2022 شتنبر 20 - تم تعديله في [التاريخ]

المغرب‭ ‬يتحمل‭ ‬مسؤوليته‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬الهجرة‭ ‬السرية‭

رغم‭ ‬الإكراهات‭ ‬المادية‭ ‬واللوجستيكية‭ ‬والصعوبات‭ ‬القانونية‭ ‬القوات‭ ‬الأمنية‭ ‬المغربية‭ ‬أجهضت‭ ‬40600‭ ‬محاولة‭ ‬للهجرة‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا خلال السنة الجارية ‬


العلم الإلكترونية - لحسن الياسميني

يعتبر‭ ‬ملف‭ ‬الهجرة‭  ‬من‭ ‬أصعب‭  ‬الملفات‭ ‬ومن‭ ‬أهمها‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬والاتحاد‭ ‬ألأوروبي‭ ‬،‭ ‬أولا‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬الكلفة‭ ‬التي‭ ‬يتحملها‭ ‬المغرب‭ ‬بسبب‭ ‬قربه‭ ‬الجغرافي‭ ‬من‭ ‬أوروبا‭ ‬بحرا‭ ‬،‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬مسافة‭ ‬14‭ ‬كيلومترا‭ ‬التي‭ ‬تفصله‭ ‬عن‭ ‬السواحل‭ ‬الأوروبية‭  ‬جعلت‭ ‬منه‭ ‬نقطة‭ ‬جذب‭ ‬للمهاجرين‭ ‬غير‭ ‬الشرعيين‭ ‬سواء‭ ‬القادمين‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬إفريقيا‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬،‭ ‬أومن‭ ‬المغرب‭ ‬نفسه،‭ ‬وبسبب‭ ‬وضعية‭ ‬المدينتين‭ ‬المحتلتين‭ ‬سبتة‭ ‬ومليلية‭ .‬

‭‬وثانيا‭ ‬بسبب‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬يعانيها‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬استقبال‭ ‬المهاجرين‭ ‬الذين‭ ‬تريد‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬إعادتهم‭ ‬للمغرب‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬مغاربة‭ ‬،‭ ‬أو‭  ‬كانوا‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬مغربي‭ ‬ولكنهم‭ ‬ولادة‭ ‬ونشأة‭ ‬هم‭ ‬ينتمون‭ ‬للبلد‭ ‬الذي‭ ‬يريد‭ ‬ترحيلهم‭ ‬إلى‭ ‬المغرب‭ ‬،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لهم‭ ‬مع‭ ‬المغرب‭ ‬إلا‭ ‬الأصل‭.‬

وتسبب‭ ‬هذه‭ ‬النقط‭ ‬خلافات‭ ‬عميقة‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬بعض‭ ‬البلدان‭ ‬الأوروبية‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الشأن‭ ‬بالنسبة‭ ‬لفرنسا‭ ‬التي‭ ‬تشددت‭ ‬في‭ ‬المدة‭ ‬الأخيرة‭ ‬مع‭ ‬المغرب‭ ‬،‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬ظاهريا‭ - ‬بسبب‭ ‬ادعاء‭ ‬رفض‭  ‬قبول‭ ‬المغرب‭ ‬استعادة‭ ‬المهاجرين،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الأسباب‭  ‬الحقيقية‭ ‬لسوء‭ ‬العلاقات،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬غير‭ ‬مرتبطة‭ ‬بهذا‭ ‬السبب‭ ‬،‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬التي‭ ‬استثمرت‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬الصحراء‭ ‬كورقة‭ ‬ضغط‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الابتزاز‭ ‬،‭ ‬لم‭ ‬تنظر‭ ‬بعين‭ ‬الرضى‭ ‬للنجاحات‭ ‬الديبلوماسية‭ ‬المغربية‭ ‬إفريقيا‭ ‬ودوليا‭ ‬بخصوص‭ ‬قضية‭ ‬الصحراء‭ ‬،‭ ‬وأهمها‭ ‬الاعتراف‭ ‬الأمريكي‭ ‬بمغربية‭ ‬الأقاليم‭ ‬الجنوبية‭ .‬

