2023 نونبر 19 - تم تعديله في [التاريخ]

"انبعاث من رماد"..

سانشيز لولاية ثانية على رأس الحكومة الإسبانية !


العلم الإلكترونية - بقلم أنس الشعرة

يحكي المقربون من بيدرو سانشيز، أنه قبل عشر سنوات، لم يكن يحظى بأي تأثير تنظيمي داخل قواعد حزب الاشتراكي العمالي، وقد نصحه بعضهم من عدم خوض غمار تجربة سياسية، حيث بدا لهم أنه منَ المستحيل أن يصبح أمينًا عاما للحزب الاشتراكي في يوم ما. عشر سنوات بعد ذلك، كانت كفيلة ليكون سانشيز سابع رئيس حكومة للديمقراطية التقدمية منذ 1978، في بلد يضم 47 مليون نسمة.

استغرق سانشيز وقتا طويلا لكي يصبح رجلا يحظى بشعبية كبيرة في قواعده، وهو اليوم من أقوى الرجالات في تاريخ الحزب الاشتراكي الإسباني، وأكبر خصومه السياسيين يعترفونَ له بذلك، وبسبب التأثير في قواعده، أضحى الرجل لا يواجه أي تحد داخلي تقريبا، واستطاع أن يحصل على أكثر من 179 صوتًا، وبدعم انتخابي واسع ومتعدد الأقطاب السياسية.

وبتوسيع دعمه تدريجياً وكسبه الاحترام السياسي، الذي لم يحظ به في البداية، ولا يُنكره أحد اليوم بعد خمس سنوات على رأس الحكومة  الإسبانية، حتى ألبيرتو نونيز فيخو ذاته، الذي اعتقد أنه يمكن هزمه بسهولة، وجد نفسه يعترف في البرلمان بأن سانشيز يحظى بـ "أغلبية شرعية"، حتى لو كان ذلك على حساب خلافه معه في قضية العفو العام.

انطلقت أطوار فترة تشريعية جديدة، بُعيد إعلان نتائج التصويت، وسط انهمار التصفيقات والهتافات، فيخو مسرعًا لمصافحة سانشيز، إنها لحظة جديدة تنطلق فيها المعارضة، بينما سانتياغو أباسكال، زعيم حزب فوكس، رحل مسرعا لا يلوي على شيء، إنها مرحلة تتطلب تدبيرًا للأزمات المقبلة.

كتبَ المحلل السياسي الإسباني خوسي أندريه روخو، أن "العفو العام، مسألة إيمان". صحيح أنه إيمان ولكنه سياسي وضروي "لضمان التعايش داخل دولة القانون"  كما كانَ يردد سانشيز، وهو إيمان مثالي أيضا، لأن المثاليات هي التي تخلق الوقائع الكبرى في السياسة والتاريخ،  ورغم  أنه لا أحد يعلم بيقين ما إذا كان هذا العفو سيحقق أهدافه السياسية والاجتماعية، إلا أن محاولة طي صفحة الماضي هي جزء من البناء الديمقراطي الذي ينبني على قاعدة الصفح.

بهذا أنهت إسبانيا حالة من الانفعال السياسي، جنبها انتكاسة سياسية بإعادة الانتخابات في 2024، بتشكيلة حكومية شابة، في ظل مشهد سياسي معقد، إذ باتَ من المؤكد أنها ستكون فترة تشريعية مليئة بالتوترات، دونَ أن ننسى أن الحزب الشعبي يسيطر على أغلبية إقليمية ومحلية، مما يجعلها معارضة قوية للغاية.

فترة تشريعية لن تكون سهلة، -كما لم تكن الفترة السابقة - في ظل تحولات عميقة في النظام الدولي والاقتصادي،  والتزام سانشيز بقضايا داخلية من قبيل قانون العمل، وعدم المساواة، والهجرة وغيرها من القضايا، وعلى المستوى الخارجي أيضا، حيث ينتظره إنجاز ملفات مهمة مع المغرب بناء على خارطة الطريق التي التزما بها البلدان في 2022، ومن أهمها ملفا ترسيم الحدود والهجرة، ومكافحة الإرهاب.



في نفس الركن