وقد وصل أولاف شولتس صباح يوم الأربعاء الماضي إلى باريس لإجراء محادثات مع "إيمانويل ماكرون" وألغي المؤتمر الصحفي للزعيمين بعد الاجتماع بسبب كما قيل "ضيق الوقت" للمستشار "شولتس" الذي كان، بعد باريس، في عجلة من أمره وفي طريقه إلى أثينا.
وبحسب الخبير الفرنسي فإن "الاجتماع البارد بين ماكرون وشولتس بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو دليل آخر على أن الاتحاد الأوروبي ينهار، ويتجه البناء الأوروبي نحو الانحدار".
وتابع بلاكويفنت لوكالة "نوفوستي" الروسية أن "قائمة الخلافات بين البلدين تتزايد فقط مع كل اجتماع، بينما لم يحاول الرئيسان حتى التقليل منها في اجتماع باريس، فألغيا مؤتمرهما الصحفي المشترك عقب الاجتماع، الذي أعتبره (بناء)، كما تم تأجيل اجتماع مجلس الوزراء الفرنسي الألماني المشترك و"المقدس".
وقال بلاكويفنت: "إن الخلاف بين شولتس وماكرون خطير، ولا توجد أي مؤشرات على ذوبان الجليد في علاقتهما خلال الأشهر المقبلة، حيث تسير ألمانيا بطريقتها الخاصة، وتخصص 200 مليار يورو لخطة المساعدة لشركاتها ومواطنيها، دون أي مبالاة بشأن (شركائها الأوروبيين)".
وبحسب الخبير فلا أحد يدعم ماكرون في رغبته لتطوير "قوة أوروبية افتراضية" يرى نفسه رئيسها في المستقبل. في الوقت نفسه فقد خان الألمان "البديل الأوروبي" بتعبير ديغول، وظلوا منذ عام 1945 في إطار "العولمة برعاية أمريكية"، مطبقين عددا كبيرا من توجيهات واشنطن.
وخلص الخبير إلى أن فرنسا لا تزال حاليا القوة السياسية الأكبر لأوروبا، في حين أن ألمانيا هي قوتها الاقتصادية، ولها وزن أكبر بكثير في الاتحاد الأوروبي.
وتابع بلاكويفنت بأن التحالف الفرنسي الألماني حظي بفرصة لكي يصبح "مشروعا موثوقا به" فقط عندما كان جاك شيراك رئيسا لفرنسا، وغيرهارد شرودر مستشارا لألمانيا، ثم كان محور باريس وبرلين وموسكو في قلب التحالف. لكن هذا الحلم، وفقا للخبير السياسي، تحطم مع آخر بادرة على استقلال فرنسا، عندما رفض الرئيس شيراك الانضمام إلى التحالف الأمريكي في حرب العراق الثانية (حرب الخليج).
"يفعل ماكرون عكس ما فعله ديغول تماما، حيث يقترح مشاركة ألمانيا في مقعد فرنسا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وتساهم الأزمة في أوكرانيا بشكل أكبر في ظهور تصدعات في النظام الدولي القائم: أوروبا تنهار، وهذا مفيد لروسيا والصين، ونموذجي بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، التي ستزيل تدريجيا القوة المحتملة لأوروبا بهذه الطريقة، وتمحي وضعها كمنافس اقتصادي معيق"، كما قال بلاكويفنت.
ووفقا لبلاكويفنت، يدعو شولتس إلى التوسع الاقتصادي شرقا نحو البلقان، وبالتالي فهو يحاول نسيان "عمى" برلين تجاه روسيا، بينما لا يزال ماكرون يدعو إلى تكامل أوروبي أكبر. ومع ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي الذي يضم 36 عضوا في المستقبل، شريطة أن يتم دمج جميع المرشحين للاتحاد الأوروبي، بما في ذلك أوكرانيا، سيمثل "نشازا نموذجيا" ضعيفا جدا من الناحية السياسية، حيث ستلعب ألمانيا دور الرائد وتنزوي فرنسا إلى الخلفية.
ويتابع الخبي الفرنسي: "هذا هو السيناريو المثالي للولايات المتحدة الأمريكية، التي ستزداد هيمنتها على حلفاء (الناتو) وسيتم تأكيد القوة الاقتصادية الاستراتيجية. كما يجري تدمير القوة الاقتصادية الأوروبية المحتملة بفضل (اليوتوبيا الخضراء) التي تفرضها المفوضية الأوروبية بطريقة شمولية تماما". فهي، وفقا للخبير، لا تعمل، "هم يضحون بالاقتصاد الحقيقي على مذبح البيئة، وأوروبا تصبح نوعا من حقل التجارب الاجتماعية، والتي يمكن أن تكون كاليفورنيا الأوروبية".
ووفقا لصحيفة "فيلت" فإن العلاقات بين فرنسا وألمانيا في أدنى مستوياتها، حيث ترى الصحيفة أن الخلافات بين الطرفين يمكن أن تؤدي في النهاية إلى نهاية فترة السماح وقطع العلاقات. تتعلق القضايا الأكثر إثارة للجدل بالسعر الهامشي للغاز، وعدم استعداد شولتس دعم فكرة ماكرون عن السيادة الأوروبية والدفاع المشترك، فضلا عن مفاوضات الزعيم الفرنسي خلف ظهر نظيره الألماني بشأن إنشاء خط أنابيب غاز بين برشلونة وكاركاسون، وهو أيضا ما أجج الصراع.
العلم الإلكترونية – نوفوستي