هذا‭ ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬ألمانيا‭ ‬وإسبانيا‭ ‬غداة‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬الاعتراف‭ ‬الأمريكي‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬إخفاء‭ ‬غضبها‭ ‬وسعت‭ ‬بكل‭ ‬الوسائل‭ ‬لثني‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬عن‭ ‬موقفها،‭ ‬مما‭ ‬عصف‭ ‬بعلاقة‭ ‬هذين‭ ‬البلدين‭ ‬مع‭ ‬المغرب‭ ‬،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬وضعها‭ ‬الطبيعي‭ ‬بعد‭ ‬ترحيب‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬ألمانيا‭ ‬وبعدها‭ ‬إسبانيا‭ ‬بمقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬المغربي‭  ‬فإن‭ ‬باريس‭ ‬لم‭ ‬تقم‭ ‬بأي‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬،‭ ‬واستمر‭ ‬الصمت‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ألآن‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬موقف‭ ‬معلن‭ ‬،‭ ‬ولكن‭ ‬العلاقات‭ ‬أصبحت‭ ‬باردة‭ ‬للغاية،‭ ‬وهو‭ ‬ماترجمه‭ ‬استمرار‭ ‬التشديد‭ ‬في‭ ‬منح‭ ‬التأشيرات‭ ‬الفرنسية‭ ‬للمغاربة‭ ‬مقابل‭ ‬التساهل‭ ‬مع‭ ‬باقي‭ ‬البلدان‭ ‬المغاربية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوضع‭.‬

يضاف‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬زيارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬إيمانويل‭ ‬ماكرون‭ ‬للجزائر‭ ‬كأولى‭ ‬وجهة‭ ‬له‭ ‬بعد‭ ‬إعادة‭  ‬انتخابه،‭ ‬التي‭ ‬رأى‭ ‬فيها‭ ‬البعض‭ ‬توددا‭ ‬للجزائر‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬المغرب‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬عز‭ ‬الأزمة‭  ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬الجارين‭.‬

وفوق‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬وذاك‭ ‬يستمر‭ ‬ملف‭ ‬الهجرة‭ ‬من‭ ‬الملفات‭ ‬الساخنة‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وبلدان‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬،‭ ‬ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يواجه‭ ‬فيه‭ ‬المغرب‭ ‬ضغطا‭ ‬قويا‭ ‬باعتراف‭ ‬إسبانيا‭ ‬البد‭ ‬الجار،‭ ‬وكما‭ ‬تبين‭ ‬ذلك‭ ‬بعض‭ ‬الأحداث‭ ‬من‭ ‬حين‭ ‬لآخر‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الأمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬لحادث‭ ‬مليلية‭ ‬المحتلة‭ ‬الأليم‭ ‬في‭ ‬24‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬يونيو‭ ‬المنصرم‭ ,‬الذي‭ ‬خلف‭ ‬ضحايا‭:  ‬قتلى‭  ‬وجرحى‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬يطلب‭ ‬من‭ ‬المغرب‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التضحيات‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الأصعدة‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬للصدد‭ ‬كشف‭ ‬خالد‭ ‬الزروالي،‭ ‬الوالي‭ ‬مدير‭ ‬الهجرة‭ ‬ومراقبة‭ ‬الحدود‭ ‬بوزارة‭ ‬الداخلية،‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬نفسها‭ ‬لا‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬القاصرين‭ ‬،حيث‭ ‬لم‭ ‬تنجح‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬أوروبية‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬آليات‭ ‬لضمان‭ ‬عودة‭ ‬القاصرين‭ ‬المحميين‭ ‬بنصوص‭ ‬عديدة،‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الدولية‭ ‬لحقوق‭ ‬الطفل،‭ ‬إلى‭ ‬بلدانهم‭ ‬مضيفا‭  ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬له‭ ‬اتصالات‭ ‬وثيقة‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية،‭ ‬مثل‭ ‬إسبانيا‭ ‬وفرنسا،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬إرسال‭ ‬لجان‭ ‬دورية‭ ‬للاطلاع‭ ‬على‭ ‬تفاصيل‭ ‬الملف‭.‬

وبخصوص‭  ‬إعادة‭ ‬القاصرين‭ ‬المغاربة‭ ‬غير‭ ‬المصحوبين‭ ‬بذويهم‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬أكد‭ ‬الزروالي‭ ‬أن‭ ‬البلاد‭ ‬لديها‭ ‬خدمات‭ ‬حماية‭ ‬للأطفال‭ ‬ومراكز‭ ‬استقبال‭ ‬ويمكنها‭ ‬ضمان‭ ‬إعادة‭ ‬دمج‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬أسرهم‭.‬

