2022 أغسطس/أوت 19 - تم تعديله في [التاريخ]

رحلة نحو اكتشاف المخطوط العربي

زيارة ميدانية ثقافية إلى المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط


فريق البحث: طلبة الإجازة/ إشراف وتنسيق د. إلهام العبداللوي

العلم الإلكترونية - الرباط

قام عشرون طالبا وطالبة من سلك الإجازة بالدراسات العربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في الرباط، يوم الجمعة 13 ماي 2022 بزيارة ميدانية ثقافية إلى المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالعاصمة، وذلك تحت إشراف أستاذتهم الدكتور إلهام العبداللوي، وكان الهدف الرئيسُ من الزيارة هو: التعرف على ما تحتويه وتزخر به هذه المكتبة من مخطوطات وكتب.

يسرد الطلبة محطات الزيارة بالقول: تمكنت الأستاذة إلهام العبداللوي، في اليوم المزمع، من الحضور قبل الموعد، والتقينا بباب المكتبة، للقيام برحلة نحو اكتشاف المخطوط بنفوس مليئة بالحماس، وقدمت لنا عدة نصائح منها:
 
- التعريف الأولي بالمراحل التي سنقوم بها.
- ضرورة التحلي بالسلوك الحسن واللبق والانضباط طيلة الزيارة.

مباشرة بعد اجتيازنا باب المكتبة الوطنية، توقفنا أولا في فضائها المفتوح المحتضن لطلاب العلم والمعرفة والفن، مشيدَّ بمواد ذات قيمة عالية ورمزية، من مرمر أبيض يدل على الصفاء، وزجاج شفاف. وفي بهوها لوحات فنية رائعة تسحر الزائر، بجمال تنسيق ألوانها، لهذا توقفنا برهة لتأملها وتأويل الرسالة التي تحمل في طياتها.

بعدها استقبلنا الأستاذ إبراهيم إغيلان بمعية الأستاذة إلهام العبداللوي بحفاوة فائقة، فأخذنا إلى قاعة الندوات، وحدثنا عن البداية الحقيقية لهذه المكتبة وسنة إنشائها (1920م)، إبان الحماية الفرنسية وكان اسمها آنذاك الخزانة العامة. ثم ذكر بأنها تتميز عن باقي المكتبات بكونها تضم كل ما يكتب في المغرب وما يكتب عنه من تراث فكري. وأوضح لنا المراحل التي سنقطعها خلال جولتنا بها، ثم عرض لنا فلما وثائقيا عن إنجازات المكتبة. ولحسن حظنا كنا أول المشاهدين لهذا الفيلم الذي يضم:
 
1- تمكن المكتبة الوطنية للمملكة المغربية من مواكبة المكتبات العالمية.
2- نالت شرف تسميتها بالمكتبة الوطنية سنة 2003م، وتم تدشين مقرها الجديد من طرف الملك محمد السادس نصره الله، سنة 2008م. وهكذا انتقلت من مكانها القديم بجوار كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، إلى مقرها الحديث المتواجدين فيه الآن.
3- نجاحها في الحفاظ على دورها الأساسي وهو حفظ الكتب المغربية، وكذا مواكبة التطور التكنولوجي الرقمي.
4- لم تعد مجرد مقر للمطالعة، وإنما أضحت مرجعا، ومؤسسة ثقافية مرموقة.
5- تتميز بمعرفة الكتب الرائجة في المغرب، وهي دائما في تغير مستمر.
6- ولها أنشطة موازية كالمحاضرات والمناظرات والقراءات في الكتب الصادرة حديثا وعروض اللوحات الفنية وغيرها كثير...

بعد الاستمتاع بالمشاهدة، توجهنا إلى اكتشاف مرافق المكتبة، وما تضمه في كنفها الرحب، فكانت وجهتنا نحو المكان المخصص للمكفوفين وضعاف البصر، فالمكتبة تعترف بضرورة إعطاء الحق للفئات ذوي الاحتياجات الخاصة لتلقي المعلومات والتعلم.

وللمكتبة عدة مهام أساسية نذكر منها:
 
1. أنها المؤسسة الوحيدة في المغرب التي تمنح الإيداع القانوني سواء للكتب الورقية أو الإلكترونية، كما أنها الوحيدة التي تقوم بتقديم الرقم الدولي، وهو حق للمؤلف.
2. عند صدور أي كتاب يجب تقديم أربع نسخ للمكتبة.
3. تعرف كل ما يصدر في المغرب من كتاب في جميع المجالات
(الدين - الأدب - الطبخ...). ومن خلال هذه العملية تتمكن من إصدار كتاب يسمى كتاب البيبليوغرافية كل سنة، لكن ما بين 2015-2020، حصل ركود نجهل أسبابه، بعدها صدرت الكتب المشار إليها وسميت بالسنوات الاستدراكية.
4. تثمين التراث المخطوط، إذ تضم حوالي 33 ألف مخطوط
25 في المائة منها من النوادر.

