العلم الإلكترونية - الرباط
باعتماد منظمة التعاون الإسلامي الخطةَ العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، اكتسبت هذه الخطة التي صادقت عليها القمة العربية الطارئة بالقاهرة يوم رابع مارس الجاري، زخماً قوياً، بحيث صارت خطة العالم الإسلامي بأسره، تعبر عن الإرادة الجماعية لسبع وخمسين دولة، هي مجموع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، مما يعزز الجدية العالية والفعالية الفائقة لأول مشروع إعماري ذي البعد الإنساني، لمعالجة الأزمة المعقدة التي يعاني منها المواطنون الفلسطينيون أهالي قطاع غزة، وتشكل معضلة لا سبيل لمواجهتها إلا بوقف إطلاق النار بصفة دائمة، والبدء في إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، من خلال التوافق على بناء السلام العادل المستدام، على أساس حل الدولتين المتوافق عليه دولياً.
ولكن العوائق التي تمنع الشروع في تنفيذ خطة البناء و إعادة الإعمار، متعددة ، لعل أكثرها تأثيرا وأشدها خطراً على المشهد، رفض الشركاء لهذه الخطة جملة وتفصيلا، من جهة، و تراجع فرص إنهاء الحرب في قطاع غزة في المديين القريب والمتوسط، من جهة أخرى. ولقد كان المغرب أول من أعلن، على لسان وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، في تصريحاته للصحافة بالقاهرة أثناء انعقاد القمة العربية الطارئة، أن البداية يجب أن تكون مواصلة السعي من أجل وقف العمليات العسكرية، ومضاعفة الجهود الدولية لإحلال الأمن والسلم والاستقرار في الأراضي الفلسطينية، على أساس استحالة تنفيذ الخطة المعتمدة من الجامعة العربية أولاً ثم من منظمة التعاون الإسلامي، في ظل التهديدات باستئناف العدوان الإسرائيلي على غزة، ورفض إسرائيل الانصياع لمنطق السلام والسير في اتجاه الانسحاب نهائياً من القطاع. وهو الأمر الذي لامعنى له سوى الاستمرار في الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، وانسداد أي أفق سياسي يدفع نحو السلام طبقاً للقرارات الدولية ذات الصلة.
إن الموقف الرسمي للمملكة المغربية، الذي عبر عنه الوزير ناصر بوريطة في القاهرة خلال لقائه مع الصحافة، يكرس الرأي السليم والرؤية الحكيمة القاضيين باستحالة البدء في تنفيذ خطة البناء وإعادة إعمار غزة، قبل وقف إطلاق النار بشكل دائم، وانتهاء العمليات العسكرية إلى غير رجعة .
تكلف هذه الخطة 53 مليار دولار على مدار خمس سنوات، وتنقسم إلى ثلاث مراحل، أولاها مدتها ستة أشهر، وتكلفتها ثلاثة مليارات دولار، بإنشاء وحدات سكنية مؤقة موزعة على سبعة مواقع، تستوعب 1.5 مليون شخص، و إزالة الركام و الأنقاض، وتوفير 200 ألف وحدة سكنية مؤقتة تستوعب 1.2 مليون شخص، وترميم 60 ألف وحدة سكنية متضررة جزئياً تستوعب 360 ألف شخص .
هذه تفاصيل المرحلة الأولى التي سميت التعافي المبكر. وهو اسم غير محدد المعنى. ولن نخوض في تفاصيل المرحلتين الثانية والثالثة. وحسبنا أن نسأل عما إذا كانت هذه الخطة قد درست بعناية وتركيز وبمنطق عملي واقعي؟. وهو سؤال بدأ يطرح في الإعلام العربي والدولي، ويردده كل من اطلع على تفاصيل الخطة من المسؤولين صانعي القرار ومن الخبراء المختصين ذوي التخصص في البناء و الإعمار.
وعوداً على بدء، وحتى لا تبقى الخطة العربية الإسلامية معطلةً إلى أجل غير مسمى، ينبغي التركيز على وقف إطلاق النار، وتأمين عدم تكرار ما وقع، وتحصين الإنهاء الكامل للحرب في قطاع غزة، وفي الضفة الغربية المحتلة التي يدفع بها خلال هذه الفترة لتكون النسخة الثانية لكوارث غزة .
وهكذا يتوضح بجلاء تام، سبق الموقف المغربي إلى التأكيد على ضرورة البدء من إزالة أصل الأزمة، ألا وهو الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة وللضفة الغربية بما فيها القدس الشريف، ثم يأتي التنفيذ الفعلي للخطة العربية الإسلامية.