العلم الإلكترونية - بقلد يونس التايب
هل فعلا كانت هناك مؤامرة على المنتخب الوطني المغربي؟ كيف يمكن أن نعتقد بحدوث ذلك في 2022 ؟ هل لدينا دليل ملموس على أن ما شاهده العالم من أخطاء للتحكيم في مباراتي فرنسا و كرواتيا، يتجاوز الإطار المحتمل الوقوع في كرة القدم إلى شيء آخر؟ ألسنا، مرة أخرى، أمام نفس التحاليل التي تفترض دائما وجود "غرف سوداء" ومؤامرات نبرر بها إخفاقات تكون أسبابها موضوعية وسياقاتها طبيعية صرفة، لأننا لا زلنا لا نتقبل الاعتراف بنقط ضعفنا كما نتحدث عن نقط قوتنا بسهولة وافتخار؟
هل فعلا كانت هناك مؤامرة على المنتخب الوطني المغربي؟ كيف يمكن أن نعتقد بحدوث ذلك في 2022 ؟ هل لدينا دليل ملموس على أن ما شاهده العالم من أخطاء للتحكيم في مباراتي فرنسا و كرواتيا، يتجاوز الإطار المحتمل الوقوع في كرة القدم إلى شيء آخر؟ ألسنا، مرة أخرى، أمام نفس التحاليل التي تفترض دائما وجود "غرف سوداء" ومؤامرات نبرر بها إخفاقات تكون أسبابها موضوعية وسياقاتها طبيعية صرفة، لأننا لا زلنا لا نتقبل الاعتراف بنقط ضعفنا كما نتحدث عن نقط قوتنا بسهولة وافتخار؟
عوض البحث عن مؤامرة لا أحد يمتلك دليل إثبات بشأنها، أليس الأهم هو تركيز نقاشاتنا على سبل استثمار الإنجاز الكروي للمنتخب الوطني، وأخذ العبر منه لتحقيق المزيد من النجاحات لبلادنا، وتوسيع دائرة الثقة في قدرات وطننا وأبنائه، وتوعية شبابنا لرفع التحديات وتشجيع ثقافة الانتصار لكي تتمدد إلى كل المجالات في واقعنا ؟
لندقق في ما جرى بالضبط، بعيدا عن الانفعالات وصدمة هزيمة كنا لا نريدها أن تحدث : صحيح، كان فريقنا الوطني يستحق ضربة جزاء أمام منتخب فرنسا، كان بإمكانها أن تتيح عودة التوازن في النتيجة و إرباك خطط الفريق الخصم. لكن، حكم الملعب لم يتدخل، وحكام "الفار Var" لم يطلبوا منه تصحيح قراره. فهل أخطأ الحكم المكسيكي، و معه حكام غرفة الفار؟ نعم، أخطأوا خطأ جسيما. لكن، حتى وإن كانت مرفوضة، تظل الأخطاء التحكيمية محتملة الحدوث في لعبة كرة القدم. رأينا ذلك في الليغا الإسبانية و الكالتشيو الإيطالي، وفي بطولات أمريكا اللاتينية وآسيا، وفي كأس الأبطال الأوروبية. والذاكرة تحتفظ بأسماء فرق كبيرة عانت من أخطاء تحكيمية كانت فيها رائحة صراعات بين النوادي والفرق، والمستشهرين والشركات العالمية الكبرى، والقنوات التلفزية التي لها حسابات تتجاوز اللاعبين.
ومن تابعوا المونديال في زمن ما قبل الأنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، يتذكرون حالات مشهورة لأخطاء تحكيمية ظلمت منتخبات كانت مرشحة للذهاب بعيدا لو ضبط الحكام قراراتهم. فهل يجوز لنا الحديث عن "مؤامرات دولية" معدة سلفا، تشارك فيها "أجهزة مخابرات" و"رؤساء" دول لترتيب نتائج تلك المباريات؟ طبعا، في غياب أدلة، لا قيمة للتأويلات وصناعة سيناريوهات مؤامرات لا يستطيع أحد إثباتها.
