العلم الإلكترونية - أنس الشعرة
في مارس الماضي من هذه السنة، أعلنت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، عن تسجيلها لـ 30 ألفا و355 حالة تخضع للعلاج من داء السل، تتركز أغلبها في ست جهات عبر ربوع المملكة هي بالتتبعِ: الدارالبيضاء- سطات، والرباط- سلا- القنيطرة، وطنجة- تطوان- الحسيمة، وفاس- مكناس، وأخيرًا مراكش- أسفي وسوس ماسة، ويصل عدد ضحايا هذا الداء إلى 3000 حالة سنويا، هذه أرقام تعرفنا بطريقة ملموسة، حقيقة المرض وخطورته، كما أن الوضعية تطرحُ أكثر من دلالة على مستويات عدة: أولها على المنظومة الصحية ببلادنا، ورغم الجهود المبذولة في إطار البرنامج الوطني للقضاء على داء السل في أفق 2030، فإن ملامح القضاء على هذا الداء، ما تزال بعيدة، إذ لم تحرز تقدمًا كبيرًا في إطار البرنامج، ففي سنة 2020 تم تسجيل 28 ألف حالة، بينما في السنة الماضية سجلت 30 ألف حالة، ما يعني أن السياسات العمومية الصحية الموجهة للقضاء هذا على هذا المرض، لاتزال بعيدة عن أهدافها المسطرة، بعد وضع البرنامج الوطني.
في مارس الماضي من هذه السنة، أعلنت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، عن تسجيلها لـ 30 ألفا و355 حالة تخضع للعلاج من داء السل، تتركز أغلبها في ست جهات عبر ربوع المملكة هي بالتتبعِ: الدارالبيضاء- سطات، والرباط- سلا- القنيطرة، وطنجة- تطوان- الحسيمة، وفاس- مكناس، وأخيرًا مراكش- أسفي وسوس ماسة، ويصل عدد ضحايا هذا الداء إلى 3000 حالة سنويا، هذه أرقام تعرفنا بطريقة ملموسة، حقيقة المرض وخطورته، كما أن الوضعية تطرحُ أكثر من دلالة على مستويات عدة: أولها على المنظومة الصحية ببلادنا، ورغم الجهود المبذولة في إطار البرنامج الوطني للقضاء على داء السل في أفق 2030، فإن ملامح القضاء على هذا الداء، ما تزال بعيدة، إذ لم تحرز تقدمًا كبيرًا في إطار البرنامج، ففي سنة 2020 تم تسجيل 28 ألف حالة، بينما في السنة الماضية سجلت 30 ألف حالة، ما يعني أن السياسات العمومية الصحية الموجهة للقضاء هذا على هذا المرض، لاتزال بعيدة عن أهدافها المسطرة، بعد وضع البرنامج الوطني.
هناك عدة عوامل، تساهم في الإصابة بهذا الداء، أولها الفقر والهشاشة، فأغلب المصابين، ينتمونَ إلى الطبقات الفقيرة والهشة، تعيش هذه الفئة ظروفا سكانية غير صحية وهشة، وتعتبر هذه المسألة من المسببات الرئيسة للإصابة بالسل، فضلا عن النقص الحاد في التغذية وغياب الثقافة الصحية، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالمرض والمساهمة في تسارعِ انتشاره، دون وعي منهم.
من جانب أخر، فإن القطاع الصحي بالمغرب يعرف انتشار سلوكيات مشبوهة، تتعلق بممارسة الرشوة والمحسوبية والزبونية داخل المنظومة الصحية، وهو ما عبر عنه تقرير مؤشر الثقة الذي أصدره المركز المغربي لتحليل السياسات في 2022، حيث أكد أن 87 في المائة من المستجوبين في التقرير، أن الرشوة منتشرة في قطاع الصحة العمومي، وربما هذا سبب مفسر لمَ لا تستطيع هذه الفئة تلقي العلاجات الضرورية المتعلقة بهذا المرض أو غيره، بالإضافة إلى ذلك تعرف الخدمات الصحية تراجعًا مقلقا ومربكا في آن، حيث يتمثل في نقص الموارد الطبية والأدوية الضرورية لعلاج ومكافحة هذا الداء، وضعف النظام الصحي الذي يمكن أن يؤدي إلى إهمال الكشف المبكر عن الحالات المصابة بالسل وعدم توفير العلاج اللازم في الوقت المناسب.
هناك أيضا عوامل أخرى، لا تقل خطورة عن العامل الصحي، وتتمثل في النقص الحاصل في التوعية والتثقيف الصحي حول داء السل وكيفية الوقاية منه، فالوعي المحدود حول الأعراض وطرق الانتقال لداء السل، تعد عاملاً مباشرًا في انتشاره ضمن أغلب فئات المجتمع.
يتطلب القضاء على داء السل، أو التقليل من خطورته، استراتيجية صحية تواصلية شمولية، تنطلق من البنيات الذهنية للمجتمع، وفهم العادات وسلوكيات الناس في الشفاء من الأمراض، حيث يلجأ العديد من الناس إلى العلاج الشعبي، مثل الأعشاب النباتية وأعمال السحر والشعوذة أو الرقية الشعبية، وهي كلها عادات شائعة اجتماعيا في محاربة هذا المرض، لدى فئة عريضة من المجتمع، وبالتالي؛ فإن الوزارة مدعوة إلى وضع سياسة صحية دقيقة ترصد الأسباب والمسببات المركبة لهذا، فالملاحظ أن هناك غياب شبه كلي لاستراتيجية تواصلية شمولية في أجندة الوزارة، وعلى الرغم من الحملات التي تقوم بها بين الفينة والأخرى، إلا أن الأمر يتطلب وعيًا شموليا لإعداد مخطط استراتيجي تواصلي وطني، للتوعية والتحسيس بخطورة المرض، عبر استثمار الآليات الرقمية وتكثيف الحملات الطبية الميدانية في المدارس والأحياء، وفي المناطق التي يتركز فيها المرض، وبكلمة فإن الوزارة في حاجة إلى تطوير استراتيجيتها التواصلية الصحية، مع ضرورة إشراك كافة الفاعلين والمتدخلين في السياسات الصحية ببلادنا، لأن الأمر أولا وأخيرًا يتعلق بصحة المغاربة.