2024 أغسطس/أوت 12 - تم تعديله في [التاريخ]

دينامية‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭ ‬المالي‭ ‬لسنة 2025..


الافـتتاحية

 
أولوية‭ ‬الأولويات‭ ‬لمشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬للسنة‭ ‬القادمة‭ ‬2025‭ ‬الذي‭ ‬أعدته‭ ‬الحكومة،‭ ‬هي‭ ‬تعزيز‭ ‬ركائز‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بكل‭ ‬أبعادها‭ ‬‮‬وما‭ ‬يرتبط‭ ‬بها‭ ‬و‭ ‬يتفرع‭ ‬عنها‭ ‬ويندمج‭ ‬فيها‭ .‬وتتكامل‭ ‬هذه‭ ‬الأولوية‭ ‬الرئيسَة‭‬، ‬مع‭ ‬أخريات‭ ‬تحمل‭ ‬العناوين‭ ‬التالية،‭ ‬وهي‮ ‬‭:‬توطيد‭ ‬دينامية‭ ‬الاستثمار‭ ‬وخلق‭ ‬فرص‭ ‬الشغل، ‬ومواصلة‭ ‬تنزيل‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الهيكلية،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬استدامة‭ ‬المالية‭ ‬العمومية‭ .‬

وهي‭ ‬أهداف‭ ‬استراتيجية‭ ‬‮‬يدخل‭ ‬تحقيقها‭ ‬ضمن‭ ‬الالتزامات‭ ‬الأساس‭ ‬التي‭ ‬قطعت‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬نفسها‭ ‬الوفاءَ‭ ‬بها‭ ‬والعملَ‭ ‬على‭ ‬تنفيذها‭ ‬وبذلَ‭ ‬أقصى‭ ‬الجهود‭ ‬لتحقيقها‬،‭ ‬في‭ ‬أفق‭ ‬النصف‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬ولايتها‭ ‬الانتدابية‮،‭ ‬تفعيلاً‭ ‬للتوجهات‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬القاضية‭ ‬بتنزيل‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الجوهرية‭ ‬التي‭ ‬يقودها‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬و‭‬أيده‭.‬

إن‭ ‬القراءة‭ ‬المدققة‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬المنهج‭ ‬العلمي‭ ‬الرصين،‭ ‬للمذكرة‭ ‬التوجيهية‭ ‬للحكومة‭ ‬حول‭ ‬إعداد‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2025،‭ ‬‮ ‬ تنتهي‭ ‬بالدارس‭ ‬المتعمق‭ ‬المزود‭ ‬بقواعد‭ ‬العلوم‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والمستند‭ ‬إلى‭ ‬علم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬السياسي،‭ ‬إلى‭ ‬استخلاص‭ ‬النتيجة‭ ‬الجامعة‭ ‬لكل‭ ‬المجالات‭ ‬الحيوية،‭ ‬و‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬تبني‭ ‬برنامجها‭ ‬التفصيلي‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬دعم‭ ‬إرساء‭ ‬قواعد‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وتعزيز‭ ‬بنيانها‭ ‬والرفع‭ ‬من‭ ‬سقفها‭ ‬وضمان‭ ‬استدامتها‭ ‬ووضع‭ ‬هندسة‭ ‬سياسية‭ ‬ذات‭ ‬أبعاد‭ ‬اقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وإنسانية،‭ ‬لرسم‭ ‬خريطة‭ ‬المستقبل‭ ‬للدولة‭ ‬الاجتماعية‭. ‬

ولذلك‭ ‬يصح‭ ‬القول‭ ‬بكل‭ ‬ثقة‭ ‬ويقين،‭ ‬إن‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬للسنة‭ ‬القادمة،‭ ‬هو‭ ‬مشروع‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول،‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬الابتكار‭ ‬والتحديث‭ ‬‮‬في‭ ‬العمق‭ ‬و‭‬الجوهر،‭ ‬وبين‭ ‬الاستجابة‭ ‬لتحديات‭ ‬المرحلة‭ ‬والتفاعل‭ ‬مع‭ ‬المستجدات‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬بناء‭ ‬السياسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ذات‭ ‬البعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬و‭ ‬العمق‭ ‬الإنساني‭ ‬،‭ ‬التي‭ ‬تضع‭ ‬توفير‭ ‬الكرامة‭ ‬لكل‭ ‬مواطن‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬الأهداف‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬من‭ ‬أجلها‭ .‬

