العلم الإلكترونية - أنس الشعرة
تستمر الأحزاب اليمينة الإسبانية، كلما سنحت لها الفرصة، إثارةَ مسألة سبتة ومليلية المحتلتين، وأنهما جزء لا يتجزأ من إسبانيا، ففي نهاية الأسبوع الماضي، طالب الحزب الشعبي الإسباني (PP) في مليلية، بتقديم إجابة واضحة للمغرب حول المدينتين، من طرف الحكومة الإسبانية، حول مضمون الرسالة التي أرسلها المغرب إلى مجلس حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، حول الحدود البرية مع إسبانيا. تصريح رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز أتى مؤكدًا لدعوة الحزب الإسباني، في الخميس البرلمان الإسباني. عنونت الجريدة الإسبانية "إل فارو" بخط عريض: "سانشيز يجيب المغرب سبتة ومليلية إسبانيتين"، وتضيف في عنوان فرعي أيضا: "هذا ما صرح به رئيس الحكومة بشأن الرسالة التي بعثت بها الرباط إلى الأمم المتحدة، خلال مثوله أمام البرلمان يوم الخميس".
لنفحص أوًلا منطلقَ الدعوة، يأتي مبدأها من تأكيد رئيس الحزب الشعبي في مليلية، خوان خوسيه إمبرودا، يوم الخميس الماضي، على أن توقيع اتفاقية الحكم الذاتي معَ المغرب، "كان ينبغي أن يتضمن "اعتراف الدولة المغربية بالسيادة الإسبانية على سبتة ومليلة".
وتابع إمبرودا " كان لازمًا الحصول على اعتراف قاطع" وحسب إمبرودا، فإن "التاريخ والقانون والسكان" يضمنون عضوية المدن المتمتعة بالحكم الذاتي لإسبانيا" وأضاف في النهاية: " لكن هذا لم يحدث". يعد هذا الموقف الصادر عن الحزب الإسباني الشعبي متماهيًا، مع توجهاته اليمينة الصريحة، نوعٌ منَ المقايضة الدبلوماسية، اعتراف بمغربية الصحراء إزاء الاعتراف بسيادة إسبانية على سبتة ومليلة المحتلتين!
لنتابع أيضا، يوم الخميس الماضي، إثرَ مثول رئيس الحكومة الإسبانية، أمام البرلمان الإسباني، دافعَ بشكل صريح عن إسبانية المدينتين، بعدَ أن وقعَ تحتَ ضغط رهيب من طرف المتحدثة الرسمية باسم الحزب الشعبي اليميني، "كُوكا جَامارا" التي طالبته بإيضاح موقفه والدفاع عن مصلحة إسبانيا، وسلامة أراضيها، كما أشارت إلى ذلك الصحيفة الإسبانية "أوربا بريس".
هكذا أضحى سانشيز تحتَ ضغط قوي أمامَ الأحزاب المناوئة له، والتي طالبته بمزيد من التوضيحات من طرف المغرب، بعدَ الرسالة التي بعثها إلى الأمم المتحدة، والتي يرى العديد من الأحزاب الإسبانية، أن موقف إسبانيا في اعترافها بمشروع الحكم الذاتي، مجردَ رضوخ للمغرب، ومزيد من تأكيد المغرب على محاولة بسط سيطرته على المنطقة.
رسالة المغرب كانت واضحة وأتت مضامينها على هاته الشاكلة: لا حدود برية مع إسبانيا، ومليلية لا تزال محتلة، كما لا يمكن الحديث عن حدود برية، وإنما عن نقاط العبور فقط. هكذا تجسد الموقف الدبلوماسي المغربي من الموقف الإسباني جملة.
أول أمس، تحدثت الصحيفة الإسبانية، "إل إسبانيول"، عن أن هذه القضية حساسة للبلدين معا، وبشكل مفرط، وحسب الصحيفة ذاتها، أنّ مصادر مقربة من سانشيز تنفي من أنها ستطلب توضيحات إضافية حول موقف المغرب من سبتة ومليلية المحتلتين، مسوغ ذلك أن الحكومة راضية عن طبيعة العلاقة بين البلدين، ولا تريد فتح هذا الملف.
بالعودة إلى خوان إمبرودا، لا ننسى أن تصريحاته هاته، أعقبها باقتراح على رئيس الحكومة الإسبانية، مطالبا إياه بتخصيص 300 مليون أورو لمدينة مليلية المحتلة لتوسيع مينائها، ففي تقديرهِ أّنّ هذا سيجلب استثمارات اقتصادية للمدينة، وسيحل المشاكل الاجتماعية التي تعج بها، جراء الأزمة الخانقة التي تعيشها. يمكنُ فهم سياسات الحزب اليميني، في سياق الضغط السياسي على الحكومة، التي تواجه أزمة الإمداد الطاقي منذ اندلاع الحرب بين روسيا وأكرانيا، وزاد الأزمة اضطراب علاقتها بالجزائر، ومن جهة أخرى في سياق السياسات التقشفية التي تنتهجها الحكومة.
لم يبق للانتخابات العامة الإسبانية، سوى سنة واحدة، ولو تتبعنا خطاب رئيس الحكومة الإسبانية، منذ عودة العلاقة بين المغرب وإسبانيا، سنخلص إلى نتيجتين، النتيجة الأولى: متعلقة بوضع إسبانيا، أمامَ التحولات الجيوسياسية المغربية، وتحركاتها في المنطقة، ورهاناتها الإفريقية، وبالتالي؛ فإن إسبانيا تدركُ جيدًا، أن المغرب هو المفتاح الذي تلجُ منه نحو إفريقيا، وما يهمها أكثر هو أمنها الطاقي، والمغرب جزء بطريقة أو أخرى منَ هذا الأمن. النتيجة الثانية: متمثلة في "البوليميكا" السياسية، التي يدركها الإسبان جيدًا، والتي تفسر جزءً منَ المَناخ الديمقراطي الذي يتمتع به البلد، والجزء الأخر يتمثل، في إحراج حكومة سانشيز، أمام الرأي العام، تحتَ ذريعة حماية السيادة الوطنية للبلاد، بيد أن الرأي العام يدرك مسبقا أن الأمر لا يعدو أن يكون جعجعة بلا طحين، مدركًا أن المغرب ثابت في موقفه من هذا الملف، والجزء الثالث المفسر لكل هذا، هو أن حكومة سانشيز، لا تستطيع أن تطلبَ توضيحات من المغرب بخصوص المدينتنين، ليس لأن مصادر حكومية تنفي ذلك، بل لأن طبيعة العلاقات الجديدة، تقتضي الاقتراب منَ هذا الملف، أساسًا، من كلا الجانبين.
تستمر الأحزاب اليمينة الإسبانية، كلما سنحت لها الفرصة، إثارةَ مسألة سبتة ومليلية المحتلتين، وأنهما جزء لا يتجزأ من إسبانيا، ففي نهاية الأسبوع الماضي، طالب الحزب الشعبي الإسباني (PP) في مليلية، بتقديم إجابة واضحة للمغرب حول المدينتين، من طرف الحكومة الإسبانية، حول مضمون الرسالة التي أرسلها المغرب إلى مجلس حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، حول الحدود البرية مع إسبانيا. تصريح رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز أتى مؤكدًا لدعوة الحزب الإسباني، في الخميس البرلمان الإسباني. عنونت الجريدة الإسبانية "إل فارو" بخط عريض: "سانشيز يجيب المغرب سبتة ومليلية إسبانيتين"، وتضيف في عنوان فرعي أيضا: "هذا ما صرح به رئيس الحكومة بشأن الرسالة التي بعثت بها الرباط إلى الأمم المتحدة، خلال مثوله أمام البرلمان يوم الخميس".
لنفحص أوًلا منطلقَ الدعوة، يأتي مبدأها من تأكيد رئيس الحزب الشعبي في مليلية، خوان خوسيه إمبرودا، يوم الخميس الماضي، على أن توقيع اتفاقية الحكم الذاتي معَ المغرب، "كان ينبغي أن يتضمن "اعتراف الدولة المغربية بالسيادة الإسبانية على سبتة ومليلة".
وتابع إمبرودا " كان لازمًا الحصول على اعتراف قاطع" وحسب إمبرودا، فإن "التاريخ والقانون والسكان" يضمنون عضوية المدن المتمتعة بالحكم الذاتي لإسبانيا" وأضاف في النهاية: " لكن هذا لم يحدث". يعد هذا الموقف الصادر عن الحزب الإسباني الشعبي متماهيًا، مع توجهاته اليمينة الصريحة، نوعٌ منَ المقايضة الدبلوماسية، اعتراف بمغربية الصحراء إزاء الاعتراف بسيادة إسبانية على سبتة ومليلة المحتلتين!
لنتابع أيضا، يوم الخميس الماضي، إثرَ مثول رئيس الحكومة الإسبانية، أمام البرلمان الإسباني، دافعَ بشكل صريح عن إسبانية المدينتين، بعدَ أن وقعَ تحتَ ضغط رهيب من طرف المتحدثة الرسمية باسم الحزب الشعبي اليميني، "كُوكا جَامارا" التي طالبته بإيضاح موقفه والدفاع عن مصلحة إسبانيا، وسلامة أراضيها، كما أشارت إلى ذلك الصحيفة الإسبانية "أوربا بريس".
هكذا أضحى سانشيز تحتَ ضغط قوي أمامَ الأحزاب المناوئة له، والتي طالبته بمزيد من التوضيحات من طرف المغرب، بعدَ الرسالة التي بعثها إلى الأمم المتحدة، والتي يرى العديد من الأحزاب الإسبانية، أن موقف إسبانيا في اعترافها بمشروع الحكم الذاتي، مجردَ رضوخ للمغرب، ومزيد من تأكيد المغرب على محاولة بسط سيطرته على المنطقة.
رسالة المغرب كانت واضحة وأتت مضامينها على هاته الشاكلة: لا حدود برية مع إسبانيا، ومليلية لا تزال محتلة، كما لا يمكن الحديث عن حدود برية، وإنما عن نقاط العبور فقط. هكذا تجسد الموقف الدبلوماسي المغربي من الموقف الإسباني جملة.
أول أمس، تحدثت الصحيفة الإسبانية، "إل إسبانيول"، عن أن هذه القضية حساسة للبلدين معا، وبشكل مفرط، وحسب الصحيفة ذاتها، أنّ مصادر مقربة من سانشيز تنفي من أنها ستطلب توضيحات إضافية حول موقف المغرب من سبتة ومليلية المحتلتين، مسوغ ذلك أن الحكومة راضية عن طبيعة العلاقة بين البلدين، ولا تريد فتح هذا الملف.
بالعودة إلى خوان إمبرودا، لا ننسى أن تصريحاته هاته، أعقبها باقتراح على رئيس الحكومة الإسبانية، مطالبا إياه بتخصيص 300 مليون أورو لمدينة مليلية المحتلة لتوسيع مينائها، ففي تقديرهِ أّنّ هذا سيجلب استثمارات اقتصادية للمدينة، وسيحل المشاكل الاجتماعية التي تعج بها، جراء الأزمة الخانقة التي تعيشها. يمكنُ فهم سياسات الحزب اليميني، في سياق الضغط السياسي على الحكومة، التي تواجه أزمة الإمداد الطاقي منذ اندلاع الحرب بين روسيا وأكرانيا، وزاد الأزمة اضطراب علاقتها بالجزائر، ومن جهة أخرى في سياق السياسات التقشفية التي تنتهجها الحكومة.
لم يبق للانتخابات العامة الإسبانية، سوى سنة واحدة، ولو تتبعنا خطاب رئيس الحكومة الإسبانية، منذ عودة العلاقة بين المغرب وإسبانيا، سنخلص إلى نتيجتين، النتيجة الأولى: متعلقة بوضع إسبانيا، أمامَ التحولات الجيوسياسية المغربية، وتحركاتها في المنطقة، ورهاناتها الإفريقية، وبالتالي؛ فإن إسبانيا تدركُ جيدًا، أن المغرب هو المفتاح الذي تلجُ منه نحو إفريقيا، وما يهمها أكثر هو أمنها الطاقي، والمغرب جزء بطريقة أو أخرى منَ هذا الأمن. النتيجة الثانية: متمثلة في "البوليميكا" السياسية، التي يدركها الإسبان جيدًا، والتي تفسر جزءً منَ المَناخ الديمقراطي الذي يتمتع به البلد، والجزء الأخر يتمثل، في إحراج حكومة سانشيز، أمام الرأي العام، تحتَ ذريعة حماية السيادة الوطنية للبلاد، بيد أن الرأي العام يدرك مسبقا أن الأمر لا يعدو أن يكون جعجعة بلا طحين، مدركًا أن المغرب ثابت في موقفه من هذا الملف، والجزء الثالث المفسر لكل هذا، هو أن حكومة سانشيز، لا تستطيع أن تطلبَ توضيحات من المغرب بخصوص المدينتنين، ليس لأن مصادر حكومية تنفي ذلك، بل لأن طبيعة العلاقات الجديدة، تقتضي الاقتراب منَ هذا الملف، أساسًا، من كلا الجانبين.