2024 أكتوبر 7 - تم تعديله في [التاريخ]

انحياز‭ ‬صارخ‭ ‬لضغوط‭ ‬الجزائر‭ ‬و‭ ‬تجاهل‭ ‬واضح‭ ‬لصلاحيات‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن


العلم الإلكترونية - الرباط 

وفق‭ ‬البيان‭ ‬الذي‭ ‬أصدرته‭ ‬وزارة‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬والتعاون‭ ‬الأفريقي‭ ‬والمغاربة‭ ‬المقيمين‭ ‬بالخارج،‭ ‬حول‭ ‬قرار‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الأوروبية‭ ‬‮ ‬بخصوص‭ ‬اتفاقيتي‭ ‬الفلاحة‭ ‬والصيد‭ ‬البحري‭ ‬‮ ‬اللتين‭ ‬أبرمتا‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬2019‭ ‬بين‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وفق‭ ‬البيان‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬حد،‭ ‬حين‭ ‬وصف‭ ‬مضمون‭ ‬القرار‭ ‬بأنه‭ ‬تشوبه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العيوب‭ ‬القانونية‭ ‬الواضحة‭ ‬وأخطاء‭ ‬في‭ ‬الوقائع‭ ‬هي‭ ‬محل‭ ‬شبهات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤشر،‭ ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬الأحوال،‭ ‬إلى‭ ‬جهل‭ ‬مطبق‭ ‬بحقائق‭ ‬الملف،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬انحيازاً‭ ‬صارخاً‭. ‬وهو‭ ‬توصيف‭ ‬قانوني‭ ‬شديد‭ ‬الدقة،‭ ‬وتكييف‭ ‬قضائي‭ ‬بالغ‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬المستوى‭ ‬غير‭ ‬اللائق‭ ‬الذي‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬أعلى‭ ‬هيئة‭ ‬قضائية‭ ‬تابعة‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬مما‭ ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬بيان‭ ‬الوزارة‭ ‬تعبيراً‭ ‬سياسياً‭ ‬‮ ‬في‭ ‬قالب‭ ‬قانوني،‭ ‬‮ ‬بالتأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬تعد‭ ‬نفسَها‭ ‬غير‭ ‬معنية‭ ‬بتاتاً‭ ‬بقرار‭ ‬المحكمة‭ ‬الأوروبية،‭ ‬لثلاثة‭ ‬أسباب‭ ‬بالغة‭ ‬الوجاهة،‭ ‬أولها‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬لم‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬مرحلة‭ ‬من‭ ‬مراحل‭ ‬هذه‭ ‬المسطرة،‭ ‬وثانيها‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬ليست‭ ‬طرفاً‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬تهم‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬و‭ ‬جبهة‭ ‬البوليساريو‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ثانية،‭ ‬وثالثها‭ ‬أن‭ ‬المحكمة‭ ‬سمحت‭ ‬لنفسها‭ ‬بتجاوز‭ ‬الهيئات‭ ‬الأممية‭ ‬المختصة‭ ‬و‭ ‬معارضة‭ ‬مواقفها‭ ‬و‭ ‬مقارباتها‭ ‬الثابتة‭.‬
 
‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬القراءة‭ ‬الأولى‭ ‬لهذا‭ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬من‭ ‬العوار‭ ‬‮ ‬من‭ ‬ناحيتي‭ ‬المضمون‭ ‬والمسطرة‭ ‬الإجرائية،‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬مستهدفة‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬‮ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬المعيب،‭ ‬باعتباره‭ ‬يتعارض،‭ ‬بالمطلق،‭ ‬مع‭ ‬‮ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬اتخذه‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬2019‭ ‬بإبرامه‭ ‬للاتفاقيتين‭ ‬المشار‭ ‬إليهما‭ ‬مع‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يثبت‭ ‬طعن‭ ‬المحكمة‭ ‬في‭ ‬قرار‭ ‬سيادي‭ ‬اتخذته‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬العلاقات‭ ‬الممتازة‭ ‬التي‭ ‬تربطها‭ ‬بالمغرب،‭ ‬مما‭ ‬لا‭ ‬تفسيرَ‭ ‬قانونياً‭ ‬له‭ ‬سوى‭ ‬وصم‭ ‬أعلى‭ ‬هيئة‭ ‬تقريرية‭ ‬ودستورية‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬‮ ‬بأنها‭ ‬أبرمت‭ ‬اتفاقيتين‭ ‬مع‭ ‬دولة‭ ‬لا‭ ‬سيادة‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬أقاليمها‭ ‬الجنوبية‭. ‬و‭ ‬هذا‭ ‬تجريح‭ ‬‮ ‬إن‭ ‬دل‭ ‬على‭ ‬شيء‭ ‬فهو‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المحكمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬‮ ‬تصدر‭ ‬قراراً‭ ‬متعارضاً،‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬الخط،‭ ‬مع‭ ‬‮ ‬قرار‭ ‬للمفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬‮ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬خلت‭ .‬
 
‮ ‬و‭ ‬بالتعمق‭ ‬في‭ ‬تحليل‭ ‬مضمون‭ ‬قرار‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الأوروبية،‭ ‬نلقى‭ ‬أنفسنا‭ ‬وجهاً‭ ‬لوجه،‭ ‬أمام‭ ‬تطاول،‭ ‬‮ ‬شديد‭ ‬الجرأة‭ ‬مثير‭ ‬للاستغراب،‭ ‬على‭ ‬اختصاصات‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وصلاحياته‭ ‬التي‭ ‬حددها‭ ‬ميثاق‭ ‬المنظمة‭ ‬الأممية‭. ‬و‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يعد،‭ ‬و‭ ‬بمنتهى‭ ‬الصراحة،‭ ‬تجاوزاً‭ ‬لقراراته‭ ‬بشأن‭ ‬قضية‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية،‭ ‬خاصة‭ ‬القرار‭ ‬الأخير‭ ‬رقم‭ ‬2703‭ ‬الصادر‭ ‬في‭ ‬30‭ ‬أكتوبر‭ ‬سنة‭ ‬2023،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬التناقض‭ ‬الصارخ‭ ‬مع‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية،‭ ‬والتعارض‭ ‬الصريح‭ ‬مع‭ ‬مواقف‭ ‬أغلب‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬المبادرة‭ ‬المغربية‭ ‬للحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬التي‭ ‬تقدمت‭ ‬بها‭ ‬‮ ‬المملكة‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬2007‭.‬
 
وليس‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬قانونياً‭ ‬بالمعيار‭ ‬العلمي‭ ‬وبالمقياس‭ ‬‮ ‬القضائي،‭ ‬لأنه‭ ‬جنح‭ ‬إلى‭ ‬السياسة،‭ ‬فصار‭ ‬معيباً،‭ ‬حين‭ ‬تضمن‭ ‬العبارات‭ ‬التي‭ ‬ليست‭ ‬من‭ ‬اختصاص‭ ‬المحكمة‭ ‬الأوروبية،‭ ‬من‭ ‬مثل‭ (‬تجاهل‭ ‬مبادئ‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭) ‬و‭(‬إبرام‭ ‬الاتفاقيتين‭ ‬دون‭ ‬استشارة‭ ‬شعب‭ ‬الصحراء‭ ‬الغربية‭). ‬فهذه‭ ‬اللغة‭ ‬من‭ ‬اختصاص‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬،‭ ‬فهي‭ ‬لغة‭ ‬سياسة‭ ‬وليست‭ ‬لغة‭ ‬قضاء‭ . ‬والمحكمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬ليست‭ ‬هيئة‭ ‬سياسية،‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭.‬
 
