2024 أغسطس/أوت 29 - تم تعديله في [التاريخ]

في دلالات تعزيز المصالحة بين الدولة والمواطن


الافـتتاحية


ليس للعفو الملكي السامي عن صغار مزارعي القنب الهندي (الكيف) بُعدٌ واحدٌ، هو إعادة الإدماج الاجتماعي للمستفيدين، وإنما له أبعادٌ عديدة، وينطوي على دلالات عميقة، ويرمي إلى أهداف تصب في خدمة الاقتصاد الوطني، من خلال دعم التنمية الشاملة المستدامة. وفي مقدمة هذه الدلالات التي تنبثق من الرؤية المستنيرة والحكيمة لجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله وأيده، إدماج المستفيدين الذين شملهم العفو الملكي، في عمق الاستراتيجية الإنمائية الجديدة، التي تنبني عليها الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي.

ووفق مقتضيات المرسوم رقم 2.22.159، الذي صادقت عليه الحكومة، وصدر في الجريدة الرسمية عدد 7078، فإن المناطق التي يسمح فيها بزرع القنب الهندي، طبقاً للقانون رقم 12.21 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، هي شفشاون، والحسيمة، وتاونات فقط. ولكن ثمة مناطق أخرى لم يصدر قرار بشأنها بعد. لأن حجم المساحات التي تزرع فيها هذه النبتة، كبير، والعاملين في هذا الحقل من النشاط الفلاحي يمثلون قطاعاً واسعاً من الفئات المستفيدة منه.

ولعل الإحصاءات التي نشرت خلال الفترة القصيرة الماضية، تظهر بالوضوح الكامل، عدد المزاولين لهذه المهنة التي كانت محظورة بحكم القانون، قبل أن تصبح مقننة بمراسيم، في إطار المشروع التنموي الجديد الذي أحدث تغييراً عميقاً، زاده العفو الملكي قوةً وعمقاً. فقد أصدرت الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، خلال السنة الجارية. 3029 ترخيصاً، مقابل721 ترخيصاً في السنة الماضية 2023، وذلك في إطار القانون المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي. وهذا التزايد المطرد في عدد التراخيص، يؤكد أن فئات عريضة من المواطنين، تعمل في هذا القطاع الذي صار اليوم مهيكلاً و جزءاً ذا وزن، سيصبح يساهم في إنماء الاقتصاد الوطني.

وهكذا يكون إحداث الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي (الكيف)، ابتكاراً لنهج جديد من المصالحة بين الدولة والمواطن، التي من شأنها أن تعزز ركائز الاستقرار الاجتماعي، وتقوي أعمدة الوئام الأهلي، وتزرع الثقة بين المواطن وبين الدولة. وتلك أقوى مقومات الدولة الاجتماعية، علاوةً على أن هذه المصالحة من المنجزات التي تحققت في هذه المرحلة، وهي بالتالي مظهر من مظاهر القوة والمناعة والحصانة، التي هي أركان المغرب الجديد الذي يبنيه جلالة الملك، وفقه الله ورعاه.

والحق أن انخراط المملكة المغربية في مسار دولي يسمح بالاستفادة القانونية من القنب الهندي، هو من وجوه النقلة النوعية التي تشهدها بلادنا ، خاصة بعد مصادقة آلية المخدرات التابعة للأمم المتحدة، في ديسمبر سنة 2020، على توصية منظمة الصحة العالمية بإعادة تصنيف نبتة القنب الهندي، باعتبارها من النباتات ذات المقومات للاستعمال في الأغراض الطبية والصناعية و التجميلية.

لقد أنشأ العفو الملكي السامي على صغار مزارعي القنب الهندي، واقعا جديدا، وخلق أجواء من الأمل بالنسبة للمستفيدين، الذين ليس هم المعفو عنهم فقط، وإنما يشملون عائلاتهم وأقرباءهم وكل مواطن له صلة قريبة أو بعيدة بزراعة القنب الهندي. وهذه هي الدلالات العميقة للعفو الملكي السامي، وأبعاده الواسعة.

العلم



في نفس الركن