وانطلاقاً‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الهندسة‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬واستناداً‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الأبعاد‭ ‬الإنسانية،‭ ‬فإن‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬للسنة‭ ‬المقبلة،‭ ‬ينبني‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الاقتناع‭ ‬العميق‭ ‬والإدراك‭ ‬الواعي،‭ ‬بأن‭ ‬توفير‭ ‬الكرامة‭ ‬وتأمين‭ ‬العيش‭ ‬الكريم‭ ‬للأسرة‭ ‬المغربية،‭ ‬لن‭ ‬يستقيما‭ ‬دون‭ ‬إرساء‭ ‬سياسة‭ ‬اقتصادية‭ ‬مهيكلة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬تحفيز‭ ‬الاستثمار‭ ‬والتشغيل‭ ‬ومواكبة‭ ‬القطاعات‭ ‬الواعدة،‭ ‬بهدف‭ ‬تعبئة‭ ‬التمويلات‭ ‬الضرورية‭ ‬لضمان‭ ‬استدامة‭ ‬ركائز‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية‭.‬

‮ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬هذه‭ ‬الهندسة‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬ذات‭ ‬الأفق‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الواسع،‭ ‬ستحرص‭ ‬الحكومة،‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬2025،‭ ‬والسنوات‭ ‬اللاحقة،‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬ضبط‭ ‬مسار‭ ‬المالية‭ ‬العمومية‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬عجز‭ ‬الميزانية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬المتوسط،‭ ‬في‭ ‬4‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬الداخلي‭ ‬الخام،‭ ‬سنة‭ ‬2024،‭ ‬و‭ ‬3‭,‬5‭ ‬بالمائة‭ ‬سنة‭ ‬2025،‭ ‬و‭ ‬3‭ ‬بالمائة‭ ‬سنة‭ ‬2026‭. ‬ويتوازى‭ ‬هذا‭ ‬المجهود‭ ‬المالي‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬حسابات‭ ‬دقيقة‭ ‬روعي‭ ‬فيها‭ ‬استشراف‭ ‬المستقبل‭ ‬استناداً‭ ‬إلى‭ ‬معطيات‭ ‬الحاضر‭ ‬،‭ ‬مع‭ ‬ضبط‭ ‬حجم‭ ‬المديونية‭ ‬في‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬70‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬الداخلي‭ ‬الخام‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬أفق‭ ‬2026‭ ‬‮ ‬‭.‬

بهذه‭ ‬الروح‭ ‬الوثابة،‭ ‬وبهذا‭ ‬الوعي‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الرشيد،‭ ‬وبهذه‭ ‬الرؤية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الواضحة،‭ ‬يشكل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬السيادة‭ ‬المائية‭ ‬والغذائية‭ ‬والطاقية‭ ‬وحماية‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية،‭ ‬العناوين‭ ‬الرئيسة‭ ‬للمجهود‭ ‬الحكومي‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬المقبلة‭ . ‬وتلك‭ ‬هي‭ ‬الأهداف‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للدولة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أبعادها،‭ ‬كما‭ ‬يتوضح‭ ‬للمراقب‭ ‬‮‬المزود‭ ‬بالعلم‭ ‬والخبرة‭ ‬والدراية،‭ ‬ويبرز‭ ‬بشكل‭ ‬وافٍ‭ ‬للمحلل‭ ‬السياسي‭ ‬المستند‭ ‬إلى‭ ‬المنهج‭ ‬السليم‭ ‬والمعتمد‭ ‬على‭ ‬قواعد‭ ‬الاقتصاد‭ ‬السياسي‭ .‬

وإذا‭ ‬ما‭ ‬أخذنا‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬السياقَ‭ ‬الدولي‭ ‬المطبوع‭ ‬بالتقلبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وبالتوترات‭ ‬السياسية‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬النزاعات‭ ‬والصراعات‭ ‬التي‭ ‬تنشب‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المناطق،‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2025‭ ‬الذي‭ ‬أعدته‭ ‬الحكومة،‭ ‬تفعيلاً‭ ‬للتوجهات‭ ‬الملكية‭ ‬السامية،‭ ‬يعد،‭ ‬وبكل‭ ‬المقاييس،‭ ‬مشروعاً‭ ‬متقدماً‭ ‬وعلى‭ ‬قدر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الجدة‭ ‬والابتكار‭ ‬والملاءمة‭ ‬بين‭ ‬الواقع‭ ‬الذي‭ ‬يحفل‭ ‬بالتحديات،‭ ‬وبين‭ ‬الطموح‭ ‬والاستجابة‭ ‬لتطلعات‭ ‬المواطنات‭ ‬والمواطنين‭ ‬ولانتظاراتهم‭ ‬ولآمالهم‭ . ‬‮ ‬

وتلك‭ ‬هي‭ ‬الخلاصة‭ ‬الوافية‭ ‬التي‭ ‬نخرج‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬قراءة‭ ‬المذكرة‭ ‬التوجيهية‭ ‬للحكومة،‭ ‬حول‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬للسنة ‭‬2025،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬سياق‭ ‬الظرفية‭ ‬الحالية‭ ‬التي‭ ‬تعج‭ ‬بالتحديات‭ ‬التي‭ ‬‮ ‬تواصل‭ ‬الحكومة‭ ‬الجهود‭ ‬لرفعها‭.‬

*العلم*



في نفس الركن