2023 يونيو/جوان 15 - تم تعديله في [التاريخ]

تجديد الحوار بين الأديان في دلالاته الغنية ومضامينه الموحية

وجهت الرسالة الملكية السامية إلى المشاركين في المؤتمر البرلماني الدولي حول الحوار بين الأديان الذي تستضيفه بلادنا في مراكش، الدعوة إلى النخب الفكرية والقيادات الدينية والمشرعين في برلمانات العالم، للعمل على تجديد مفهوم الحوار بين الأديان من أجل تحقيق نقلة نوعية في الوعي الجماعي بأهمية الحوار والتعايش.


الافـتتاحية


وكررت الرسالة الملكية التأكيد على تجديد مقاربات التعاطي مع مطلب حوار الأديان و مناهجها، وصولاً إلى تحديد طبيعة العلاقات التي ينبغي أن تجمع أتباع الديانات المختلفة وما يلزم أن يسودها من وئام وسلام واحترام متبادل.  

وهذا التجديد المنهجي والوظيفي لحوار الأديان مفهوماً ومدلولاً وغايةً ومصيراً ، تقتضيه خطورة الظرفية التي يمر بها عالمنا اليوم وهو يواجه دعوات التطرف والأنانية والكراهية والانغلاق والأعمال الإرهابية التي، وكما عبرت عن ذلك الرسالة الملكية، تستغل السياقات الخاصة لاستنبات المشاريع التخريبية باسم الدين والدين منها براء.

وهذه هي المرة الأولى التي تطرح فيها فكرة تجديد مفهوم الحوار بين الأديان، منذ المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني (1962/1965) الذي صدرت عنه وثيقة (في عصرنا) التي يدعو فيها إلى الحوار بين المسيحيين والمسلمين واليهود، في خطوة جريئة غير مسبوقة فتحت الباب أمام تلاقي أتباع الديانات للتحاور والتفاهم حول السبل الممهدة للسلام الإنساني . كما أن الدعوة إلى تجديد الحوار بين الأديان التي أطلقها أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، تجاوزت مضامين ( وثيقة الأخوة الإنسانية: السلام بين الديانات في عالم مضطرب) الصادرة عن اللقاء التاريخي بين شيخ الأزهر الشريف الشيخ أحمد الطيب والبابا فرنسيس، في أبوظبي يوم 1نوفمبر سنة 2019 ، إلى الأهمية البالغة التي تكتسيها تلك الوثيقة التي كانت بحقٍ، وثيقةً تاريخيةً، بالمعنى الدقيق للكلمة.

 من هذا المنطلق الذي أرست قواعده الرسالة الملكية، يتبين أنه إذا تحالفت الإرادات وتوافقت على تجديد المفاهيم وضبطها، فإن الحوار بين الأديان وتكريس التعايش الإيجابي في ما بينها والتفاهم والتعاون حول أهداف إنسانية ، سوف يكون رافعةً أساساً لتجنب البشرية شرور الفتن والأوجاع والمعاناة، وتخطي المؤثرات السلبية على مستقبل العلاقات بين الأديان والحضارات، وهو الأمر الذي يتطلب ، وبإلحاح شديد، تعبئة جميع الطاقات المؤمنة بالمساواة بين الديانات والحضارات وبين أبناء آدم، من أجل قلب هذه المعادلة واعتماد السياسات التي من شأنها وقف هذا التراجع الخطير في الوعي البشري، كما جاء في الرسالة الملكية السامية.

وهذا الوعي العميق بالتحديات التي تواجه مبادرات الحوار بين الأديان، وهذا الفهم الرشيد لمتطلبات إنجاح الجهود التي تبذل في هذا المجال، هما المبرران لإطلاق الدعوة إلى تجديد مفهوم الحوار بين الأديان، من جلالة ملك المملكة المغربية أمير المؤمنين، لتكون هذه المبادرة الجديدة  تعزيزاً لرصيد المبادرات الإنسانية التي تصدر من المغرب باعتبار أنه دولة رائدة في التعايش بين الأديان والثقافات والحضارات عبر العصور المتطاولة.

وتأسيساً على هذه المعطيات، وحرصاً على تبلور الفكرة الرائدة التي أبدعها العاهل الكريم، فقد عبرت الرسالة الملكية السامية عن الأمل في أن تساهم مخرجات المؤتمر البرلماني الدولي وخلاصاته وتوصياته، في تجديد مقاربات التعامل مع مطلب حوار الأديان ومناهجه، باعتبار أن هذا التجديد، وخصوصاً في المرحلة الراهنة، ضرورةٌ شديدةُ الإلحاح، يتوجب الاستجابة لها والوفاء بمتطلباتها، من أجل التعاون في بناء مستقبل مشترك.

العلم



في نفس الركن