‬وعن‭ ‬الإعانات‭ ‬الأوروبية‭ ‬للمغرب‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الهجرة‭ ‬غير‭ ‬الشرعية‭ ‬قال‭ ‬خالد‭ ‬الزروالي،‭ ‬إن‭ ‬المساعدة‭ ‬التي‭ ‬يقدمها‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬للمغرب‭ ‬لمحاربة‭ ‬الهجرة‭ ‬غير‭ ‬النظامية،‭ ‬البالغة‭ ‬500‭ ‬مليون‭ ‬يورو‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬سبع‭ ‬سنوات،‭ ‬غير‭ ‬كافية‭ ‬لتغطية‭ ‬نفقات‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬تبلغ‭ ‬427‭ ‬مليون‭ ‬يورو‭ ‬سنويا،‭ ‬وأضاف‭ ‬الزروالي،‭ ‬في‭ ‬مقابلة‭ ‬مع‭ ‬وكالة‭ ‬الأنباء‭ ‬الإسبانية‭ ‬إفي‮»‬‭ ‬أنه‭  ‬في‭ ‬إطار‭ ‬التعاون‭ ‬الجيد‭ ‬وحسن‭ ‬الجوار‭ ‬والمسؤولية‭ ‬المشتركة‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬تخصيصه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬أقل‭ ‬مما‭ ‬يستلزمه‭ ‬الأمر‭.‬

وأبرز‭ ‬أن‭ ‬300‭ ‬مليون‭ ‬يورو‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬المالي،‭ ‬يضاف‭ ‬إليها‭ ‬200‭ ‬مليون‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬الفني‭ ‬التي‭ ‬منحها‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬للمغرب‭ ‬للفترة‭ ‬الممتدة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬2021‭-‬2027،‭ ‬أقل‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬تنفقه‭ ‬الدولة‭ ‬المغربية،‭ ‬والذي‭ ‬يقدر‭ ‬بنحو‭ ‬427‭ ‬مليون‭ ‬يورو‭ ‬كل‭ ‬سنة،‭ ‬وأوضح‭ ‬الزروالي‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬لا‭ ‬يجعل‭ ‬المساعدة‭ ‬المالية‭ ‬شرطا‭ ‬لمواصلة‭ ‬الجهود‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬الهجرة،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬أوروبا‭ ‬شريك‭ ‬استراتيجي،‭ ‬والمغرب‭ ‬لا‭ ‬يحول‭ ‬قضية‭ ‬الهجرة‭ ‬إلى‭ ‬نقود‭. ‬فالمغرب‭  ‬دولة‭ ‬مسؤولة،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬مساعدة‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬وسيواصل‭ ‬ما‭ ‬يتوجب‭ ‬القيام‭ ‬به‭.‬

ونفى‭ ‬الزروالي‭  ‬الاتهامات‭ ‬التي‭ ‬لاحقت‭ ‬المغرب‭ ‬بخصوص‭ ‬استعماله‭ ‬الهجرة‭ ‬سلاحا‭ ‬للضغط‭ ‬على‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬خلال‭ ‬أحداث‭ ‬سبتة‭ ‬المحتلة‭  ‬في‭ ‬شهر‭ ‬ماي‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬الماضية،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭  ‬المغرب‭ ‬دولة‭ ‬مسؤولة،‭ ‬وقد‭ ‬أظهر‭ ‬دائما‭ ‬استعداده‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المجالات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬لتبادل‭ ‬خبراته‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الصديقة،‭ ‬وأن‭  ‬المغرب‭ ‬لا‭ ‬يستغل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬لأسباب‭ ‬سياسية،‭ ‬وما‭ ‬اتهم‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬القبيل‭ ‬لا‭ ‬أساس‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬الصحة‭.‬

وبلغة‭ ‬الأرقام‭ ‬فإن‭ ‬القوات‭ ‬الأمنية‭ ‬المغربية‭ ‬أجهضت‭ ‬40600‭ ‬محاولة‭ ‬للهجرة‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا،‭ ‬بزيادة‭ ‬11في‭ ‬المائة‭  ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬سنة ‭ ‬،2021‬وأنقذت‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬7000‭ ‬مهاجر‭ ‬حاولوا‭ ‬العبور‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬البحر،‭ ‬فيما‭ ‬فككت‭ ‬124‭ ‬شبكة‭ ‬لتهريب‭ ‬المهاجريين”‭.‬

وكشفت‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬بذلها‭ ‬المغرب‭ ‬عن‭ ‬نتائج‭ ‬حاسمة‭ ‬يقابلها‭ ‬انخفاض‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬الوافدين‭ ‬على‭ ‬السواحل‭ ‬الإسبانية،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬ضغط‭ ‬المهاجرين‭ ‬على‭ ‬المغرب‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬مستمرا‭.‬



في نفس الركن