2022 شتنبر 19 - تم تعديله في [التاريخ]

شركات‭ ‬فرنسية‭ ‬كبرى‭ ‬تغادر‭ ‬المغرب‭ ‬

العلاقات‭ ‬المغربية‭ ‬الفرنسية‭ ‬تجتاز‭ ‬مرحلة‭ ‬اهتزازات‭ ‬


العلم الإلكترونية - الرباط

لم‭ ‬يعد‭ ‬خافيا‭ ‬على‭  ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الوطني‭ ‬أن‭ ‬العلاقات‭ ‬المغربية‭ ‬الفرنسية‭ ‬تجتاز‭ ‬مرحلة‭ ‬اهتزازات‭ ‬تكاد‭ ‬تكون‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث‭ ‬لهذه‭ ‬العلاقة‭ ‬،‭ ‬التي‭ ‬تميزت‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬بالتفاهم‭ ‬والانسجام‭ . ‬وتؤكد‭ ‬ذلك‭ ‬تطورات‭ ‬كثيرة‭ ‬تراكمت‭ ‬خلال‭ ‬الشهور‭ ‬الماضية‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬مواقف‭ ‬باريس‭ ‬و‭ ‬الرباط‭ ‬مستمرة‭ ‬في‭ ‬التباعد‭ ‬و‭ ‬الخلافات‭ ‬حول‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الملفات‭ ‬الساخنة‭ .‬

ويبدو‭ ‬أن‭ ‬باريس‭ ‬مصرة‭ ‬على‭ ‬إدخال‭ ‬تعديلات‭ ‬على‭ ‬سياستها‭ ‬الخارجية،‭ ‬خصوصا‭ ‬تلك‭ ‬المتعلقة‭ ‬بدول‭ ‬شمال‭ ‬أفريقيا،‭ ‬و‭ ‬ضمنها‭ ‬المغرب‭ ‬،‭ ‬حيث‭ ‬سبق‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬ألقت‭ ‬بحجرة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬بركة‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات‭ ‬بأن‭ ‬أعلنت‭ ‬عن‭ ‬تقليص‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬التأشيرات‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمواطني‭ ‬الدول‭ ‬المغاربية،‭ ‬خصوصا‭ ‬المغرب‭ ‬،‭ ‬بدعوى‭ ‬أن‭ ‬الرباط‭ ‬ترفض‭ ‬التعاون‭ ‬و‭ ‬التنسيق‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬باسترجاع‭ ‬الأطفال‭ ‬القاصرين‭ ‬الذين‭ ‬يوجدون‭ ‬في‭ ‬وضعية‭ ‬غير‭ ‬قانونية‭ ‬فوق‭ ‬التراب‭ ‬الفرنسي‭ ‬،‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬الرباط‭ ‬سبق‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬أكدت‭ ‬غير‭ ‬ما‭ ‬مرة‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬ترفض‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬لكن‭ ‬بشروط‭ ‬تتعلق‭ ‬بالتدقيق‭ ‬في‭ ‬جنسيات‭ ‬هولاء‭ ‬الأطفال‭ .‬

لكن‭ ‬أهم‭ ‬تحول‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الفرنسية‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬التقارب‭ ‬الفرنسي‭  ‬الجزائري،‭ ‬حيث‭ ‬قام‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬إيمانويل‭ ‬ماكرون‭ ‬بزيارة‭ ‬رسمية‭ ‬إلى‭ ‬الجزائر‭ ‬وقع‭ ‬خلالها‭ ‬على‭ ‬اتفاقيات‭ ‬مع‭ ‬حكومة‭ ‬قصر‭ ‬المرادية‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬كان‭ ‬واضحا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الود‭ ‬الجديد‭ ‬بين‭ ‬باريس‭ ‬و‭ ‬الجزائر‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الرد‭ ‬الفرنسي‭ ‬على‭ ‬المواقف‭ ‬الواضحة‭ ‬التي‭ ‬أعلنتها‭ ‬الرباط‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬مصالحها‭ ‬الاستراتيجية‭ .‬

آخر‭ ‬التطورات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالتباعد‭ ‬بين‭ ‬باريس‭ ‬و‭ ‬الرباط‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬تطورات‭ ‬اقتصادية‭ ‬و‭ ‬مالية‭ ‬وازنة‭ .‬فقد‭ ‬توالت‭ ‬الوقائع‭ ‬التي‭ ‬تؤشر‭ ‬على‭ ‬تطاير‭ ‬شرارات‭ ‬التباعد‭ ‬إلى‭ ‬المجالات‭ ‬المالية‭ ‬و‭ ‬الاقتصادية‭ .‬و‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬أعلنت‭ ‬الهيئة‭ ‬المغربية‭ ‬لسوق‭ ‬الرساميل‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬اليوم‭ ‬عن‭ ‬إيداع‭ ‬مشروع‭ ‬عرض‭ ‬عمومي‭ ‬إجباري‭ ‬للسحب‭ ‬يستهدف‭ ‬أسهم‭ ‬شركة ‬ليديك‭ ‬الفرنسية‭ ‬المكلفة‭ ‬بالتدبير‭ ‬المفوض‭ ‬للكهرباء‭ ‬و‭ ‬الماء‭ ‬و‭ ‬التطهير‭ ‬السائل‭ ‬في‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬هذا‭ ‬آخر‭ ‬تطور‭ ‬لسلسلة‭ ‬من‭ ‬الانسحابات‭ ‬لشركات‭ ‬فرنسية‭ ‬كبرى‭ ‬من‭ ‬المغرب‭ ‬تم‭ ‬الإعلان‭ ‬عنها‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬العام‭ ‬الحالي،‭ ‬ًحيث‭ ‬سبق‭ ‬لمجموعة‭ ‬"جيفري‭ ‬دانون‭ "‬الفرنسية‭ ‬و‭ ‬التي‭ ‬تستحوذ‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬99‭ ‬بالمائة‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭" ‬سنطرال‭ ‬دانون"‭  ‬الفرنسية‭ ‬أن‭ ‬أعلنت‭ ‬عن‭ ‬بداية‭ ‬انسحابها‭ ‬من‭ ‬المغرب‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬تروج‭ ‬أخبار‭ ‬مؤكدة‭ ‬عن‭ ‬توصل‭ ‬مصرف‭ ‬المغرب‭  ‬و‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬بنك‭ ‬تابع‭ ‬للمجموعة‭ ‬الفرنسية‭" ‬القرض‭ ‬الفلاحي"‭‬ إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬"هولمالكوم" ‬المملوكة‭ ‬لشخصية‭ ‬مغربية‭ ‬لاقتناء‭ ‬حصص‭ ‬فرع‭ ‬المجموعة‭ ‬البنكية‭ ‬بالمغرب‭ ‬الفرنسية،‭  ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬التوقيع‭ ‬رسميا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ .‬

ونستحضر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬قرار‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬المغربية‭ ‬الذي‭ ‬اعلن‭ ‬عنه‭ ‬قبل‭ ‬شهور‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬اليوم‭ ‬يقضي‭ ‬بتفويت‭ ‬التدبير‭ ‬المفوض‭ ‬في‭ ‬الجماعات‭ ‬المحلية‭ ‬المغربية‭ ‬إلى‭ ‬الشركات‭ ‬الوطنية،‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬مغادرة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬الفرنسية‭ ‬المكلفة‭ ‬بهذا‭ ‬التدبير‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬المغربية‭ .‬

والواضح‭ ‬أن‭ ‬باريس‭ ‬لا‭ ‬تخفي‭ ‬امتعاضها‭ ‬من‭ ‬تنويع‭ ‬المغرب‭ ‬لشركائه‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬والتجاريين،‭ ‬وترى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التنويع‭ ‬يتم‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬مصالحها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ . ‬



في نفس الركن