العلم الإلكترونية - عبد الإلاه شهبون
تشهد أغلب جهات المغرب، طقسا حارا غير عادي بات يهدد الفلاحة في المناطق البورية والسقوية أيضا، ويثير مخاوف فلاحين وخبراء بخصوص التغيرات التي أصبحت تطال المناخ، وهو ما يبرز بشكل جلي عدم انتظام الفصول كنتيجة واضحة لتغير المناخ.
وأكد خبراء في المناخ والتنمية المستدامة، أن ما يعيشه المغرب حاليا طقسا غير عادي، ما يؤكد أن اختلال الفصول مستمر بشكل كبير. وأضاف هؤلاء أن التغيرات المناخية أضحت واقعا، بامتداد فصل الصيف إلى نهاية السنة على حساب فصل الشتاء، وهو ما يؤثر على دورات نمو النباتات والفلاحة والحياة بشكل عام، الأمر الذي يفرض تشجيع الزراعات المتكيفة مع التغير المناخي.
في هذا السياق، قال عبد السلام إرجى، مهندس فلاحي، وإطار نقابي بالجامعة الوطنية للفلاحة، التابعة للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، إن أغلب جهات المملكة، تشهد ارتفاعا غير عادي لدرجات الحرارة، وهو ما يبرز بشكل جلي في عدم انتظام الفصول كنتيجة واضحة لتغير المناخ، الأمر الذي يؤثر عل الفلاحة، وبشكل أساسي على الإنتاج النباتي والحيواني. مضيفا في تصريح ل”العلم” أنه أمام هذا التغير المناخي، يجب التأكيد على أهمية قدرة البلاد على التكيف مع التغيرات المناخية من أجل الصمود أمام مختلف الظواهر الطبيعية.
وأوضح المتحدث، أن تغير المناخ ، شكل على الدوام إحدى الإكراهات الأساسية أمام تنمية القطاع الفلاحي بالمغرب، حيث تشير سيناريوهات التغيرات المناخية إلى أن مناخ المملكة المغربية سيصبح قاحلا أكثر بسبب قلة التساقطات المطرية وارتفاع درجات الحرارة والظواهر الطبيعية الحادة المتكررة، مردفا أن من شأن هذا التوجه التأثير سلبا على الموارد المائية والتنوع البيولوجي، وكذا على المشهد الفلاحي بشكل عام، لهذا يجب العمل أكثر على مواكبة الفلاحين من خلال البحث الزراعي وتشجيع الممارسات والزراعات والأصناف المتكيفة مع الظروف الراهنة.
وقال المهندس الفلاحي، “من أجل ذلك وبهدف التخفيف من آثار التغيرات المناخية، وانخراطا منها في السياسة الوطنية للحد من تداعيات التغيرات المناخية والاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، قامت الاستراتيجية الفلاحية على محورين رئيسيين، وهما التكيف مع التغيرات المناخية والتخفيف من آثار الغازات المسببة للاحتباس الحراري، حيث ارتكزت الجهود المبذولة على تدبير وعقلنة استعمال مياه السقي، فيما اتجهت جهود التخفيف من آثار تغير المناخ صوب برامج توسيع المساحات المغروسة بالأشجار المثمرة بهدف الرفع من القدرة على امتصاص الكربون والتخفيف من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
واستعرض عبد السلام إرجى، بعض المشاريع الرائدة، من قبيل مشروع التأقلم مع التغيرات المناخية في مناطق الواحات، مشروع التهيئة الهيدرو- فلاحية لحماية سهل سايس السقوي، ومشروع تحلية مياه البحر لري سهل اشتوكة، تنمية الأركان في المناطق الهشة بتمويل من صندوق المناخ الأخضر، ومشروع تأقلم الزراعة المسقية مع التغيرات المناخية بسافلة سد قدوسة، ومشروع التنمية الفلاحية الشاملة المستدامة والمقاومة للتغيرات المناخية في وادي سوس.
وأشار، إلى أن وزارة الفلاحة تسعى إلى مواصلة وتعزيز مجهوداتها في إطار الاستراتيجية الجديدة “الجيل الأخضر”2020-2030”، وذلك من خلال مجموعة من التدابير الهادفة على الخصوص إلى تحسين النجاعة المائية عبر مواصلة برامج الري والتهيئة الفلاحية وكذا تعبئة الموارد المائية غير التقليدية، وتشجيع استخدام الطاقات المتجددة في القطاع الفلاحي (الطاقة الحيوية، الطاقة الشمسية)وتشجيع تحول الفلاحين لاستعمال هذه الطاقات، ومواصلة برامج غرس الأشجار بما في ذلك الأصناف الأكثر ملائمة للمناطق القاحلة، وتنمية الزراعة البيولوجية، وتعزيز ونشر التقنيات المحافظة على التربة، ومواصلة برنامج التأمين الفلاحي في أفق تعميمه، واعتماد ونشر التكنولوجيا الخضراء وتطوير الرقمنة الفلاحية، ومواصلة تعبئة التمويلات المناخية لدى المانحين المتخصصين في تمويل المناخ.
من جانبه، أكد محمد بنعبو، الخبير في المناخ والتنمية المستدامة، أن التغيرات المناخية تعتبر أكبر التحديات أمام المجال الفلاحي بالمملكة، وحتى ارتفاع درجات الحرارة التي بدأت منذ شهر أبريل أدت إلى الجفاف، مضيفا في تصريح ل “العلم” أن موجة الحرارة أثرت بشكل كبير على القطاع الفلاحي خاصة الزراعات الربيعية وعلى الأشجار المثمرة.
وتابع المتحدث، إن موجة الحرارة التي يشهدها المغرب، أثرت أيضا على الموارد المائية، مشددا على مواجهة التغيرات المناخية ببلادنا، وذلك عن طريق التكيف مع الوضع والتخفيف انطلاقا من المخططات التي تنزلها المملكة، من قبيل مخطط المغرب الأخضر والجيل الأخضر من خلال سقي مليون هكتار بالتنقيط.
وأوضح الخبير في المناخ والتنمية المستدامة، أن المغرب يطمح اليوم إلى إعادة استعمال المياه العادمة في السقي، وذلك حفاظا على الموارد المائية الجوفية والسطحية، مشيرا إلى أن ارتفاع درجات الحرارة وبشكل كبير يؤدي إلى تبخر المياه، وبالتالي يؤثر على الولوج إلى الماء الصالح للشرب.