Quantcast
2024 ديسمبر 29 - تم تعديله في [التاريخ]

في مؤلف حديث.. صحفيون يروون ما لم يُرْوَ في تغطية زلزال الحوز


في مؤلف حديث.. صحفيون يروون ما لم يُرْوَ في تغطية زلزال الحوز
 
العلم - عبد الناصر الكواي

كانت الفكرة بسيطة غيرَ أنها ذات عمق ومغزى. مَفادُها أن الصحفي خلال تغطيته للأحداث المختلفة، وعلى رأسها الكوارث الطبيعية، لا يجد عادة من يسلط الضوء على معاناته وهو يضطلع بهذا الدور النبيل. من هنا، انبثقت في شهر شتنبر من العام 2023، مبادرة ثمانية صحفيين وصحفية واحدة ينتمون إلى روافد إعلامية متنوعة، بتوثيق جانب من معاناتهم خلال تغطية زلزال الحوز.
 
مؤرخ اللحظة..
 
قصص الصحفيين التسعة ومعايناتهم، أودعوها بين دفتَي كتاب جماعي من الحجم المتوسط موسوم بـ"على مقياس ريشتر: ما لم يُرْوَ في تغطية الصحفيين لزلزال الحوز"، وهو عبارة عن سرد صحفي يصب في ما يمكن تسميته بـ"الذاكرة التوثيقية في العمل الصحفي"، ويتمحور بالأساس حول الصحفي الإنسان، والمخاطر المحدقة به خلال ممارسته لواجبه المهني في الميدان.
 
تقديم الكتاب الواقع في 159 صفحة، والذي جاور في تحريره بين ثلاث لغات هي العربية (7 مقالات) والفرنسية (مقال واحد) والإنجليزية (مقال واحد)، تم مساء الخميس المنقضي في الرباط بحضور لفيف من الصحفيين والإعلاميين، بعد أزيد من سنة على فاجعة الحوز التي خلفت ما ينيف على 2900 قتيل و5500 جريح، مما جعل حكومة أخنوش تعلنه "واقعة كارثية".
 
إن إصدار كتاب شبيه بميلاد شخصية عظيمة، ذلك أنه يعقب مخاضا وصفه مصدر من هيئة تحرير المؤلف المقدم بالعسير، مفسرا ذلك بحيثيات عديدة لا مجال لذكرها في هذه السطور، التي تروم فقط تشجيع مثل هذه المبادرات أكثر من أي شيء آخر. المهم في هذا الحدث هو دلالاته الرمزية، فلا وقت الصحفي في بلادنا ولا طاقته ولا وضعيته المادية ولا المعنوية تسمح له مجتمعة، بأن ينتج لنا كتابا كل يوم أو شهر أو سنة أو حتى عقد..

في مؤلف حديث.. صحفيون يروون ما لم يُرْوَ في تغطية زلزال الحوز
عمل أدبي صحفي شبابي..
 
"لقد كان تواجدكم بيننا، وتفاعلكم مع هذا الإصدار الأدبي الجماعي، مصدر فخر وسرور، وأثلج صدور الشباب المشارك في هذا العمل الأدبي الصحفي. أرى أن هذا الحضور الكثيف لم يكن فقط دعماً لهذا الجهد التوثيقي، بل شكل دفعة بارزة لتحفيز المزيد من الإبداعات الصحفية والأدبية في المستقبل". بهذه العبارات المكثفة دلاليا، أعرب أسامة طايع أحد الصحفيين التسعة المؤلفين للكتاب عن شعوره نحو من حجوا إلى هذه المناسبة التي لا تتكرر كثيرا.
 
المنحى نفسه، ذهب فيه أسامة باجي، عضو هيئة تحرير الكتاب ومنسقه المشارك في مقدمته، والتي ختمها بعبارات دالة منها: "نقدم هذا الكتاب إرثًا مهنيًا ومعرفيًا للأجيال القادمة من الصحفيين، ونأمل أن يكون نافذة للقراء على عالم الصحافة في أصعب الظروف. إنه شهادة على أن كل معلومة تصل إلى القارئ والقارئة هي ثمرة جهودٍ وتضحياتٍ لا تُحصى. رحلة ممتعة لكم ولكن مع هذا العمل الذي يعيد النظر في جوهر الصحافة وأهميتها في أوقات الأزمات".
 
نور الدين البيار، عضو هيئة تحرير المؤلف ومنسقه المشارك، صرح بدوره لـ"العلم"، بأن فكرة الكتاب جاءت من معاناته هو وغيره من الصحفيين وسط الميدان خلال تغطيتهم لتبعات زلزال الحوز في شتنبر 2023، وأيضا من "جهلهم" لأساليب تغطية كوارث من هذا الحجم. وأضاف أن ما عاشوه هناك، يكشف عن فراغ أكاديمي واضح في التكوين والتدريب على تغطية الكوارث الطبيعية.
 
البيار الذي دعا الصحفيين إلى توثيق ما عاشوه خلال تغطياتهم لأحداث مماثلة لزلزال الحوز، أبرز أن هدف الكتاب هو التركيز على الصحافي الإنسان، الذي كان يحكي عن الآخرين ولا يجد سبيلا ليحكي عن نفسه وعن الخطر المحدق به. وذكر أنه من جهته، تعرض للخطر عندما علق بين جبلين يفصلان بين منطقتي ويركان وإجوكاك في إقليم الحوز المنكوب وقد حاصر الليل المكان، إلى أن أدركه أحد المارة ونقله على متن سيارته إلى مدينة مراكش.

في مؤلف حديث.. صحفيون يروون ما لم يُرْوَ في تغطية زلزال الحوز
على تخوم المهني والشخصي..
 
الصحفية الوحيدة الممثلة لنون النسوة في المؤلف، إيمان بلامين، عبرت من جهتها لـ"العلم" عن سعادتها بالمساهمة في هذا العمل إلى جانب زملاء من الصحفيين المهنيين. وسجلت أن الكتاب يحوي بين دفتيه قصصا يحكي فيها مؤلفوه عن تجارب مهنية وأخرى شخصية لم تروَ من قبل، وهو يبسط القول في قدرة هؤلاء الصحافيين على الجمع بين الطابع الصحفي المهني والالتزام بأخلاقيات المهنة من جهة، والحفاظ على الجانب الإنساني من أخرى.
 
وقالت إن هذا الكتاب بمثابة فرصة لسرد قصص إنسانية لم يستطع مؤلفوه سردها من قبل، وذلك عبر المزج بين السردية المهنية والواقع الصعب المَعِيش في الميدان، بغية نقل جزء من التحديات التي جابهها الصحفيون خلال تغطية هذا الحدث المفزع، معتبرة أن هذا العمل يمكن أن يكون نموذجا جديدا يوازن بين السرد الصادق والنقل العادل للأحداث والقصص الإنسانية في التزام تام باحترام الصحافة الأخلاقية.
 
إيمان بلامين وسعيد غيدّى وأنس لغنادي ونور الدين البيار وأسامة باجي وأسامة طايع وإبراهيم إشوي ومحمد فرنان وصلاح الدين المعيزي، أسماء تستحق التهنئة على مؤلفهم الجماعي "على مقياس ريشتر: ما لم يُرْوَ في تغطية الصحفيين لزلزال الحوز"، بوصفه محاولة لإسماع صوت الصحفي الذي كثيرا ما ينسى نفسه وهو يُسمع أصوات الآخرين.

              

















MyMeteo



Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار