2024 فبراير 27 - تم تعديله في [التاريخ]

المغرب‭ ‬يبني‭ ‬مرافعته‭ ‬أمام‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬على‭ ‬مبادئ (‬نداء‭ ‬القدس‭(


العلم الإلكترونية - الرباط 

في‭ ‬سابقةٍ‭ ‬تدخل‭ ‬سجل‭ ‬التاريخ‭ ‬المعاصر،‭ ‬بنت‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬مرافعتها‭ ‬أمام‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬طلب‭ ‬رأي‭ ‬استشاري‭ ‬بشأن‭ ‬التبعات‭ ‬القانونية‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬سياسات‭ ‬إسرائيل‭ ‬وممارساتها‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬على‭ ‬المبادئ‭ ‬التي‭ ‬كرستها‭ ‬وثيقة‭ (‬نداء‭ ‬القدس‭) ‬الموقعة‭ ‬في‭ ‬30‭ ‬مارس‭ ‬سنة2019،‭ ‬بين‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬حفظه‭ ‬الله،‭ ‬رئيس‭ ‬لجنة‭ ‬القدس،‭ ‬المنبثقة‭ ‬عن‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي،‭ ‬وقداسة‭ ‬البابا‭ ‬فرانسيس‭ . ‬وهي‭ ‬الوثيقة‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬تؤكد،‭ ‬بالخصوص،‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬القدس‭ ‬الشريف‭ ‬باعتبارها‭ ‬تراثاً‭ ‬مشتركاً‭ ‬للإنسانية،‭ ‬وبوصفها،‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬أرضاً‭ ‬للقاء‭ ‬ورمزاً‭ ‬للتعايش‭ ‬السلمي‭ ‬بالنسبة‭ ‬لأتباع‭ ‬الديانات‭ ‬التوحيدية‭ ‬الثلاث،‭ ‬ومركزاً‭ ‬لقيم‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬والحوار،‭ ‬مما‭ ‬يقتضي‭ ‬صيانة‭ ‬وتعزيز‭ ‬الطابع‭ ‬الخاص‭ ‬للقدس‭ ‬كمدينة‭ ‬متعددة‭ ‬الأديان،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬بعدها‭ ‬الروحي‭ ‬وهويتها‭ ‬الفريدة‭ .‬
 
وهذا‭ ‬الربط‭ ‬بين‭ ‬الجوانب‭ ‬القانونية‭ ‬والسياسية‭ ‬وبين‭ ‬الأبعاد‭ ‬الدينية‭ ‬و‭ ‬الحضارية،‭ ‬في‭ ‬مرافعة‭ ‬المغرب‭ ‬أمام‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬يعد،‭ ‬وبكل‭ ‬المقاييس‭ ‬،‭ ‬نمطاً‭ ‬فريداً‭ ‬من‭ ‬المرافعات‭ ‬التي‭ ‬تستمع‭ ‬إليها‭ ‬المحكمة‭ ‬أو‭ ‬تتلقاها‭ ‬مكتوبة‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لهذه‭ ‬المحكمة‭ ‬الدولية‭ ‬أن‭ ‬عرفته،‭ ‬بهذه‭ ‬الصورة‭ ‬الواضحة،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يضعها‭ ‬أمام‭ ‬نداء‭ ‬روحي‭ ‬وجهها‭ ‬جلالة‭ ‬ملك‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬أمير‭ ‬المؤمنين‭ ‬و‭ ‬رئيس‭ ‬لجنة‭ ‬القدس‭ ‬التي‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬الإرادة‭ ‬الجماعية‭ ‬لمليار‭ ‬ونصف‭ ‬المليار‭ ‬من‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬والحَبر‭ ‬الأعظم‭ ‬بابا‭ ‬الفاتيكان‭ ‬الممثل‭ ‬الأسمى‭ ‬لمليارين‭ ‬من‭ ‬المسيحيين‭ ‬الكاثوليك‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬الأرض‭. ‬وهذه‭ ‬سابقةٌ‭ ‬لم‭ ‬يعرفها‭ ‬العالم‭ ‬،‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬وثيقة‭ ‬نداء‭ ‬القدس،‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬و‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬المرافعة‭ ‬التي‭ ‬قدمتها‭ ‬المملكة‭ ‬مكتوبة‭ ‬لمحكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ .‬
 
وقد‭ ‬حرصت‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬مرافعتها‭ ‬هذه،‭ ‬على‭ ‬التذكير‭ ‬بتوافق‭ ‬المجموعة‭ ‬الدولية‭ ‬حول‭ ‬الوضع‭ ‬القانوني‭ ‬للمستوطنات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬فوق‭ ‬أجزاء‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬القدس‭ ‬الشريف،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬مستحيلاً‭. ‬كما‭ ‬أكدت‭ ‬المرافعة‭ ‬المغربية،‭ ‬أن‭ ‬تسوية‭ ‬النزاع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الحوار‭ ‬والتفاوض‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬قراري‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬242‭ ‬و‭ ‬338‭ ‬،‭ ‬ستظل‭ ‬المستوطنات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬حجر‭ ‬عثرة‭ ‬أمام‭ ‬بناء‭ ‬سلام‭ ‬و‭ ‬استقرار‭ ‬دائمين‭ ‬بالشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬وهو‭ ‬الموقف‭ ‬الثابت‭ ‬الذي‭ ‬تلتزم‭ ‬به‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬التزامها‭ ‬الدائم‭ ‬بالقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وهو‭ ‬الالتزام‭ ‬الذي‭ ‬ترجمته‭ ‬مذكرة‭ ‬المرافعة،‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬بكل‭ ‬الوسائل‭ ‬القانونية‭ ‬المتاحة،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حماية‭ ‬الوضع‭ ‬القانوني‭ ‬والتاريخي‭ ‬والسياسي‭ ‬والروحي‭ ‬للمدينة‭ ‬المقدسة‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬طابعها‭ ‬المتفرد‭ ‬كمدينة‭ ‬للسلام‭ ‬واللقاء‭ ‬بين‭ ‬أتباع‭ ‬الديانات‭ ‬التوحيدية‭ .‬
 
وكما‭ ‬حرص‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬الربط‭ ‬بين‭ ‬نداء‭ ‬القدس‭ ‬والمرافعة‭ ‬أمام‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬جدد‭ ‬التزامه‭ ‬الفاعل‭ ‬باحترام‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬والنهوض‭ ‬بالسلام‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الذي‭ ‬يمر‭ ‬عبر‭ ‬حل‭ ‬عادل‭ ‬و‭ ‬شامل‭ ‬و‭ ‬دائم‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬الدولتين‭ ‬،‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬حدود‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬يونيو‭ ‬سنة‭ ‬1967‭ ‬عاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬تعيش‭ ‬جنباً‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬سلام‭ ‬وأمن‭ ‬،‭ ‬طبقاً‭ ‬للشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬ولقرارات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬و‭ ‬امتداداً‭ ‬لمبادرة‭ ‬السلام‭ ‬العربية‭ .‬
 
تلك‭ ‬هي‭ ‬الأبعاد‭ ‬المتداخلة‭ ‬للموقف‭ ‬المغربي‭ ‬حيال‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬،‭ ‬صاغتها‭ ‬المملكة‭ ‬في‭ ‬مذكرة‭ ‬مرافعة‭ ‬قدمها‭ ‬سفير‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬لاهاي‭ ‬محمد‭ ‬البصري‭ ‬،‭ ‬الذي‭ ‬يشارك‭ ‬في‭ ‬جلسات‭ ‬الاستماع‭ ‬التي‭ ‬تعقدها‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬من‭ ‬19‭ ‬إلى‭ ‬29‭ ‬فبراير‭ ‬الجاري‭ .‬
 
 



في نفس الركن