في مونديال قطر 2022، حري بنا أن نتسائل: ألم يقل البعض أن الفيفا تريد الأرجنتين والبرتغال في مباراة النهاية لتكون مسك الختام في صراع أسطوري بين النجمين ميسي و رونالدو؟ لماذا، إذن، تركوا الأرجنتين تنهزم أمام السعودية، مع احتمال أن تتعادل أو تخسر بعد ذلك في مباراة ثانية، وتقصى من الدور الأول؟ كيف غامر المتآمرون بترك الباب مفتوحا أمام ذلك الاحتمال؟ كيف يعقل أن ترغب "جهات ما" في حضور الأرجنتين في النهاية، وفي مباراة الربع يتم تعيين حكم إسباني وزع بطائق صفراء على اللاعبين بشكل استثنائي، مع احتمال حصول لاعب مثل ليونيل ميسي، على بطاقة ثانية تمنعه من اللعب في المباراة التالية؟ كيف نفهم الصمت عن خلل يهدد تنفيذ "المؤامرة" المزعومة ؟؟
هنالك، أيضا، حالة منتخب ألمانيا الذي أقصي، و منتخب إنجلترا الذي لم يضمن له "المتآمرون" المرور أمام فرنسا. أم علينا اعتبار ضربة الجزاء التي منحها الحكم للإنجليز، جزء من مؤامرة، وأنه لولا أن هاري كين أضاعها لكان مبابي قد عاد إلى باريس منذ عشرة أيام؟ هل علينا أن نعتبر بأن "المؤامرة" فرنسية، وأنها استهدفت منتخب إنجلترا، كأي منتخب دولة ضعيفة سياسيا وإعلاميا، لا تستطيع الدفاع عن مصالح فريقها وفضح المؤامرات السرية..؟!
ثم ماذا نقول عن البرازيل العظيمة كرويا؟ لماذا لم يقم جياني أنفنتينو، رئيس الفيفا، بحماية النجوم نايمار و رافينيا ورفاقهما لضمان وصولهم للنهاية؟ لماذا تركوا الفريق البرازيلي عرضة للهزيمة أمام منتخب دولة كرواتيا التي تضم 3.5 مليون مواطن، فقط، بينما حجم سوق الإشهار الذي يتيحه فريق السامبا عبر العالم، يقاس بأضعاف ما يمكن تحقيقه ببيع صورة بروزوفيتش و مودريتش في نصف نهاية كأس العالم؟
هي مجموعة أسئلة أريد من خلالها التنبيه إلى أن الأمور ليست بالبساطة التي يعتقدها من يروجون نظرية "مؤامرة" متعددة الأبعاد والخلفيات، استهدفت منتخبنا كي لا يلعب نهاية كأس العالم. في رأيي، الحقيقة هي أننا انهزمنا أمام المنتخب الحامل لقب كأس العالم والمرشح الأقوى للفوز في النسخة الجارية، بما لديه من ترسانة لاعبين من المستوى العالي. ورغم أن المنتخب الفرنسي لم يكن الأفضل في مباراة نصف النهاية، إلا أنه انتصر بهدفين من أخطاء دفاعية لمنتخبنا الذي أثرت عليه أعطاب أقوى من إرادة لاعبي المنتخب.
لاشك أن مباريات كرة القدم لا يديرها، داخل الملعب وخارجه، ملائكة منزهون عن الخطأ والانحراف والضعف أمام الإغراءات. وتظل كرة القدم لعبة جميلة تحتاج إلى خطط جيدة واختيارات تقنية وتكتيكية فعالة، ولاعبين مهاريين بلياقة بدنية عالية. ويبقى احتمال وقوع أخطاء تحكيمية واردا، سواء عن سبق إصرار أو عن غير قصد.
في قطر 2022، لا أظن أن هنالك ما يبرر الحديث عن مؤامرة، إلا إذا كنا سنعتبر أن منتخبات البرازيل وإسبانيا وألمانيا والبرتغال وهولندا وأنجلترا، أقصيت بسبب مؤامرة تحالف "الماسونية" والشركات الكبرى ورئيس الفيفا وشياطين الإنس والجن، لأنها دول صغيرة "محكورة" لابأس في الاعتداء على مصالحها.
في اعتقادي، الأفضل هو أن نركز على سبل استدامة الاعتزاز بالملحمة المغربية في كأس العالم، واستثمار المنصات التواصلية لبعث رسائل شكر لشباب المنتخب وللمدرب الوطني ومساعديه، وللفريق الطبي وفريق الإعداد البدني، ورئيس الجامعة الملكية لكرة القدم، لأنهم قاموا بعمل رائع، و أسعدونا أكثر مما كان أكثر المتفائلين يتوقعون.
مسؤوليتنا هي أن نزيد من الانتصارات كما يستحق ذلك شعبنا الذي أصبحت له طموحات كبيرة، في مجال كرة القدم وفي كل الرياضات عموما، وكذلك في ميادين تنموية متنوعة قادرة على تأهيل الاقتصاد الوطني والقطاعات الاجتماعية و مجالات الثقافة والإعلام، من أجل جعل حياة الناس و واقعهم أفضل. ذلك هو الدرس الذي يجب أن يستوعبه الجميع.
و ... #سالات_الهضرة
#كل_التشجيع_للمنتخب_المغربي
#ديروا_النية
#زيدوا_نخدموا_بلادنا