لقد‭ ‬تجاوزت‭ ‬قرارات‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬تلك‭ ‬المفردات‭ ‬المموهة‭ ‬والملغمة،‭ ‬فلا‭ ‬تقرير‭ ‬مصير،‭ ‬و‭ ‬لا‭ ‬استفتاء،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬دعوة‭ ‬للموائد‭ ‬المستديرة،‭ ‬ودعم‭ ‬لمبادرة‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬السيادة‭ ‬المغربية،‭ ‬والتوافق‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬سياسي‭ ‬واقعي‭ ‬و‭ ‬ذي‭ ‬مصداقية‭ ‬و‭ ‬جدي‭ ‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬اعتماد‭ ‬المبادرة‭ ‬المغربية‭ ‬للحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬أساساً‭ ‬للموائد‭ ‬المستديرة‭.‬
 
وقد‭ ‬جدد‭ ‬المغرب،‭ ‬في‭ ‬رده‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الأوروبية،‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬موقفه‭ ‬الثابت‭ ‬إزاء‭ ‬عدم‭ ‬الالتزام‭ ‬بأي‭ ‬اتفاق‭ ‬أو‭ ‬وثيقة‭ ‬لا‭ ‬تحترم‭ ‬وحدته‭ ‬الترابية‭ ‬والوطنية‭. ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬الموقف‭ ‬المبدئي‭ ‬والسيادي‭ ‬الذي‭ ‬يجتمع‭ ‬عليه‭ ‬المغاربة‭ ‬كافة،‭ ‬و‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬الإرادة‭ ‬الوطنية‭ ‬الجامعة،‭ ‬ويعد‭ ‬حجر‭ ‬الزاوية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬يتخذها‭ ‬المغرب‭ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬القضية،‭ ‬‮ ‬والقاعدة‭ ‬الأساس‭ ‬للدبلوماسية‭ ‬المغربية‭ ‬التي‭ ‬تنبثق‭ ‬من‭ ‬الرؤية‭ ‬الملكية‭ ‬الملهمة‭ ‬و‭ ‬المستنيرة‭ ‬والحكيمة‭ .‬
 
وتأسيساً‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬الوطني‭ ‬الثابت،‭ ‬طالب‭ ‬المغرب‭ ‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬والمفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬والدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬باتخاذ‭ ‬التدابير‭ ‬اللازمة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬احترام‭ ‬التزاماتها‭ ‬الدولية‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬مكتسبات‭ ‬الشراكة،‭ ‬وتمكين‭ ‬المملكة‭ ‬من‭ ‬الضمان‭ ‬القانوني‭ ‬الذي‭ ‬يحق‭ ‬لها‭ ‬التمتع‭ ‬به‭ ‬بكيفية‭ ‬شرعية،‭ ‬وذلك‭ ‬بصفتها‭ ‬شريكاً‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬بشأن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الرهانات‭ ‬الاستراتيجية‭. ‬وقد‭ ‬بدأت‭ ‬ردود‭ ‬الفعل‭ ‬المستجيبة‭ ‬للمطالبة‭ ‬المغربية‭ ‬،‭ ‬تتوالى،‭ ‬‮ ‬ويتوقع‭ ‬أن‭ ‬تتوسع‭ ‬وتطرد،‭ ‬ومنها‭ ‬ردا‭ ‬فعل‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬والمجلس‭ ‬الأوروبي،‭ ‬ودول‭ ‬أوروبية‭ ‬،‭ ‬كفرنسا‭ ‬و‭ ‬إسبانيا‭ ‬و‭ ‬بلجيكا‭ ‬و‭ ‬هنغاريا‭.‬
 
والمغرب‭ ‬يواصل‭ ‬الثبات‭ ‬على‭ ‬مواقفه‭ ‬الوطنية،‭ ‬بقيادة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ونصره،‭ ‬مدعوماً‭ ‬بشبكة‭ ‬الأمان‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬الداعمة‭ ‬لمبادرة‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي،‭ ‬التي‭ ‬‮ ‬تبطل،‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الأمر،‭ ‬القرار‭ ‬المعيب‭ ‬لمحكمة‭ ‬العدل‭ ‬الأوروبية‭ .‬



في نفس الركن