العلم - محمد بشكار
نكْتفي بالنّافذة مع هاتفٍ في اليدِ عسانا نُحقِّق أعلى مُشاهدة، وكأني بما حدث اليوم في سوريا خير وسلام، مُجرّد تتمة مؤجلة لربيع انتعل كل الأقنعة، وسُمِّي بهتانا بالربيع العربي، ولا نعرف على مَن الدّوْر وقد اصطبغ فينا الثور بكل الألوان، لا نعرف من الجلّاد ومَن الضّحية وقد امتدّت هوليود برُقْعتِها السّينمائية في المَعْمور، وأصبحت الآلام البشريّة مشاريع أفلام على أرْض الواقع، هل تَنْكر أيها الرئيس المصنوع من شمْع أنّك ممثل بارع، تُبيد بيدٍ المدنيين في غzة، وتُكفكفُ الدمع بيد المُواسي الورِعْ، لنفس المدنيين المدفونين أحياءً في السجون الأسطورية لسوريا، ولا غرابة فقد تلاعبت قِمم التغيُّر المُناخي، تلك المنعقدة فوق الغيوم، بذكاء الربيع، لتجعل الخريف سيِّد كل الفصول، وها أوراقهُ القانية ما زالت مُتناثرة في البلدان العربية، والأدهى أنها لا تكشف إلا عن أرقامٍ خاسرة!
نكتفي بالنّافذة مع هاتفٍ في اليد عسانا نُحقِّق أعلى مشاهدة، ولا نعرفُ مع كثرة الألوية أيُّها يُمثِّل البلد، لا نعرف هل نفرح مع الفرحين لسقوط نظام الأسد، ومِن أين يأتي الطّربُ، هل من عائدٍ أضْناهُ الحنين للِدِّيار، أو سجين تُزفُّه للحرية حمص ودمشق وحلبُ، مِن أين يأتي الطربُ، وثمّة توجُّسٌ يُحدِّثُنا في قرارة النّفْس، أن الفرحة في لحظة نشوة قد تلهي العقول عمّا هو أعظم، ألمْ تر كيف تتّسع الفرحة أكبر في فؤاد العدو المُتربِّص بالحدود، أولئك الأوغاد الذين يستنفرون مع العروق الأسْيجة في أعالي الجولان، ويقصفون مُقدّرات البلد من الأسلحة في دمشق، من أين الطّربُ، وها جريرة النِّظام الغاشم تدفع ثمنه اليوم وغدا، أحد المعاقل العريقة للعروبة والإسلام بأهاليها في الشام !
ولكن لا بأس، فقد عِشْنا حتى رأينا الدَّوائر لا تنْغلق إلا على صانعيها دون مفاتيح، وكما أوْصَدوا الأبواب الحديديّة على الأبْرياء في سراديب إسمنتية خلف الشّمس، ستُوصَد في أوجه الطُّغاة كل السُّبل، وها هو ذاك الولد الذي حمل خطأً اسم الأسد، كما هجَّر الملايين يُهَجَّرُ هارباً من البلد، وكما دفع الشعب السوري للشّتات طالبين اللجوء في بلدان الغير، ها هو أيضاً قدْ توسّل اللُّجوء مُتوارياً في منفاه، ومَن يدري قد تستعيد العدالة الدولية سُلطتها المفقودة اليوم، ويُحَاكم على كل انتهاكاته المُروِّعة لحقوق الإنسان، وقد يتعفّنُ وهو في أرذل العمر في أحد السجون إلى الأبد !
