إصرار النظام الجزائري على تشويه بنية اتحاد المغرب العربي يكشف إرادة هذا النظام في مواصلة تعطيل هذا الاتحاد، وأنه المسؤول الأول والأخير على تعطيله وتجميده .فقد بعث إشارة واضحة في هذا الصدد حينما دعا سابقا إلى اجتماع لقادة دول المغرب العربي، وفشل الرهان بعد أن اعتذرت موريتانيا عن الحضور وطار المسؤول الليبي إلى المغرب ليؤكد تشبث بلاده باتحاد المغرب العربي.
ويبدو أن النظام الجزائري لم يستخلص الدروس اللازمة من ذلك، واستغل فرصة حضور قادة دول المغرب العربي في احتفالات الجزائر بذكرى حدث وطني ليختلس ثورة جماعية لهؤلاء القادة رفقة رئيس جبهة البوليساريو الانفصالية، في محاولة جديدة للمناورة تستهدف اتحاد المغرب العربي، وليس المغرب.
طبعا نفهم أن يجتهد النظام الجزائري في محاولة التخفيف من طوق العزلة الذي يزداد ضيقا على عنقه، ولذلك يحرص على استغلال أية فرصة تبدو له مناسبة، بما في ذلك استغلال صورة عادية جدا للإيهام بأن اتحاد المغرب العربي أصبح في طبعته الأصلية متجاوزا، وأن الظرف مناسب لعزل المغرب عن انتمائه الإقليمي، وخلق كيان بديل يستثنيه.
هذه العقلية المتخلفة تزيد الأوضاع تعقيدا في المنطقة، لأن هناك نظاما عسكريا يحاول إخضاع الثوابت إلى متغيرات جديدة تخدم مصالحه الضيقة، وهذا يضر بمستقبل المنطقة .
اتحاد المغرب العربي ظل على امتداد أكثر من ثلثي قرن محط اهتمام وانشغال كبيرين من طرف شعوب المغرب العربي بالنظر إلى اعتباره من أهم سبل الخلاص والانطلاق نحو التطور والنمو، لتحقيق تكامل اقتصادي واجتماعي بين شعوب المنطقة.
ويتحصن هذا الرهان في مسار تاريخي نضالي طويل، وحينما تسعى جهة معينة إلى تجاوز هذه الحقيقة ومحاولة فرض حقيقة بديلة، وإن كان ذلك مستحيل المنال والتحقيق، فإن ذلك لن يضر المغرب في شيء، لأن أرض الله واسعة، ولكنه سيخلق واقعا جديدا يكرس التجزئة والتشرذم .
الإشكال حاليا ليس في النظام العسكري الجزائري الذي علمتنا التجارب أن نتوقع منه أبشع التفاهات، ولكنه في الدول التي تقبل بأن تستغل أدوات لتأثيث صور مزيفة من حيث الواقع، وتوافق على توظيفها وسائل في تصفية حسابات بئيسة ورخيصة .
أما نحن سنكتفي لحد الآن بالاستمتاع بالفرجة على مسرحية سخيفة جدا.
عبد الله البقالي
للتواصل مع الكاتب:
bakkali_alam@hotmail.com
للتواصل مع الكاتب:
bakkali_alam@hotmail.com