2023 يوليو/جويلية 12 - تم تعديله في [التاريخ]

المغرب‭ ‬يواجه‭ ‬أصعب‭ ‬مرحلة‭ ‬ارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬حرارة‭ ‬الصيف

تهديد‭ ‬مباشر‭ ‬للزراعات‭ ‬والغطاء‭ ‬النباتي‭ ‬والأشجار‭ ‬المثمرة‭ ‬والماء


 ‬العلم الإلكترونية - عبد الإلاه شهبون
 
تشهد‭ ‬أغلب‭ ‬جهات‭ ‬المغرب،‭ ‬طقسا‭ ‬حارا‭ ‬غير‭ ‬عادي‭ ‬بات‭ ‬يهدد‭ ‬الفلاحة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬البورية‭ ‬والسقوية‭ ‬أيضا،‭ ‬ويثير‭ ‬مخاوف‭ ‬فلاحين‭ ‬وخبراء‭ ‬بخصوص‭ ‬التغيرات‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬تطال‭ ‬المناخ،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يبرز‭ ‬بشكل‭ ‬جلي‭ ‬عدم‭ ‬انتظام‭ ‬الفصول‭ ‬كنتيجة‭ ‬واضحة‭ ‬لتغير‭ ‬المناخ‭.‬
 
وأكد‭ ‬خبراء‭ ‬في‭ ‬المناخ‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يعيشه‭ ‬المغرب‭ ‬حاليا‭ ‬طقسا‭ ‬غير‭ ‬عادي،‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬اختلال‭ ‬الفصول‭ ‬مستمر‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭. ‬وأضاف‭ ‬هؤلاء‭ ‬أن‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬أضحت‭ ‬واقعا،‭ ‬بامتداد‭ ‬فصل‭ ‬الصيف‭ ‬إلى‭ ‬نهاية‭ ‬السنة‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬فصل‭ ‬الشتاء،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬دورات‭ ‬نمو‭ ‬النباتات‭ ‬والفلاحة‭ ‬والحياة‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يفرض‭ ‬تشجيع‭ ‬الزراعات‭ ‬المتكيفة‭ ‬مع‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭.‬
 
في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬قال‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬إرجى،‭ ‬مهندس‭ ‬فلاحي،‭ ‬وإطار‭ ‬نقابي‭ ‬بالجامعة‭ ‬الوطنية‭ ‬للفلاحة،‭ ‬التابعة‭ ‬للاتحاد‭ ‬العام‭ ‬للشغالين‭ ‬بالمغرب،‭ ‬إن‭ ‬أغلب‭ ‬جهات‭ ‬المملكة،‭ ‬تشهد‭ ‬ارتفاعا‭ ‬غير‭ ‬عادي‭ ‬لدرجات‭ ‬الحرارة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يبرز‭ ‬بشكل‭ ‬جلي‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬انتظام‭ ‬الفصول‭ ‬كنتيجة‭ ‬واضحة‭ ‬لتغير‭ ‬المناخ،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يؤثر‭ ‬عل‭ ‬الفلاحة،‭ ‬وبشكل‭ ‬أساسي‭ ‬على‭ ‬الإنتاج‭ ‬النباتي‭ ‬والحيواني‭. ‬مضيفا‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬ل”العلم”‭ ‬أنه‭ ‬أمام‭ ‬هذا‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬يجب‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬قدرة‭ ‬البلاد‭ ‬على‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الصمود‭ ‬أمام‭ ‬مختلف‭ ‬الظواهر‭ ‬الطبيعية‭.‬
 
وأوضح‭ ‬المتحدث،‭ ‬أن‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬،‭ ‬شكل‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬إحدى‭ ‬الإكراهات‭ ‬الأساسية‭ ‬أمام‭ ‬تنمية‭ ‬القطاع‭ ‬الفلاحي‭ ‬بالمغرب،‭ ‬حيث‭ ‬تشير‭ ‬سيناريوهات‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مناخ‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬سيصبح‭ ‬قاحلا‭ ‬أكثر‭ ‬بسبب‭ ‬قلة‭ ‬التساقطات‭ ‬المطرية‭ ‬وارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬والظواهر‭ ‬الطبيعية‭ ‬الحادة‭ ‬المتكررة،‭ ‬مردفا‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬التأثير‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬والتنوع‭ ‬البيولوجي،‭ ‬وكذا‭ ‬على‭ ‬المشهد‭ ‬الفلاحي‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬لهذا‭ ‬يجب‭ ‬العمل‭ ‬أكثر‭ ‬على‭ ‬مواكبة‭ ‬الفلاحين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البحث‭ ‬الزراعي‭ ‬وتشجيع‭ ‬الممارسات‭ ‬والزراعات‭ ‬والأصناف‭ ‬المتكيفة‭ ‬مع‭ ‬الظروف‭ ‬الراهنة‭.‬
 
وقال‭ ‬المهندس‭ ‬الفلاحي،‭ ‬“من‭ ‬أجل‭ ‬ذلك‭ ‬وبهدف‭ ‬التخفيف‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية،‭ ‬وانخراطا‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الوطنية‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬الوطنية‭ ‬للتنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬قامت‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الفلاحية‭ ‬على‭ ‬محورين‭ ‬رئيسيين،‭ ‬وهما‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬والتخفيف‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬الغازات‭ ‬المسببة‭ ‬للاحتباس‭ ‬الحراري،‭ ‬حيث‭ ‬ارتكزت‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬على‭ ‬تدبير‭ ‬وعقلنة‭ ‬استعمال‭ ‬مياه‭ ‬السقي،‭ ‬فيما‭ ‬اتجهت‭ ‬جهود‭ ‬التخفيف‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬صوب‭ ‬برامج‭ ‬توسيع‭ ‬المساحات‭ ‬المغروسة‭ ‬بالأشجار‭ ‬المثمرة‭ ‬بهدف‭ ‬الرفع‭ ‬من‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬امتصاص‭ ‬الكربون‭ ‬والتخفيف‭ ‬من‭ ‬انبعاثات‭ ‬الغازات‭ ‬المسببة‭ ‬للاحتباس‭ ‬الحراري‭.‬
 