نكتفي بالنافذة مع هاتف في اليد عسانا نُحقِّق أعلى مشاهدة، ولا نعرف أي مَتْنٍ يَصْلُح مطيّة للكتابة، ألَمْ تر كيف أصبحت كل الضمائر مطايا، هل نكتبُ شِعراً وما من مَنْفذٍ لِتسرُّب الماء من الجدار، أم نكتبُ تحليلا سياسيا وواقع الحال يَشْرح نفسه بنفسه في رقْعة شطرنج تنهار، أمْ نكتفي بالنّظر الأخرس ونحن نسمع أغنية حزينة لفيروز، أو نرْقُص مذْبوحين على إيقاع القدود الحلبيّة لصباح فخري، والله لا نملك مع السرعة المونطاجية للأحداث في سوريا، إلا أنْ نُقطِّبَ بخطوط الحيرة الجبين، لا نمْلك إلا أن ننْدمج بكل ما أوتينا من بُكاء، مع دورٍ جهّزوه سلفاً كما يُجَهّز الكفن على المقاس، فمِنّا في التّمثيل البطل الفاتح المحفوف بطير أبابيل، ومنّا السّجين الذي فتح آخر بابٍ لِعقْله كي يطير، ومنا الشّهيد الذي قُيِّد في صُحف الدنيا مُجرّد قتيل، ومِنّا مُتفرِّجٌ أبْله لا يَعلَمُ أنّه بالتصفيق، يقترب يوماً عن يومٍ من دائرة الحريق !
نكتفي بالنافذة مع هاتف في اليد عسانا نُحقِّق أعلى مُشاهدة، لكنْ تُرانا نستطيع أن نتجاوز أضعف الإيمان، مع كل هذه الفُلول التي يُجيِّشها من حولنا الشيطان، هل نستطيع أن نتغلّب على أنفُسنا كي نحرز الإنتصار على الآخر، ذاك الغازي المُتربِّص بفريسته ليس فقط من كل الثغور، إنّما من خلَل الإنقسامات الفُصاميّة التي تعْتور ذاتية الإنسان العربي، لا مع هذا ولا مع ذاك كيف أكون مع نفسي، يا للتوزُّع الطائفي أو المذهبي أو التّكْفيري أوْ لنسميه ما شاءت تأويلاتنا للقَدَر، المُهم أنّ هذا التشرذم في الأفكار، هو الذي يستغلُّهُ بكل القِوى الأشرار، لينعكس بملامحه الفادحة على كعكة الأوطان !
نكْتفي بالنّافذة مع هاتفٍ في اليدِ عسانا نُحقِّق أعلى مُشاهدة، وكأني بما حدث اليوم في سوريا خير وسلام، مُجرّد تتمة مؤجلة لربيع انتعل كل الأقنعة، وسُمِّي بهتانا بالربيع العربي، ولا نعرف على مَن الدّوْر وقد اصطبغ فينا الثور بكل الألوان، لا نعرف من الجلّاد ومَن الضّحية وقد امتدّت هوليود برُقْعتِها السّينمائية في المَعْمور، وأصبحت الآلام البشريّة مشاريع أفلام على أرْض الواقع، هل تَنْكر أيها الرئيس المصنوع من شمْع أنّك ممثل بارع، تُبيد بيدٍ المدنيين في غzة، وتُكفكفُ الدمع بيد المُواسي الورِعْ، لنفس المدنيين المدفونين أحياءً في السجون الأسطورية لسوريا، ولا غرابة فقد تلاعبت قِمم التغيُّر المُناخي، تلك المنعقدة فوق الغيوم، بذكاء الربيع، لتجعل الخريف سيِّد كل الفصول، وها أوراقهُ القانية ما زالت مُتناثرة في البلدان العربية، والأدهى أنها لا تكشف إلا عن أرقامٍ خاسرة!
نكتفي بالنّافذة مع هاتفٍ في اليد عسانا نُحقِّق أعلى مشاهدة، ولا نعرفُ مع كثرة الألوية أيُّها يُمثِّل البلد، لا نعرف هل نفرح مع الفرحين لسقوط نظام الأسد، ومِن أين يأتي الطّربُ، هل من عائدٍ أضْناهُ الحنين للِدِّيار، أو سجين تُزفُّه للحرية حمص ودمشق وحلبُ، مِن أين يأتي الطربُ، وثمّة توجُّسٌ يُحدِّثُنا في قرارة النّفْس، أن الفرحة في لحظة نشوة قد تلهي العقول عمّا هو أعظم، ألمْ تر كيف تتّسع الفرحة أكبر في فؤاد العدو المُتربِّص بالحدود، أولئك الأوغاد الذين يستنفرون مع العروق الأسْيجة في أعالي الجولان، ويقصفون مُقدّرات البلد من الأسلحة في دمشق، من أين الطّربُ، وها جريرة النِّظام الغاشم تدفع ثمنه اليوم وغدا، أحد المعاقل العريقة للعروبة والإسلام بأهاليها في الشام !
