2023 أغسطس/أوت 23 - تم تعديله في [التاريخ]

جنوب‭ ‬أفريقيا‭ ‬من‭ ‬إرهاب‭ ‬الدولة‭ ‬إلى‭ ‬احتيال‭ ‬الدولة


 
العلم الإلكترونية - الرباط 

كما‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحترم‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬تمارس‭ ‬إرهاب‭ ‬الدولة‭ ‬حين‭ ‬تنحاز‭ ‬إلى‭ ‬الإرهاريين‭ ‬و‭ ‬تدعمهم‭ ‬و‭ ‬تؤيد‭ ‬أطروحاتهم‭ ‬العدوانية،‭ ‬فكذلك‭ ‬تمارس‭ ‬بلدان‭ ‬أخرى‭ ‬،‭ ‬احتيال‭ ‬الدولة‭ ‬،‭ ‬عندما‭ ‬تستغل‭ ‬الظروف‭ ‬فتقوم‭ ‬بتحويل‭ ‬السياسة‭ ‬المعتمدة‭ ‬للمنظمات‭ ‬التي‭ ‬تنتمي‭ ‬إليها،‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬أجندتها‭ ‬المرسومة‭ ‬لفائدة‭ ‬المصالح‭ ‬التي‭ ‬تخدم‭ ‬السياسة‭ ‬المتعارضة‭ ‬مع‭ ‬القانون‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬لها‭ ‬،‭ ‬فيما‭ ‬يصطلح‭ ‬عليه‭ ‬بالاحتيال‭ ‬السياسي‭ ‬والاستغلال‭ ‬الدبلوماسي‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬جمهورية‭ ‬جنوب‭ ‬أفريقيا‭ ‬التي‭ ‬احتالت‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬دول‭ ‬بريكس‭ ‬المؤسسة‭ ‬،‭ ‬وهي‭ ‬روسيا‭ ‬و‭ ‬الهند‭ ‬والصين‭ ‬والبرازيل،‭ ‬فتصرفت‭ ‬تصرفاً‭ ‬أحادياً‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بقمة‭ ‬بريكس‭/‬أفريقيا‭ ‬التي‭ ‬افتتحت‭ ‬أعمالها‭ ‬بمدينة‭ ‬جوهانسبرغ‭ ‬يوم‭ ‬أمس‭ ‬وتنتهي‭ ‬غداً‭ ‬24‭ ‬غشت‭ ‬الجاري،‭ ‬بحيث‭ ‬وجهت‭ ‬الدعوة‭ ‬لحضور‭ ‬القمة‭ ‬لمن‭ ‬يستحقها‭ ‬ولمن‭ ‬لا‭ ‬يستحقها،‭ ‬مثل‭ ‬الجماعة‭ ‬الانفصالية‭ ‬البوليساريو‭ ‬التي‭ ‬ترتبط‭ ‬بها‭ ‬ارتباطاً‭ ‬متيناً،‭ ‬وتعترف‭ ‬بالجمهورية‭ ‬الوهمية‭ ‬التي‭ ‬أنشأتها‭ ‬بدعم‭ ‬مطلق‭ ‬ومساندة‭ ‬أساسٍ‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري‭ ‬،‭ ‬هذا‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬نشرها‭ ‬لأخبار‭ ‬مزيفة،‭ ‬وعلى‭ ‬لسان‭ ‬وزيرة‭ ‬خارجيتها‭ ‬،‭ ‬عن‭ ‬طلب‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬بريكس‭ ‬،‭ ‬وعن‭ ‬توجيه‭ ‬الدعوة‭ ‬إليها‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬بريكس‭/ ‬أفريقيا‭. ‬وكلها‭ ‬محض‭ ‬أكاذيب‭ ‬قامت‭ ‬جنوب‭ ‬أفريقيا‭ ‬بترويجها‭ ‬لغرض‭ ‬واضح‭ ‬لم‭ ‬يخفَ‭ ‬عن‭ ‬وزارة‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬والتعاون‭ ‬الأفريقي‭ ‬والمغاربة‭ ‬المقيمين‭ ‬بالخارج‭ ‬،‭ ‬فبادرت‭ ‬إلى‭ ‬تكذيب‭ ‬هذه‭ ‬المزاعم‭ ‬وتأكيد‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬وارداً،‭ ‬بأية‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال،‭ ‬تقدم‭ ‬المغرب‭ ‬بطلب‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬دول‭ ‬بريكس‭ ‬،‭ ‬أو‭ ‬لحضور‭ ‬قمة‭ ‬جوهانسبرغ‭.‬
 
والاحتيال‭ ‬المنتهك‭ ‬للقوانين‭ ‬الدولية‭ ‬والمتعارض‭ ‬مع‭ ‬التقاليد‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬الذي‭ ‬مارسته‭ ‬جمهورية‭ ‬جنوب‭ ‬أفريقيا،‭ ‬لا‭ ‬ينفصل‭ ‬عن‭ ‬السياسة‭ ‬العدوانية‭ ‬للنظام‭ ‬الجزائري‭ ‬تجاه‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية،‭ ‬بل‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬ثمة‭ ‬اتفاقاً‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬هذه‭ ‬الأكاذيب‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وتوجيه‭ ‬الدعوة‭ ‬للجمهورية‭ ‬المزيفة‭ ‬لحضور‭ ‬قمة‭ ‬بريكس‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬نظراً‭ ‬لما‭ ‬يربط‭ ‬جنوب‭ ‬أفريقيا‭ ‬والنظام‭ ‬الجزائري‭ ‬من‭ ‬علاقات‭ ‬متعددة‭ ‬الأبعاد،‭ ‬منها‭ ‬البعد‭ ‬الانفصالي‭ ‬والتعاون‭ ‬المشترك‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬عصابة‭ ‬البوليساريو،‭ ‬سواء‭ ‬داخل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأفريقي‭ ‬أو‭ ‬خارجه‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬السياسة‭ ‬العدوانية‭ ‬التي‭ ‬تنهجها‭ ‬بريتوريا‭ ‬تجاه‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬منذ‭ ‬بزوغ‭ ‬النزاع‭ ‬المفتعل‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الجزائر‭ ‬حول‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭ ‬وإلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭.‬
 
