العلم الإلكترونية - لحسن الياسميني
تستعد عدد من الجمعيات والمنظمات المهتمة بوضع المرأة لوضع مذكراتها الخاصة بتصورها حول التعديلات المزمع إجراؤها على مدونة الأسرة ، وذلك بعد مرور 19 سنة على صدور هذه المدونة سنة 2004.
تستعد عدد من الجمعيات والمنظمات المهتمة بوضع المرأة لوضع مذكراتها الخاصة بتصورها حول التعديلات المزمع إجراؤها على مدونة الأسرة ، وذلك بعد مرور 19 سنة على صدور هذه المدونة سنة 2004.
ويأتي التعديل المرتقب بعد قرابة عقدين من صدور المدونة التي رغم نقائصها كانت خطوة كبيرة مقارنة مع آخر قانون للأحوال الشخصية الصادر سنة 1993.
فخلال هذه المدة من تطبيق المدونة يبدو أنها لم تستجب بما يكفي لما يمكن من تحصين حقوق المرأة والأسرة، وذلك بسبب الفراغات القانونية التي تركتها المدونة الأخيرة، سواء من حيث السلطة التقديرية التي منحتها للقاضي، أو من حيث النقص الكبير في الاختصاص، حيث أن عددا كبيرا من القضاة الممارسين لم يكونوا من ذوي الاختصاص ، وتم تكليفهم بأقسام قضاء الأسرة، كما أن السلط التقديرية الممنوحة للقضاة غير مؤطرة قانونيا بالشكل الكافي لتفادي الأحكام التي لا تكون في صالح المظلومين، خصوصا فيما يتعلق بتقدير النفقة، حيث أن المدونة لم تضع معايير موحدة لتحديدها على الصعيد الوطني، بل تركت الأمر للسلطة التقديرية للقضاة، بحيث أن هذه التعويضات تختلف من محكمة إلى أخرى، بل تختلف داخل المحكمة الواحدة، هذا إضافة إلى تضارب السلط والقرارات بين درجات المحاكم، حيث أن محكمة النقض يمكن أن تعيد النظر بشكل جذري في أحكام صادرة من محاكم دنيا استنادا إلى السلطة التقديرية لقضاة محكمة النقض.
ومن المشاكل التي تطرحها المدونة الحالية، الفصل 400 منها الذي يفتح الباب على مصراعيه لاجتهادات لا حصر لها.
ومن الدواعي التي دفعت إلى الدعوة لمراجعة المدونة، ما تضمنه دستور 2011 الذي يقر المناصفة ومزيدا من المساواة بين المرأة والرجل، حيث أنه من الضروري أن تتلاءم المدونة باعتبارها قانونا أدنى مع أسمى قانون في البلاد، وهو الدستور.
كما تأتي هذا التعديل تنفيذا للخطاب الملكي لعيد العرش المنصرم الذي كان قد حدد الخطوط العريضة لمعالم التعديلات المرتقبة لمدونة الأسرة، والتي يفترض أن تأتي في إطار تنزيل الفصل 19 من الدستور، الذي يكرس المساواة بين المرأة والرجل، في الحقوق والواجبات، وينصّ على مبدأ المناصفة كهدف تسعى الدولة إلى تحقيقه.
ومن حيث المنهجية أكّد الخطاب الملكي على اعتماد منهجية تعددية وتشاورية في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية، وخصوصيات المجتمع المغربي، مع اعتماد الاعتدال والاجتهاد المنفتح، والتشاور والحوار، وإشراك جميع المؤسسات والفعاليات المعنية.
كما تأتي هذا التعديل انسجاما مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة التي صادق عليها المغرب، ورفع عنها كل أشكال التحفظ.
وينتظر المتتبعون الآفاق التي يمكن أن يفتحها التعديل الجديد، حيث أن بعض الجمعيات رفعت من سقف المطالبة حيث طالبت بالمراجعة الجذرية للمدونة.
ومن شأن الاجتهاد الذي أكد عليه الخطاب الملكي أن يخلق توازنا بين انتظارات المنظمات المهتمة بقضايا المرأة وبين ما ستسفر عنه المشاورات من تعديلات ستعزز من دون شك مكاسب الأسرة، وتتجاوز الاختلالات التي أبانت عنها المدونة الحالية بعد قرابة عقدين من تطبيقها.