2024 يناير 30 - تم تعديله في [التاريخ]

جاؤوا من المغرب عبر دراجاتهم الهوائية وقطعوا آلاف الكيلومترات بين الأدغال الإفريقية..

مغامرون مغاربة فضلوا "الخيمة" على الفندق لتشجيع أسود الأطلس في "كان كوت ديفوار"


هشام وأونيس وسفيان: "يكفي أن تذكر أنك مغربي فتلقى أحسن معاملة من الأشقاء الأفارقة"

هشام بن ثابت: (موفد العلم إلى كوت ديفوار) - تصوير: الشضمي

يحظى المغاربة بمعاملة خاصة في دولة الكوت ديفوار التي تحتضن حاليا منافسات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم والتي تتواصل إلى غاية 11 من شهر فبراير المقبل، هذه المعاملة زادت جرعتها بعدما أهدى أسود الأطلس، منتخب "الفيلة" التأهل إلى دور ثمن نهائي المسابقة، وبالتالي إنقاذ "الكان" من الفتور من طرف المشجعين المحليين.

فما إن يعرفك أي "إيفواري" أنك مغربي تتغير لهجته وتتبدل ملامحه إلى البهجة والسرور، وكل ذلك نتاج الانطباع الجميل والمتميز الذي خلّفه المغاربة خلال هذا "الكان"، بعيدا عن مظاهر العنصرية التي تبديها "أجناس" أخرى، تركت سمعة سيئة ولا يحب الإيفواريون ذكر اسمها.

صدى وأثر المعاملة الحسنة من جانب الإيفواريين، بدا واضحا على مجموعة من الشباب المغاربة اختاروا نصب "الخيمة" أو "القيطون" على شاطئ "إنيي بلاج" Egny Plage" بمدينة سان بيدرو، كوسيلة للمبيت طيلة "الكان"، وتشجيع أسود الأطلس في رحلتهم الافريقية، مفضلين هذه الوسيلة على المبيت في الفنادق أو اكتراء شقق مفروشة.

وقد وفر السكان المحليون القاطنون بجانب الشاطئ، جميع ظروف الراحة للشبان المغاربة، من ماء صالح للشرب ومراحيض ورشاشات للاستحمام، وأماكن لطبخ الطعام.

هؤلاء الشبان المغامرون وصلوا إلى سان بيدرو على متن دراجاتهم الهوائية، بعدما عبروا 4 دول وهي موريتانيا والسنغال وغينيا كوناكري، وصولا إلى كوت ديفوار، مع ما يمكن أن يتخلل هذه الرحلة من مشاق وصعوبات مالية ومجهودات بدنية، تذوب بسرعة عندما يتعلق الأمر بحب الوطن وتشجيع المنتخب الوطني.

"العلم"، التقت الشبان المغاربة في سان بيدرو، وتحدثت إليهم وأجرت معهم دردشة قصيرة حول فكرة هذه المغامرة وكذا طريقة عيشهم في كوت ديفوار ومعاملة السكان المحليين لهم.

* جئنا إلى كوت ديفوار على متن دراجاتنا:

المغامر هشام من مدينة الدروة، أكد أن الرحلة من المغرب إلى كوت ديفوار كانت ممتعة.

وقال هشام في تصريح لـ "العلم": "أسافر دائما على متن دراجتي الهوائية، لكن الأمر كان مقتصرا على المغرب فقط، منذ 2018، وعندما أتيحت الفرصة بتنظيم كوت ديفوار لمنافسات كأس أمم إفريقيا، فكرت أنا وصديقي في أن نأتي من أجل تشجيع المنتخب الوطني، فاخترنا السفر عبر دراجتينا الهوائيتين أنا وصديقي، حاليا نقطن مع مجموعة من الأصدقاء المغاربة هنا في خيام نصبناها على شاطئ البحر، نعيش مرتاحين ومبتهجين، حيث كل ظروف الراحة متوفرة من مأكل ومشرب واستحمام، وفي نفس الوقت الملعب الذي يحتضن مباريات الفريق الوطني لا يبعد عن المكان الذي نتواجد به سوى حوالي سبعة كيلومترات، ونتوجه إليه عبر دراجاتنا الهوائية".

وعن اختياره المبيت على شاطئ البحر، يقول هشام: "أول شيء نحن من عشاق الطبيعة وكذا السفر، فالإنسان من الطبيعة ويحب العيش في الطبيعة، نحن هربنا من "الحيطان" (جمع حائط) كما يقال، ولا يمكن أن نأتي إلى هنا ونسكن في الفندق أو شيء من هذا القبيل، نحن نعشق أسلوب الحياة هاته style de vie ، كما نعشق السفر (Trip)".
 
* شكلنا مجتمعا مغربيا مُصغرا:

عن طريقة العيش والظروف التي يعيشونها في المخيم يقول هشام: "بالنسبة لطريقة العيش هنا، يمكنني القول إننا كوّنا هنا مجتمعا مصغرا، إذ نعيش كعائلة مجتمعين مع بعضنا ونتقاسم كل شيء فيما بيننا، نقوم بجمع مساهمات مالية فيما بيننا ، نأكل مجتمعين، نخرج مجتمعين، نتشارك الفرح والمرح مجتمعين، بمعنى نخلق "السعادة" فيما بيننا".

أما عن كيفية الحصول على تذاكر مباريات المنتخب الوطني، فيوضح هشام أن بعضهم اقتناها من ماله الخاص والبعض الآخر حصل عليها من سفارة المملكة بكوت ديفوار مشكورة على ذلك.

