2024 يونيو/جوان 4 - تم تعديله في [التاريخ]

زوما‭ ‬و‭ ‬رامافوزا‭ ‬يتسببان‭ ‬في‭ ‬نكسة‭ ‬انتخابية‭ ‬قاسية‭ ‬لحزب‭ ‬نيلسون‭ ‬مانديلا‮

الناخبون‭ ‬بجنوب‭ ‬افريقيا‭ ‬عبروا‭ ‬عن‭ ‬سخطهم‭ ‬و‭ ‬تذمرهم‭ ‬من‭ ‬سياستهم‭ ‬الاقتصادية‭ ‬و‭ ‬الخارجية‭ ‬الفاشلة‭


العلم الإلكترونية - رشيد زمهوط 

أضحى‭ ‬حزب‭ ‬المؤتمر‭ ‬الوطني‭ ‬الإفريقي‭ ‬الذي‭ ‬حكم‭ ‬جنوب‭ ‬افريقيا‭ ‬لثلاثة‭ ‬عقود‭ ‬كاملة‭ ‬منفردا‭ ‬وبأغلبية‭ ‬برلمانية‭ ‬مطلقة‭ ‬و‭ ‬مريحة‭ ‬مضطرا‭ ‬الى‭ ‬نسج‮ ‬تحالفات‭ ‬لتشكيل‭ ‬حكومة‭ ‬ائتلافية‭ ‬وضمان‭ ‬بقاء‭ ‬زعيم‭ ‬الحزب‭ ‬سيريل‭ ‬رامافوزا‮ ‬رئيسا‭ ‬للبلاد‭ ‬لعهدة‭ ‬جديدة‭ .‬
 
وكان‭ ‬المؤتمر‭ ‬الوطني‭ ‬الإفريقي‭ ‬الحاكم‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬منذ‭ ‬ثلاثين‭ ‬عاما‭ ‬قد‭ ‬فقد‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬تاريخه‭ ‬أغلبيته‭ ‬المطلقة‭ ‬في‭ ‬البرلمان،‭ ‬إذ‭ ‬حاز‮ ‬على‮ ‬159‭ ‬مقعدا‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬400،‭ ‬بحسب‭ ‬نتائج‭ ‬أعلنتها‭ ‬اللجنة‭ ‬الانتخابية‭ ‬الأحد‮ ‬الماضي‭ ‬مما‭ ‬يشكل‭ ‬انتكاسة‭ ‬قاسية‭ ‬للحزب‭ ‬الحاكم‮ ‬الذي‭ ‬فقد‭ ‬71‭ ‬مقعدا‭ ‬نيابيا‭ ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬تعداد‭ ‬فريقه‭ ‬الأغلبي‭ ‬بالبرلمان‭ ‬المنتهية‭ ‬ولايته‭.‬
 
ويباشر‭ ‬رامافوزا‭ ‬رئيس‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ , ‬الذي‭ ‬يشغل‭ ‬أيضا‭ ‬منصب‭ ‬رئيس‭ ‬حزب‭ ‬المؤتمر‭ ‬الوطني‭ ‬الإفريقي،‭ ‬المفاوضات‭ ‬الأولية‭ ‬لتشكيل‭ ‬أغلبية‭ ‬برلمانية‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬سياسي‭ ‬مهتز‭ ‬نتيجة‭ ‬تواتر‭ ‬أصوات‭ ‬سياسية‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬حزبه‭ ‬ومن‭ ‬خارجه‭ ‬تطالب‭ ‬باستقالته‭ ‬من‭ ‬منصبيه‭ ‬الرسمي‭ ‬والحزبي،‭ ‬نتيجة‭ ‬الحصيلة‭ ‬الهزيلة‮ ‬اقتصاديا‭ ‬واجتماعيا‭ ‬لعهدته‭ ‬الرئاسية‭ ‬التي‭ ‬أدخلت‭ ‬جنوب‭ ‬افريقيا‭ ‬في‭ ‬دوامة‭ ‬أزمات‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬متسلسلة‭ .‬
 
وأوصل‭ ‬نهج‭ ‬سيريل‭ ‬رامافوزا‮ ‬وسلفه‭ ‬جاكوب‭ ‬زوما‭ ‬جنوب‭ ‬افريقيا‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تعد‮ ‬ثاني‭ ‬قوة‭ ‬اقتصادية‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الى‭ ‬واقع‭ ‬اقتصادي‭ ‬واجتماعي‭ ‬معقد‭ ‬و‭ ‬منذر،‭ ‬حيث‭ ‬تطال‭ ‬البطالة‭ ‬ثلث‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬وخصوصا‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬الشباب،‭ ‬كما‭ ‬ترتفع‭ ‬نسبة‭ ‬الفقر‭ ‬ويتسع‭ ‬التفاوت‭ ‬الطبقي‭ ‬مع‭ ‬بلوغ‭ ‬نسبة‭ ‬الجريمة‭ ‬أرقاما‭ ‬قياسية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ولد‭ ‬غليانا‮ ‬اجتماعيا‮ ‬وشعبيا‭ ‬بلغ‭ ‬ذروته‭ ‬صيف‭ ‬2021‭ ‬حيث‭ ‬شهدت‭ ‬أنحاء‭ ‬عدة‭ ‬من‭ ‬البلاد‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬العاصمة‭ ‬الإدارية‭ ‬بريتوريا‭ ‬وعدة‭ ‬مناطق‮ ‬اضطرابات‭ ‬واعمال‭ ‬نهب‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬منذ‭ ‬ثلاثة‭ ‬عقود‭ ‬أدت‭ ‬الى‭ ‬سقوط‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬350‭ ‬قتيلا‭.‬
 
ونشبت‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬التي‭ ‬دامت‭ ‬عشرة‭ ‬أيام‭ ‬وطالت‭ ‬مناطق‭ ‬عدة‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬افريقيا‭ ‬بعد‭ ‬توقيف‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬جاكوب‭ ‬زوما‭ ‬بسبب‭ ‬عدة‭ ‬قضايا‭ ‬فساد،‭ ‬حيث‭ ‬أدانته‭ ‬المحكمة‭ ‬الدستورية‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬أفريقيا بالسجن‮ ‬15‮ ‬شهرا‭ ‬بعد‭ ‬إدانته‭ ‬بتهمة‭ ‬تحقير‭ ‬القضاء‭ ‬إثر‭ ‬رفضه‭ ‬المثول‭ ‬أمام‭ ‬لجنة‭ ‬مكافحة‭ ‬الفساد‭.‬
 
وكان‭ ‬زوما‭ ‬قد‭ ‬أُجبر‭ ‬على‭ ‬التنحي‮ ‬من‭ ‬السلطة‭ ‬وقيادة‭ ‬الحزب‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2018‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬فضائح‭ ‬واتهامات‭ ‬بالفساد‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يوجه‭ ‬بدوره‭ ‬اتهامات‭ ‬بالفساد‭ ‬والخيانة‭ ‬إلى‭ ‬خلفه‭ ‬سيريل‭ ‬رامافوزا‭ .‬
 
و‭ ‬فجر‭ ‬زوما‭ ‬و‭ ‬هو‭ ‬أحد‮ ‬ركائز‭ ‬حزب‭ ‬‮«‬المؤتمر‭ ‬الوطني‭ ‬الأفريقي‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬تولى‭ ‬السلطة‭ ‬لمدة‭ ‬30‭ ‬عاماً،‭ ‬مفاجأة،‭ ‬الشتاء‭ ‬الماضي،‭ ‬عبر‭ ‬إعلان‭ ‬دعمه‭ ‬لحزب‭ ‬منافس‭ ‬وهو‭ ‬أومكونتو‭ ‬وي‭ ‬سيزوي‭ ‬الذي‭ ‬تأسس‭ ‬حديثاً‭.‬
 
وقد‭ ‬شكّل‭ ‬هذا‭ ‬الإعلان‭ ‬ضربة‭ ‬لحزب‭ ‬المؤتمر‭ ‬الوطني‭ ‬الأفريقي‭ ‬الذي‭ ‬فقد‭ ‬زخمه‭ ‬وتجذره‭ ‬الشعبي‮ ‬،‭ ‬بعد‭ ‬فضائح‭ ‬الفساد‭ ‬المتعددة‭ ‬وتراجع‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬
 
ودفعت‭ ‬قيادة‭ ‬الحزب‭ ‬الذي‭ ‬أسسه‭ ‬الزعيم‭ ‬الروحي‭ ‬لجنوب‭ ‬افريقيا‭ ‬نيلسون‭ ‬مانديلا‭ ‬عبر‭ ‬نتائج‭ ‬غير‭ ‬متوقعة‭ ‬ثمن‭ ‬خياراتها‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬الفاشلة‭ ‬وعواقب‭ ‬سياستها‭ ‬الخارجية‭ ‬الباحثة‭ ‬عن‭ ‬تحالفات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬وإقتصادية‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬منطقة‭ ‬جنوب‭ ‬افريقيا‭ ‬التي‭ ‬تنتمي‭ ‬اليها‭ ‬جغرافيا،‭ ‬و‭ ‬التي‭ ‬تشهد‮ ‬تباطؤًا‭ ‬في‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وتواجه‭ ‬تحديات‭ ‬متعددة‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬الحركات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاضطرابات‭ ‬المدنية‭ ‬وأزمة‭ ‬الكهرباء‭ ‬والكوارث‭ ‬الطبيعية‭ ‬حيث‭ ‬تشير‭ ‬تقارير‭ ‬البنك‭ ‬الافريقي‭ ‬للتنمية‮ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬المنطقة‭ ‬تتخلف‭ ‬عن‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬جهات‭ ‬أفريقيا‭.‬
 
وراهنت‭ ‬جنوب‭ ‬افريقيا‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬زوما‭ ‬ورامافوزا‭ ‬على‭ ‬نسج‭ ‬تحالف‭ ‬اقتصادي‭ ‬وسياسي‭ ‬إستراتيجي‭ ‬مع‭ ‬الجزائر‭ ‬بشمال‭ ‬القارة،‭ ‬لمعاكسة‭ ‬وكبح‭ ‬الاكتساح‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬للمغرب‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬بغرب‭ ‬ووسط‭ ‬القارة‭ ‬السمراء‭ .‬
 
على‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التحالف‭ ‬المصلحي‭ ‬لم‭ ‬يصمد‭ ‬طويلا‭ ‬أمام‭ ‬الأطماع‭ ‬الهيمنية‭ ‬للجزائر،‭ ‬فاجئ‭ ‬لحليفتها‭ ‬بريتوريا‭ ‬صيف‭ ‬السنة‭ ‬الماضية‭ ‬عن‭ ‬دعم‮ ‬ملف‭ ‬ترشيح‭ ‬الجزائر‭ ‬لعضوية‭ ‬مجموعة‮ ‬البريكس‭ ‬وتزكية‭ ‬سيريل‭ ‬رامافوزا‭ ‬لانضمام‭ ‬3دول‭ ‬عربية‭ ‬معارضة‭ ‬لتوجهات‭ ‬الجزائر‮ ‬لنفس‭ ‬التجمع‮ ‬وهي‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬ومصر‭.‬



في نفس الركن