2024 ماي 15 - تم تعديله في [التاريخ]

حماية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬المغربي‭ ‬هو‭ ‬الهدف‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الأعلى


الافـتتاحية


في‭ ‬عالم‭ ‬تتصاعد‭ ‬فيه‭ ‬حدة‭ ‬النزاعات‭ ‬المسلحة‭ ‬وتتفاقم‭ ‬المخاطر‭ ‬المهددة‭ ‬للسلم‭ ‬والأمن‭ ‬الدوليين،‭ ‬وتتصارع‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬على‭ ‬امتلاك‭ ‬مواقع‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬مناطق‭ ‬شتى، ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الأفريقية،‭ ‬تمثل‭ ‬مناورات‭ ‬الأسد‭ ‬الأفريقي‭ ‬لعام ‬2024 ‬التي‭ ‬يحتضنها‭ ‬المغرب‭ ‬و‭‬تنطلق‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬إلى‭ ‬31‭ ‬ماي‭ ‬الجاري، النموذج‭ ‬الأمثل‭ ‬للتعاون‭ ‬المشترك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التصدي‭ ‬للتهديدات‭ ‬متعددة‭ ‬الأطراف‭ ‬للأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي،‭ ‬وبناء‭ ‬السلام‭ ‬العالمي‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬متينة‭ ‬وبأفق‭ ‬يستشرف‭ ‬المستقبل‭ ‬الإنساني،‭ ‬بحكم‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المناورات‭ ‬تعد‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬التي‭ ‬تجري‭ ‬في‭ ‬أفريقيا، ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أنها‭ ‬ملتقى‭ ‬هام‭ ‬تتبادل‭ ‬فيه‭ ‬الأطر‭ ‬العسكرية‭ ‬المعلومات‭ ‬والتجارب‭ ‬والخبرات،‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬مجالي‭ ‬التكوين‭ ‬والتدريب‭ ‬المشترك‭ .‬

‭ ‬فطبقاً‭ ‬لتعليمات‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬حفظه‭ ‬الله،‭ ‬القائد‭ ‬الأعلى‭ ‬ورئيس‭ ‬أركان‭ ‬الحرب‭ ‬العامة‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الملكية،‭ ‬والقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وبشكل‭ ‬مشترك‭‬، ‬ستجري‭ ‬هذه‭ ‬المناورات‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬بنجرير‭ ‬وأكادير‭ ‬وتفنيت‭ ‬وطانطان‭ ‬و‭‬أقا‭‬، ‬بمشاركة‭ ‬7‭ ‬آلاف‭ ‬عنصر‭ ‬و‭ ‬20‭ ‬دولة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬الناتو،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الملكية‭ ‬ونظيرتها‭ ‬الأمريكية‭ .‬

‭ ‬وتؤكد‭ ‬الدورة‭ ‬العشرون‭ ‬لمناورات‭ ‬الأسد‭ ‬الأفريقي،‭ ‬استدامة‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الملكية‭ ‬والقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬انسجاماً‭ ‬مع‭ ‬الروابط‭ ‬التاريخية‭ ‬المتينة‭ ‬القائمة‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬وتعزيزاً‭ ‬للعلاقات‭ ‬المغربية‭ ‬الأمريكية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬التفاهم‭ ‬والاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬والمصالح‭ ‬المشتركة‭ ‬والتعاون‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭ ‬الدوليين،‭ ‬انطلاقاً‭ ‬من‭ ‬مبادئ‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ .‬

وتأتي‭ ‬الدورة‭ ‬العشرون‭ ‬لمناورات‭ ‬الأسد‭ ‬الأفريقي،‭ ‬التي‭ ‬ستحتضنها‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية،‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬مرحلة‭ ‬قلقة‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬القارة‭ ‬الأفريقية‭ ‬،‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬ومنطقة‭ ‬الساحل‭ ‬الأفريقي‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ . ‬فالتصعيد‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬التهديدات‭ ‬الأمنية‭ ‬‮ ‬التي‭ ‬تزعزع‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬الساخنة‭ ‬والمضطربة‭ ‬،‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬المحبة‭ ‬للسلام‭ ‬والمتصدية‭ ‬للإرهاب‭ ‬بكل‭ ‬أشكاله‭ ‬،‭ ‬أن‭ ‬تتخذ‭ ‬من‭ ‬التدابير‮ ‬،‭ ‬وعلى‭ ‬مختلف‭ ‬المستويات،‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يحمي‭ ‬هذا‭ ‬الجزء‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬المخاطر‭ ‬المحدقة‭ ‬به،‭ ‬وهي‭ ‬كثيرة‭ ‬و‭ ‬متعددة،‭ ‬منها‭ ‬توغل‭ ‬قوات‭ ‬فاغنر‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأفريقية،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة‭ ‬للمنطقة،‭ ‬نذكر‭ ‬منها‭ ‬النيجر‭ ‬ومالي،‭ ‬اللتان‭ ‬توجد‭ ‬قوات‭ ‬فاغنر‭ ‬على‭ ‬أراضيها،‭ ‬وتتربص‭ ‬منها‭ ‬للوثوب‭ ‬إلى‭ ‬البلدان‭ ‬المحاذية‭ ‬لهما‭. ‬وحسب‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬انتهت‭ ‬إليها‭ ‬مراكز‭ ‬الأبحاث‭ ‬والدراسات‭ ‬الأمنية،‭ ‬فإن‭ ‬مجموعة‭ ‬فاغنر‭ ‬،‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬الفيلق‭ ‬الأفريقي،‭ ‬وهو‭ ‬تشكيل‭ ‬عسكري‭ ‬روسي‭ ‬تم‭ ‬الكشف‭ ‬عنه‭ ‬مطلع‭ ‬عام‭ ‬‮ ‬2024،‭ ‬ليكون‭ ‬بديلاً‭ ‬عن‭ ‬مجموعة‭ ‬فاغنر‭ ‬الروسية‭ ‬الخاصة،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬سعي‭ ‬روسيا‭ ‬لتوسيع‭ ‬نفوذها‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الأفريقية‭. ‬وثمة‭ ‬أخبار‭ ‬مؤكدة‭ ‬عن‭ ‬انتشار‭ ‬الفيلق‭ ‬الأفريقي‭ ‬الروسي‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬مالي‭ ‬وعلى‭ ‬الحدود‭ ‬المشتركة‭ ‬بين‭ ‬النيجر‭ ‬والجزائر‭ . ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬نشوب‭ ‬مخاطر‭ ‬تهدد‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