ولكن لا بأس، فقد عِشْنا حتى رأينا الدَّوائر لا تنْغلق إلا على صانعيها دون مفاتيح، وكما أوْصَدوا الأبواب الحديديّة على الأبْرياء في سراديب إسمنتية خلف الشّمس، ستُوصَد في أوجه الطُّغاة كل السُّبل، وها هو ذاك الولد الذي حمل خطأً اسم الأسد، كما هجَّر الملايين يُهَجَّرُ هارباً من البلد، وكما دفع الشعب السوري للشّتات طالبين اللجوء في بلدان الغير، ها هو أيضاً قدْ توسّل اللُّجوء مُتوارياً في منفاه، ومَن يدري قد تستعيد العدالة الدولية سُلطتها المفقودة اليوم، ويُحَاكم على كل انتهاكاته المُروِّعة لحقوق الإنسان، وقد يتعفّنُ وهو في أرذل العمر في أحد السجون إلى الأبد !
نكتفي بالنافذة مع هاتف في اليد عسانا نُحقِّق أعلى مشاهدة، ولا نعرف أي مَتْنٍ يَصْلُح مطيّة للكتابة، ألَمْ تر كيف أصبحت كل الضمائر مطايا، هل نكتبُ شِعراً وما من مَنْفذٍ لِتسرُّب الماء من الجدار، أم نكتبُ تحليلا سياسيا وواقع الحال يَشْرح نفسه بنفسه في رقْعة شطرنج تنهار، أمْ نكتفي بالنّظر الأخرس ونحن نسمع أغنية حزينة لفيروز، أو نرْقُص مذْبوحين على إيقاع القدود الحلبيّة لصباح فخري، والله لا نملك مع السرعة المونطاجية للأحداث في سوريا، إلا أنْ نُقطِّبَ بخطوط الحيرة الجبين، لا نمْلك إلا أن ننْدمج بكل ما أوتينا من بُكاء، مع دورٍ جهّزوه سلفاً كما يُجَهّز الكفن على المقاس، فمِنّا في التّمثيل البطل الفاتح المحفوف بطير أبابيل، ومنّا السّجين الذي فتح آخر بابٍ لِعقْله كي يطير، ومنا الشّهيد الذي قُيِّد في صُحف الدنيا مُجرّد قتيل، ومِنّا مُتفرِّجٌ أبْله لا يَعلَمُ أنّه بالتصفيق، يقترب يوماً عن يومٍ من دائرة الحريق !
نكتفي بالنافذة مع هاتف في اليد عسانا نُحقِّق أعلى مُشاهدة، لكنْ تُرانا نستطيع أن نتجاوز أضعف الإيمان، مع كل هذه الفُلول التي يُجيِّشها من حولنا الشيطان، هل نستطيع أن نتغلّب على أنفُسنا كي نحرز الإنتصار على الآخر، ذاك الغازي المُتربِّص بفريسته ليس فقط من كل الثغور، إنّما من خلَل الإنقسامات الفُصاميّة التي تعْتور ذاتية الإنسان العربي، لا مع هذا ولا مع ذاك كيف أكون مع نفسي، يا للتوزُّع الطائفي أو المذهبي أو التّكْفيري أوْ لنسميه ما شاءت تأويلاتنا للقَدَر، المُهم أنّ هذا التشرذم في الأفكار، هو الذي يستغلُّهُ بكل القِوى الأشرار، لينعكس بملامحه الفادحة على كعكة الأوطان !