تجاوزت‭ ‬الكلفة‭ ‬المالية‭ ‬الإجمالية‭ ‬لجبر‭ ‬الاضرار‭ ‬164‭ ‬مليون‭ ‬درهم،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬التغطية‭ ‬الصحية‭ ‬والتكفل‭ ‬الطبي‭ ‬الذي‭ ‬يتابعه‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭.‬
 
ولضمان‭ ‬سير‭ ‬العملية‭ ‬بشكل‭ ‬سلس‭ ‬قام‭ ‬المجلس‭ ‬بتوزيع‭ ‬العائلات‭ ‬على‭ ‬مجموعات،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬مجموعة‭ ‬عائلات‭ ‬تضم‭ ‬مسنين‭ ‬سيجرون‭ ‬التحاليل‭ ‬بمنازلهم‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬النيابة‭ ‬العامة،‭ ‬وهي‭ ‬ليست‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬يتخذ‭ ‬فيها‭ ‬المجلس‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة،‭ ‬فقد‭ ‬سبق‭ ‬وتوصل‭ ‬بنتائج‭ ‬إيجابية‭ ‬في‭ ‬يوليوز‭ ‬2023‭ ‬من‭ ‬المختبر‭ ‬الجيني‭ ‬الدولي‭ ‬بمدينة‭ ‬نانت‭ ‬الفرنسية‭ ‬بعد‭ ‬إخضاع‭ ‬عينات‭ ‬عظام‭ ‬من‭ ‬رفات‭ ‬مفترضة‭ ‬للضحايا‭ ‬سبق‭ ‬تسليمها‭ ‬للمختبر،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تعذر‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬سابقة،‭ ‬استخراج‭ ‬الحمض‭ ‬النووي‭ ‬وإجراء‭ ‬التحاليل‭ ‬لتحديد‭ ‬هويات‭ ‬أصحابها،‭ ‬بسبب‭ ‬تدهور‭ ‬حالتها‭.‬
 
وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬ثمنت‭ ‬سعيدة‭ ‬الإدريسي،‭ ‬فاعلة‭ ‬حقوقية،‭ ‬الخطوة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬معتبرة‭ ‬إياها‭ ‬مبادرة‭ ‬إيجابية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التطور‭ ‬الذي‭ ‬يعرفه‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭.‬
 
وأكدت‭ ‬الإدريسي‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لـ»العلم‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬مهام‭ ‬ومسؤوليات‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬توصيات‭ ‬هيئة‭ ‬الإنصاف‭ ‬والمصالحة‭.‬
 
واعتبرت‭ ‬المتحدثة،‭ ‬أن‭ ‬إجراء‭ ‬تحاليل‭ ‬جينية‭ ‬للتأكد‭ ‬من‭ ‬هوية‭ ‬المتوفين،‭ ‬سيعزي‭ ‬نوعا‭ ‬ما‭ ‬الأسر‭ ‬التي‭ ‬فقدت‭ ‬ذويها،‭ ‬وسيساعد‭ ‬في‭ ‬جبر‭ ‬الضررين‭ ‬المادي‭ ‬والمعنوي‭.‬
 
وأشارت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هاته‭ ‬المبادرات‭ ‬تقوي‭ ‬وتعزز‭ ‬مسار‭ ‬الحماية‭ ‬والنهوض‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬وتساعد‭ ‬في‭ ‬الطي‭ ‬النهائي‭ ‬للملفات‭ ‬الحقوقية‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬عالقة‭ ‬وشغلت‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬لعدة‭ ‬سنوات‭. ‬

بداية‭ ‬المبادرة‭

برزت‭ ‬الخطوة‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬المجلس‭ ‬سنة‭ ‬2022،‭ ‬تحديدا‭ ‬في‭ ‬تقريره‭ ‬السنوي‭ ‬عن‭ ‬حالة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬بالمغرب‭ ‬برسم‭ ‬نفس‭ ‬السنة،‭ ‬حيث‭ ‬أكد‭ ‬أنه‭ ‬وبعد‭ ‬الاطلاع‭ ‬على‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجي‭ ‬الذي‭ ‬يسمح‭ ‬بإمكانية‭ ‬استخراج‭ ‬الحمض‭ ‬النووي‭ ‬من‭ ‬عينات‭ ‬عظام‭ ‬متدهورة،‭ ‬تشكلت‭ ‬لجنة‭ ‬بمبادرة‭ ‬من‭ ‬رئاسة‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬تضم‭ ‬ممثلين‭ ‬عن‭ ‬لجنة‭ ‬متابعة‭ ‬تفعيل‭ ‬توصيات‭ ‬هيئة‭ ‬الإنصاف‭ ‬والمصالحة‭ ‬ورئاسة‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬وخبراء‭ ‬من‭ ‬المختبر‭ ‬الجيني‭ ‬الوطني‭ ‬للشرطة‭ ‬العلمية‭ ‬ومصلحة‭ ‬الطب‭ ‬الشرعي‭ ‬بالمستشفى‭ ‬الجامعي‭ ‬بالدار‭ ‬البيضاء‭.‬
 
وقامت‭ ‬اللجنة‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2022‭ ‬بزيارة‭ ‬عمل‭ ‬للمختبر‭ ‬الجيني‭ ‬الدولي‭ ‬بنانت‭-‬فرنسا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إخضاع‭ ‬عينتين‭ ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬العينات‭ ‬المتبقية‭ ‬لدى‭ ‬المختبر‭ ‬الدولي‭ ‬لعملية‭ ‬استخراج‭ ‬الحمض‭ ‬النووي‭. ‬وقد‭ ‬أعلن‭ ‬المجلس‭ ‬في‭ ‬تقريره‭ ‬السنوي‭ ‬الأخير‭ ‬التوصل‭ ‬في‭ ‬يوليوز‭ ‬2023‭ ‬بنتائج‭ ‬أولية‭ ‬إيجابية‭ ‬لتحليل‭ ‬العينتين،‭ ‬تسمح‭ ‬بمواصلة‭ ‬استخراج‭ ‬الحمض‭ ‬النووي‭ ‬لباقي‭ ‬العينات‭ ‬المتبقية‭ ‬المشابهة‭.‬
 
‬يذكر‭ ‬أن‭ ‬المجلس‭ ‬سيعمل‭ ‬على‭ ‬إخبار‭ ‬عائلات‭ ‬المتوفين‭ ‬بنتائج‭ ‬تحاليل‭ ‬الحمض‭ ‬النووي‭ ‬عند‭ ‬التوصل‭ ‬بها،‭ ‬مع‭ ‬مواصلة‭ ‬حرصه‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬كل‭ ‬الضحايا‭ ‬وذوي‭ ‬الحقوق‭ ‬وعائلاتهم‭. ‬
 
 



في نفس الركن