ويؤكد هشام المعروف على مواقع التواصل الاجتماعي بـ"هشام السينما"، أنه رفقة زملائه يتقاسمون مغامراتهم مع الجمهور المغربي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

* عندما يعرفون أنك مغربي يرحبون بك ويعاملونك معاملة خاصة:

يبدي المغامر أونيس العبدالي وهو من مدينة الدار البيضاء، فخره الكبير واعتزازه القوي بانتمائه المغربي، مبرزا أنه وأصدقاءه في رحلتهم من المغرب لم يلقوا سوى الترحاب والمعاملة الطيبة في جميع الدول التي مروا عبرها، لا لشيء سوى لأنهم مغاربة.

ويقول أونيس العبدالي في هذا الصدد: "خرجت من المغرب منذ شهر نونبر الماضي، فكرة السفر إلى كوت ديفوار جاءت بعدما كنت أرغب في حضور نهائيات كأس العالم بروسيا ثم كأس العالم في قطر، لكن لم أتمكن من ذلك لكون الميزانية التي كانت معي لم تكن كافية، وعندما أتت مناسبة تنظيم كأس أمم إفريقيا بكوت ديفوار اغتنمت الفرصة، وقررت خوض المغامرة، مررت عبر أربع دول وهي موريتانيا والسنغال وغينيا كوناكري، وصولا إلى كوت ديفوار، والحمد لله لم نواجه أي صعوبات في الطريق من المغرب إلى كوت ديفوار ، وجدنا الترحاب من السكان في كل الدول التي عبرنا منها، فعندما يعرفون أنك مغربي يرحبون بك ويعاملونك معاملة خاصة، الحمد لله المغرب له سمعة طيبة بين الدول الافريقية ونحن نفتخر بذلك".
 
* شكرا للشعب الإيفواري:

أعرب أونيس عن امتنانه للشعب الإيفواري على الترحاب الذي يقابل به المغاربة، وحول ذلك يقول:  "الحمد لله الأجواء رائعة هنا، نعيش كعائلة، نتشارك كل شيء فيما بيننا، أنتم تعرفون سخاء المغاربة، لا فرق بيننا، ومن هذا المنبر أود توجيه الشكر للشعب الإيفواري وخصوصا هنا بمدينة سان بيدرو، نظير المعاملة الحسنة التي يقابلوننا بها، فكما ذكرت عندما يعرفون أننا مغاربة تتضاعف معاملتهم الحسنة لنا".

* مغامر وحلاق بالمجان:

يوجد بين المغامرين المغاربة الذين اختاروا المبيت في "المخيم"، الشاب سفيان رائد وهو أيضا من مدينة الدار البيضاء، يزاول مهنة الحلاقة التي له شغف خاص بها، إلى جانب مغامرته عبر دراجته الهوائية، يقوم بالحلاقة بالمجان لكل من يرغب في ذلك.

وعن هذه المغامرة يقول سفيان رائد لـ "العلم": "حضرت إلى مدينة سان بيدرو على غرار جميع الأصدقاء على متن الدراجة الهوائية، عبر رحلة مشوقة، من أجل تشجيع المنتخب المغربي، كما تعاينون نحن هنا مجموعة من الشباب المغربي ، جئنا من أجل هدف واحد وهو مساندة الفريق الوطني، نجتمع في هذا المخيم الذي نصبنا فيه خيامنا، وحيث توجد مجموعة من المرافق التي تلبي حاجياتنا اليومية كــ "الدوش والويفي والمطبخ وحتى المسجد ولله الحمد أين نؤدي صلواتنا "، بمعنى أننا كوّنا مجتمعا مصغرا فيما بيننا ، كما نقوم ببعض المبادرات، مثلا، أنا أزاول مهنة الحلاقة، وهي المهنة التي أعشقها وشغوف بها، وأحلق للناس سواء بمقابل مادي بسيط أو بدون مقابل، وكلما أسافر إلى مكان ما أحمل معي حقيبتي وبها لوازم الحلاقة، وأقوم ببادرة الحلاقة للناس، ففي بعض الأحيان أرى شخصا ما يمر عبر الطريق وأسأله إن كان يريد الحلاقة فأحلق له شعره بدون مقابل مادي، وهذا كله كما ذكر لشغفي بهذه المهنة، ولا أنسى بهذه المناسبة أن أشكر الساكنة الإيفوارية على الترحاب الذي تقابلنا به، صراحة تعاملنا كأفراد من العائلة ".
 
* نرفض نَعْتنا بالمساكين:

أجمع المغامرون الذين تحدثت إليهم "العلم"، على رفضهم نعتهم بالمساكين، نظرا لاختيارهم العيش في خيام عوض اللجوء إلى الفنادق أو الشقق المفروشة، وأكدوا أنهم لا ينقصهم أي شيء، واختيارهم لهذه الطريقة هو بداعي المغامرة وأسلوب حياة Style de vie ، وأبدوا أسفهم على بعض المغاربة الذين يمرون بجانب خيامهم وينعتونهم بالمساكين وكأنهم يتسولون لقمة العيش، والعكس هو الحاصل، إذ بين الفينة والأخرى يذبحون خروفا ويتجمعون على شيٍّه، ليثبتوا للجميع أنهم بخير والفكرة المأخوذة عنهم مغلوطة تماما.





في نفس الركن