توجهنا نحو المجموعات الخاصة التي تضم الصور الفوتوغرافية والخرائط والرسائل، التقطتها عدسات المستعمر لتغطي بعض أحداث فترة الحماية. 

ومن رحمها، تخرج المخطوطات الرقمية " pdf" واضحة، وعددها حوالي 11 ألفا، متنوعة اللغات (أمازيغية، عبرية...)، وضعت في الموقع الإلكتروني الخاص بالمكتبة.

وتضم أيضا مختبرات للترميم والرقمنة، لإعادة ترميم كل المخطوطات التي تدخَّ ل الزمان في إتلافها. أما الخاصية الثانية فمكانها مخصص للمخطوطات المرقمنة قصد الحفاظ عليها من الكوارث الطبيعية كالزلازل والحرائق. ثم وضع العديد من الكتب والمخطوطات في الموقع الإلكتروني الخاص بها، بجودة عالية الدقة، وإتاحتها للجميع.

بدأت رحلة جديدة مع المسؤول عن الترميم في شخص المهندسة الزهراء كرمي.

استقبلتنا ببشاشة ومحيا طلق، مرحبة بزوارها. توجهنا برفقتها إلى مختبر يعج بالمخطوطات التي تعتني بإعادة ترميمها، فشاهدنا الآلات التي يمر بها المخطوط منذ استقبالها له والعناية به "كرضيع،" وتنظيفه من أنواع الحشرات التي تعشق الورق

كـ(الأرضة) مثلا، وصيانته وترميمه بأوراق خالية من الحموضة إلى أن يجلد ويصنف ويرقمن.

ومن خلال تجادب أطراف الحديث بين الأستاذتين الزهراء وإلهام العبداللوي تمكنا من معرفة أن هذه المكتبة تتوفر على أقدم مصحف شريف مكتوب على رق الغزال بالخط الكوفي يعود تاريخه إلى القرن الرابع من الهجرة، كما جاء على لسان أستاذتنا، أن أستاذة باحثة فرنسية في علم الكوديكولوجيا، قدمت من "كوليج دو فرانس" بفرنسا من أجل المقارنة بينه وبين نسخة في مكتبتهم كي تثبت أيهما أقدم.

واصطحبنا إلى مختبر المعالجة الدقيقة للأجزاء المتآكلة من ورق المخطوط، وتتم يدويا يحتاج صاحبها للعناية الفائقة والدقة والصبر والتركيز.

بهذه الصور ودعنا جزيرة الترميم، لنتوجه رفقة الأستاذ إبراهيم إغيلان إلى فضاء السمعي البصري وبه الأفلام الوثائقية والسينمائية المغربية، وكذا البرامج والأسطوانات الموسيقية بشكليها الحديث والقديم، وبها آلات صغيرة الحجم لنسخ الكتب وضعت خصيصا للطلبة، لكنها تركت وحيدة في ركن مظلم ولم تحظى باهتمام الطلبة.

ثم اطلعنا من طرف الأخت نادية كجي في فضاء القراءة، على كيفية الولوج إلى قاعة البيانات عبر الموقع الإليكتروني للمكتبة للبحث البيبليوغرافي سواء عن طريق المؤلف أو عنوان الكتاب، والقاعة مجهزة بأحسن التجهيزات والحواسب للبحث البيبليوغرافي لا غير. كما أنها محاطة بالرفوف الملآى بالمصادر والكتب الأحب إلى قلوبنا ولكل من يهيم بها ويعشقها.

ختاما توجت هذه الرحلة الاستكشافية بأخذ صور تذكارية لتوثيق هذه اللحظة مع منسق هذه الزيارة وتحميسنا لها الأستاذة إلهام العبداللوي، فشكرا لها على ما بذلته من مجهودات.

والشكر موصول للمحترم السيد مدير المكتبة الوطنية محمد الفران على موافقته على زيارتنا للمكتبة، والمحترم السيد إبراهيم إغيلان على حسن استقبالنا واحتضاننا أثناء جولتنا داخل المعلمة العلمية، وكذا الطاقم الإداري كل واحد باسمه صفته، لمساهمتهم في توضيح ما استغلق علينا أثناء زيارتنا لمختبراتهم، وكذا جنود الخفاء من العاملين بها.




في نفس الركن