2022 يونيو/جوان 20 - تم تعديله في [التاريخ]

تــاريــخ السّــحر


العلم الإلكترونية - بقلم شيماء أوحيدة

إن للسحر معانٍ متعددة وكثيرة، كالإتيان بالعجائب عن طريق بعض الممارسات والطقوس التي يقوم بها شخص عالم بالسحر، والمعنى السائد للسحر اليوم في العالم المعاصر، هو بشري ساحر يتفق مع الشيطان أو الجن لمساعدته في أعماله عن طريق عدة طقوس والتي تعتبرها الشريعة الإسلامية شرك بالله، حيث يفرض الشيطان أو الجن على طالب السحر الشرك بالخالق، وتقديم أضحيات، وتصل بعض الطقوس إلى الاغتسال بالبول والغائط، وتدنيس الكتاب المقدس كالقرآن. 
 
ويعتبر السحر أثرا من آثار الحضارة الإنسانية، يرتبط بظهور الإنسان على الأرض، ويرجع ظهوره للعصور الحجرية، خصوصا القديمة، حسب ما وجد الأركيولوجيون من آثار. فكيف ظهرت فكرة السحر؟ وما الهدف منها؟ وكيف تطور على مر العصور؟ 
 
 استعان الإنسان الحجري بالسحر لإخضاع الحوادث الطبيعة لإرادته، ولحماية نفسه من أخطار الحيوانات المفترسة والأعداء، عن طريق الحصول على قوة تخلصه منها، رأي آخر يرى أن السحر ظهر لغاية الشفاء من المرض وتجنب الموت، حيث شكل المرض والموت مفهوما غريبا عند الجماعات البشرية الأولى لعصور ما قبل التاريخ، مما جعل الإنسان يفكر في وجود سبب وراء هذا التحول الهائل من إنسان بصحة جيدة لإنسان مريض، ما أدى بشكل أو بآخر إلى ممارسة طقوس الشفاء عن طريق طرد الروح الشريرة المستحوذة على الجسد الذي كان في وضع طبيعي في السابق، واعتل بفعل ما اعتقده القدماء ب"المس". 
 
 فالسحر خليط من المعتقدات، حيث يتم اتخاذ فكرة غير صحيحة على أنها صحيحة، بالاعتقاد أنه عند رسم صورة حيوان وتصويب سهم عليه سيتم قتل حيوان في الحقيقة، وهذا ما يسمى بالسحر غير الروحي، أما السحر الروحي فيتعلق بـ "الأشباح والشياطين"، وهناك نوع آخر من السحر يعرف بسحر المحاكاة simulation، فيقوم على الإيمان بفكرة إخضاع الطبيعة لها، فمثلا، إذا أراد الإنسان قتل شخص ما، يكفيه رسم صورته في ورقة أو على مسطح طيني، ثم يقوم بإتلافها، معتقدا بحدوث نفس الشيء للشخص في الواقع.، 
 
وما يؤكد وجود السحر في العصر الحجري، هو الرسوم والمنحوتات التي عُثر عليها من طرف علماء الأركيولوجيا، والتي تم تفسيرها بأوجه نظر مختلفة، فإحدى تلك الأعمال السحرية التي عثر عليها صنفت على أنها لقى أثرية فنية، فيما النوع الثاني، وهو الأكثر تداولا، صنفت على أنها اعمال فنية، وظفت في السحر، حيث أُكدت هذه النظرية عند الأب "برووي" والاستاذ بجوان" المهتمين بفن العصر الحجري بعد عثورهما على صور مركبة بأحد الكهوف، منها صورة لرجل متخفي بهيئة ثور، و رسم ساحر كهف الإخوة الثلاثة. 
 
وما يدل على قدم السحر، هو أنه في كل مرة يرسل الله رسولا على العباد، يتهم بالسحر، لقوله تعالى في سورة الذاريات: ( كَذَٰلِكَ مَآ أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُواْ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ)، صدق الله العظيم. 
 
وقد تطوّر السحر ليصبح له مركز انتشار، هو منطقة الشرق الاوسط، وبالتحديد في بابل لقوله تعالى:وقوله تعالى: {وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَٰطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَٰنَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَٰنُ وَلَٰكِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ وَمَآ أُنزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَٰرُوتَ وَمَٰرُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَآ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِۦ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَزَوْجِهِۦ ۚ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِۦ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ ٱللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشْتَرَىٰهُ مَا لَهُۥ فِى ٱلْءَاخِرَةِ مِنْ خَلَٰقٍۢ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِۦٓ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} [البقرة:102]صدق الله العظيم. 
 
وقد اتجهت اليهود لممارسة السحر في عهد النبي سليمان عليه السلام، حيث استعانت بالجن التي كانت تسترق السمع وتنقل الاخبار للكهنة الذين يدونون ما تعلمهم الجن وما تخبرهم به، بإدخال الكذب عليه، ويعلمونه للناس، حتى ظنوا أن الجن تعلم الغيب "والعياذ بالله"، وقصة الملكين "هاروت وماروت" كما ذكر بالآية الكريمة في سورة البقرة، علموا الناس السحر مع تنبيههم بالابتعاد عنه وتحذيرهم بخطورته وعدم الشرك بالله، من خلال أخذه عنهم، والهدف هو عدم احتكار الكهنة لعلم السحر، فتعلم الناس السحر واستخدامه في أغراض سيئة . 
 
ونجد أن السحر منتشر كذلك في الحضارة الهندية والحضارة الصينية والحضارة العربية، والعديد من الحضارات الأخرى، بل وقدس ممارسوه أيما قداسة، لكن في هذه المقالة أحببت أن أظهر فقط تاريخ السحر، وأن أول ظهور له لم يكن مرتبطا ببابل، كما هو معروف، وإنما راجع لعصور ما قبل التاريخ .
 



في نفس الركن