إن‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري‭ ‬حاضر‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬أفريقيا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الممارسات‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬شراء‭ ‬ذمم‭ ‬بعض‭ ‬القيادات‭ ‬السياسية‭ ‬النافذة،‭ ‬والتحكم‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للدولة،‭ ‬وإفساد‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬لإرغامها‭ ‬على‭ ‬الانحياز‭ ‬إليها،‭ ‬وتعكير‭ ‬الأجواء‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬الأفريقي‭ ‬،‭ ‬لتظهر‭ ‬الجزائر‭ ‬وكأنها‭ ‬الدولة‭ ‬الوسيطة‭ ‬للمصالحة‭ ‬بين‭ ‬الفرقاء‭ ‬المختلفين‭ ‬في‭ ‬الرأي‭ ‬حول‭ ‬القضايا‭ ‬الداخلية،‭ ‬بحيث‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬النفوذ‭ ‬الواسع‭ ‬الذي‭ ‬تمارسه‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬أفريقيا‭ ‬يفتح‭ ‬أمامها‭ ‬الطريق‭ ‬للتحكم‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬المسار‭ ‬لقمة‭ ‬بريكس‭/‬أفريقيا‭.‬
 
وكان‭ ‬مما‭ ‬يتفق‭ ‬وطبائع‭ ‬الأشياء‭ ‬أن‭ ‬تتقدم‭ ‬الجزائر‭ ‬بطلب‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬بريكس‭ ‬،‭ ‬ما‭ ‬دامت‭ ‬حليفتها‭ ‬جنوب‭ ‬أفريقيا‭ ‬تترأس‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬التي‭ ‬استغلتها‭ ‬أبشع‭ ‬استغلال،‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الدول‭ ‬المؤسسة‭ ‬لهذه‭ ‬المجموعة‭ ‬،‭ ‬وهي‭ ‬روسيا‭ ‬و‭ ‬الصين‭ ‬والهند‭ ‬والبرازيل،‭ ‬التي‭ ‬عقد‭ ‬أول‭ ‬اجتماع‭ ‬بين‭ ‬قادتها‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬2006،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تنضم‭ ‬جنوب‭ ‬أفريقيا‭ ‬إلى‭ ‬المجموعة‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬الثالثة‭ ‬المنعقدة‭ ‬سنة‭ ‬2011‭.‬
 
ويعكس‭ ‬هذا‭ ‬الاستغلال‭ ‬البشع‭ ‬لانعقاد‭ ‬قمة‭ ‬بريكس‭/‬أفريقيا‭ ‬في‭ ‬جوهانسبرغ‭ ‬،‭ ‬الاستخفاف‭ ‬المشين‭ ‬بالأهداف‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬حددتها‭ ‬الدول‭ ‬المؤسسة‭ ‬الأربع‭ ‬،‭ ‬وللمغرب‭ ‬علاقات‭ ‬شراكة‭ ‬استراتيجية‭ ‬معها‭ ‬كلها‭ ‬،‭ ‬بقدرما‭ ‬هو‭ ‬انتهاك‭ ‬صارخ‭ ‬للقاعدة‭ ‬التي‭ ‬اعتمدتها‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬وهي‭ ‬بناء‭ ‬تكتل‭ ‬اقتصادي‭ ‬يسعى‭ ‬لكسر‭ ‬هيمنة‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬وإنشاء‭ ‬كتلة‭ ‬جنوب‭/‬جنوب‭ ‬لخدمة‭ ‬السلام‭ ‬الإنساني‭.‬
 
ولقد‭ ‬تصرفت‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬بحكمة‭ ‬وبمسؤولية‭ ‬وبروح‭ ‬إنسانية‭ ‬عالية،‭ ‬حين‭ ‬أوضحت‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬رسمي‭ ‬لوزارة‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬والتعاون‭ ‬الأفريقي‭ ‬والمغاربة‭ ‬المقيمين‭ ‬بالخارج،‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬وارداً‭ ‬أن‭ ‬تتقدم‭ ‬بطلب‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬بريكس‭ ‬وحضور‭ ‬قمة‭ ‬بريكس‭/‬أفريقيا،‭ ‬مع‭ ‬التأكيد‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬الممتازة‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬والدول‭ ‬الأربع‭ ‬المؤسسة‭ ‬لبريكس‭.‬
 
وهكذا‭ ‬يكون‭ ‬المغرب‭ ‬قد‭ ‬أفسد‭ ‬مخطط‭ ‬نظام‭ ‬جنوب‭ ‬أفريقيا‭ ‬المتحالف‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري،‭ ‬وأربك‭ ‬حساباتهما،‭ ‬ووجه‭ ‬ضربة‭ ‬قاصمة‭ ‬للسياسة‭ ‬العدوانية‭ ‬الشريرة‭ ‬التي‭ ‬يتعاملان‭ ‬بها‭ ‬مع‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭.



في نفس الركن