‮ ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬تتعاون‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬عبر‭ ‬قواتهما‭ ‬المسلحة،‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬مناورات‭ ‬الأسد‭ ‬الأفريقي،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حفظ‭ ‬الأمن‭ ‬و‭ ‬السلم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬،‭ ‬ومنها‭ ‬السعي‭ ‬المشترك‭ ‬لبناء‭ ‬السلام‭ ‬العالمي،‭ ‬فإن‭ ‬الهدف‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الأعلى‭ ‬بالنسبة‭ ‬لبلادنا‭ ‬هو‭ ‬حماية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬المغربي،‭ ‬والتصدي‭ ‬للتهديدات‭ ‬المتصاعدة،‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬فتئت‭ ‬تتنامى‭ ‬وتتوسع‭ ‬رقعتها‭ . ‬لأن‭ ‬المغرب‭ ‬مستهدف‭ ‬في‭ ‬أمنه‭ ‬القومي،‭ ‬وفي‭ ‬وحدته‭ ‬الترابية‭ ‬وسلامته‭ ‬الإقليمية،‭ ‬وهو‭ ‬يعرف‭ ‬مكامن‭ ‬الخطر‭ ‬ومصادره،‭ ‬ويعلم‭ ‬جيداً‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬المتربصون‭ ‬‮ ‬بالدولة‭ ‬المغربية‭.‬

‭ ‬‮ ‬فالهدف‭ ‬المشترك‭ ‬الذي‭ ‬تسعى‭ ‬بلادنا‭ ‬إليه،‭ ‬يجعل‭ ‬هذه‭ ‬المناورات‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬السلام‭ ‬العالمي‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وفي‭ ‬دعم‭ ‬حماية‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬لأمنها‭ ‬القومي‭ ‬ووحدتها‭ ‬الترابية‭.‬ ومن‭ ‬هنا‭ ‬تأتي‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬للأنشطة‭ ‬التي‭ ‬ستجري‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬هذه‭ ‬المناورات،‭ ‬والتي‭ ‬تشمل‭ ‬تدريبات‭ ‬تكتيكية‭ ‬برية‭ ‬وبحرية‭ ‬وجوية‭ ‬مشتركة‭ ‬ليلاً‭ ‬ونهاراً‬، ‬وتمريناً‭ ‬للقوات‭ ‬الخاصة،‭ ‬وعمليات‭ ‬للقوات‭ ‬الجوية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تمرين‭ ‬للتخطيط‭ ‬العملياتي‭ ‬والتقني‭ ‬والإجرائي‭ ‬بين‭ ‬الجيوش‭ ‬المشتركة‭. ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يصب،‭ ‬وبالدرجة‭ ‬الأولى،‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬تطوير‭ ‬القدرات‭ ‬القتالية‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الملكية،‭ ‬و‭ ‬الرفع‭ ‬من‭ ‬مستوى‭ ‬مهاراته‭ ‬التقنية‭ ‬والعملياتية،‭ ‬وترقية‭ ‬الكفاءات‭ ‬العسكرية‭ ‬التي‭ ‬تمنحها‭ ‬مزيداً‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬والقدرة‭ ‬و‬الصلابة‭ ‬والمناعة‭ ‬والتكتيك‭ ‬الحربي‭ ‬والعلم‭ ‬العسكري‭ .‬

‮ ‬والخلاصة،‭ ‬باختصار،‭ ‬هي‭ ‬حماية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬المغربي،‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬الهدف‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الأعلى‭.‬

*العلم*



في نفس الركن