واستعرض‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬إرجى،‭ ‬بعض‭ ‬المشاريع‭ ‬الرائدة،‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬مشروع‭ ‬التأقلم‭ ‬مع‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬الواحات،‭ ‬مشروع‭ ‬التهيئة‭ ‬الهيدرو‭- ‬فلاحية‭ ‬لحماية‭ ‬سهل‭ ‬سايس‭ ‬السقوي،‭ ‬ومشروع‭ ‬تحلية‭ ‬مياه‭ ‬البحر‭ ‬لري‭ ‬سهل‭ ‬اشتوكة،‭ ‬تنمية‭ ‬الأركان‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الهشة‭ ‬بتمويل‭ ‬من‭ ‬صندوق‭ ‬المناخ‭ ‬الأخضر،‭ ‬ومشروع‭ ‬تأقلم‭ ‬الزراعة‭ ‬المسقية‭ ‬مع‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬بسافلة‭ ‬سد‭ ‬قدوسة،‭ ‬ومشروع‭ ‬التنمية‭ ‬الفلاحية‭ ‬الشاملة‭ ‬المستدامة‭ ‬والمقاومة‭ ‬للتغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬في‭ ‬وادي‭ ‬سوس‭.‬
 
وأشار،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وزارة‭ ‬الفلاحة‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬مواصلة‭ ‬وتعزيز‭ ‬مجهوداتها‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الجديدة‭ ‬“الجيل‭ ‬الأخضر”2020-2030”،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬التدابير‭ ‬الهادفة‭ ‬على‭ ‬الخصوص‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬النجاعة‭ ‬المائية‭ ‬عبر‭ ‬مواصلة‭ ‬برامج‭ ‬الري‭ ‬والتهيئة‭ ‬الفلاحية‭ ‬وكذا‭ ‬تعبئة‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬غير‭ ‬التقليدية،‭ ‬وتشجيع‭ ‬استخدام‭ ‬الطاقات‭ ‬المتجددة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الفلاحي‭ (‬الطاقة‭ ‬الحيوية،‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭)‬وتشجيع‭ ‬تحول‭ ‬الفلاحين‭ ‬لاستعمال‭ ‬هذه‭ ‬الطاقات،‭ ‬ومواصلة‭ ‬برامج‭ ‬غرس‭ ‬الأشجار‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الأصناف‭ ‬الأكثر‭ ‬ملائمة‭ ‬للمناطق‭ ‬القاحلة،‭ ‬وتنمية‭ ‬الزراعة‭ ‬البيولوجية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬ونشر‭ ‬التقنيات‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬التربة،‭ ‬ومواصلة‭ ‬برنامج‭ ‬التأمين‭ ‬الفلاحي‭ ‬في‭ ‬أفق‭ ‬تعميمه،‭ ‬واعتماد‭ ‬ونشر‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الخضراء‭ ‬وتطوير‭ ‬الرقمنة‭ ‬الفلاحية،‭ ‬ومواصلة‭ ‬تعبئة‭ ‬التمويلات‭ ‬المناخية‭ ‬لدى‭ ‬المانحين‭ ‬المتخصصين‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬المناخ‭.‬
 
من‭ ‬جانبه،‭ ‬أكد‭ ‬محمد‭ ‬بنعبو،‭ ‬الخبير‭ ‬في‭ ‬المناخ‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬أن‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬تعتبر‭ ‬أكبر‭ ‬التحديات‭ ‬أمام‭ ‬المجال‭ ‬الفلاحي‭ ‬بالمملكة،‭ ‬وحتى‭ ‬ارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬منذ‭ ‬شهر‭ ‬أبريل‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬الجفاف،‭ ‬مضيفا‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬ل‭ ‬“العلم”‭ ‬أن‭ ‬موجة‭ ‬الحرارة‭ ‬أثرت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬الفلاحي‭ ‬خاصة‭ ‬الزراعات‭ ‬الربيعية‭ ‬وعلى‭ ‬الأشجار‭ ‬المثمرة‭.‬
 
وتابع‭ ‬المتحدث،‭ ‬إن‭ ‬موجة‭ ‬الحرارة‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬المغرب،‭ ‬أثرت‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬المائية،‭ ‬مشددا‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬ببلادنا،‭ ‬وذلك‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬الوضع‭ ‬والتخفيف‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬المخططات‭ ‬التي‭ ‬تنزلها‭ ‬المملكة،‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬مخطط‭ ‬المغرب‭ ‬الأخضر‭ ‬والجيل‭ ‬الأخضر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سقي‭ ‬مليون‭ ‬هكتار‭ ‬بالتنقيط‭.‬
 
وأوضح‭ ‬الخبير‭ ‬في‭ ‬المناخ‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬يطمح‭ ‬اليوم‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬استعمال‭ ‬المياه‭ ‬العادمة‭ ‬في‭ ‬السقي،‭ ‬وذلك‭ ‬حفاظا‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬الجوفية‭ ‬والسطحية،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬وبشكل‭ ‬كبير‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تبخر‭ ‬المياه،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬الولوج‭ ‬إلى‭ ‬الماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشرب‭.‬



في نفس الركن