2024 دجنبر 3 - تم تعديله في [التاريخ]

المضمون‭ ‬العميق‭ ‬للتضامن‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني


العلم الإلكترونية - الرباط 

منذ‭ ‬سنة‭ ‬1977‭ ‬والمجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬يحتفل‭ ‬سنوياً‭ ‬باليوم‭ ‬العالمي‭ ‬للتضامن‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬بموجب‭ ‬القرار‭ ‬رقم‭ (‬40/32b‭) ‬للجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بتاريخ‭ ‬29‭ ‬نوفمبر‭ ‬سنة1977،‭ ‬وهو‭ ‬اليوم‭ ‬ذاته‭ ‬الذي‭ ‬شهد‭ ‬صدور‭ ‬قرار‭ ‬تقسيم‭ ‬فلسطين‭ ‬التاريخية‭ ‬سنة‭ ‬1947،‭ ‬وكأن‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬تراجع‭ ‬نفسها‭ ‬و‭ ‬تعيد‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬بعضاً‭ ‬من‭ ‬حقوقه‭ ‬المسلوبة‭ ‬بموجب‭ ‬ذلك‭ ‬القرار‭/ ‬العار‭ ‬الذي‭ ‬فجر‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وأحدث‭ ‬تحولاً‭ ‬خطيراً‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬منذ‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإنجليزي‭ ‬لفلسطين‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬1917‭ ‬إبان‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى‭. ‬ولذلك‭ ‬جاء‭ ‬صدور‭ ‬القرار‭ ‬بشأن‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬للتضامن‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬قبل‭ ‬47‭ ‬سنة،‭ ‬في‭ ‬مناخ‭ ‬دولي‭ ‬تميز‭ ‬بنوع‭ ‬من‭ ‬الانفراج‭ ‬الذي‭ ‬عرفته‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬عالمياً‭ ‬عقب‭ ‬دخول‭ ‬الرئيس‭ ‬ياسر‭ ‬عرفات‭ ‬لمقر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بنيويورك‭ ‬ليلقي‭ ‬كلمة‭ ‬تاريخية‭ ‬من‭ ‬فوق‭ ‬منبر‭ ‬المنظمة‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬1974،‭ ‬وهو‭ ‬يخاطب‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ (‬جئتكم‭ ‬بغصن‭ ‬الزيتون‭ ‬وببندقية‭ ‬الثائر‭. ‬لا‭ ‬تسقطوا‭ ‬الغصن‭ ‬الأخضر‭ ‬من‭ ‬يدي‭). ‬فكان‭ ‬ذلك‭ ‬الخطاب‭ ‬التاريخي‭ ‬من‭ ‬المقدمات‭ ‬التي‭ ‬مهدت‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬صدور‭ ‬قرار‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بشأن‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬للتضامن‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬الذي‭ ‬خلده‭ ‬المغرب‭ ‬مع‭ ‬المنتظم‭ ‬الدولي‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬المنصرم،‭ ‬على‭ ‬مستويين‭ ‬اثنين،‭ ‬أولهما‭ ‬بالرسالة‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬بعث‭ ‬بها‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬و‭ ‬أيده،‭ ‬إلى‭ ‬رئيس‭ ‬اللجنة‭ ‬الدولية‭ ‬المعنية‭ ‬بممارسة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬لحقوقه‭ ‬غير‭ ‬القابلة‭ ‬للتصرف،‭ ‬وثانيهما‭ ‬بالاحتفالية‭ ‬التضامنية‭ ‬التي‭ ‬أكد‭ ‬خلالها‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي‭ ‬تضامنه‭ ‬المطلق‭ ‬مع‭ ‬شقيقه‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وتحدث‭ ‬فيها‭ ‬الأخ‭ ‬نزار‭ ‬بركة‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لحزب‭ ‬الاستقلال،‭ ‬فأبرز‭ ‬أن‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬تحظى‭ ‬بالمكانة‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬المغاربة‭ ‬ملكاً‭ ‬و‭ ‬حكومةً‭ ‬وشعباً‭ ‬،‭ ‬حيث‭ ‬تتمتع‭ ‬بذات‭ ‬قدسية‭ ‬الوحدة‭ ‬الترابية‭ ‬للمملكة‭ ‬المغربية‭.‬
 
وللتضامن‭ ‬المغربي‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬عمقٌ‭ ‬تاريخي‭ ‬ومضمونٌ‭ ‬سيادي‭ ‬ووشائج‭ ‬دينية‭ ‬و‭ ‬روابط‭ ‬تاريخية‭. ‬وبالنسبة‭ ‬لنا‭ ‬في‭ ‬حزب‭ ‬الاستقلال‭ ‬نشعر‭ ‬بالاعتزاز‭ ‬من‭ ‬كون‭ ‬زعيم‭ ‬التحرير‭ ‬علال‭ ‬الفاسي،‭ ‬قد‭ ‬ربط‭ ‬دائماً‭ ‬بين‭ ‬النضال‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاستقلال‭ ‬و‭ ‬الكفاح‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬نصرة‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭. ‬ولعل‭ ‬من‭ ‬مفاخر‭ ‬المغرب‭ ‬أن‭ ‬الزعيم‭ ‬علال‭ ‬كان‭ ‬هو‭ ‬الوحيد‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬القيادات‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬الذي‭ ‬يعرف‭ ‬موعد‭ ‬انطلاق‭ ‬الثورة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المعاصرة‭ ‬في‭ ‬فاتح‭ ‬يناير‭ ‬سنة‭ ‬1965،‭ ‬وكانت‭ ‬كلمة‭ ‬السر‭ ‬لتلك‭ ‬الثورة‭ ‬بقيادة‭ ‬الزعيم‭ ‬ياسر‭ ‬عرفات،‭ ‬هي‭ (‬الوالد‭)‬،‭ ‬ويقصد‭ ‬به‭ ‬الزعيم‭ ‬علال‭ ‬الفاسي‭.‬
 
لهذه‭ ‬الاعتبارات‭ ‬الموضوعية‭ ‬والخلفيات‭ ‬التاريخية،‭ ‬ظلت‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬راسخة‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬المناضلين‭ ‬والمناضلات‭ ‬في‭ ‬حزب‭ ‬الاستقلال‭ ‬منذ‭ ‬تأسيسه‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬العقيدة‭ ‬النضالية‭ ‬الاستقلالية‭ ‬متطابقة‭ ‬مع‭ ‬العقيدة‭ ‬التحريرية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬في‭ ‬تلازم‭ ‬لا‭ ‬ينقطع،‭ ‬وإنما‭ ‬يزداد‭ ‬قوةً‭ ‬متانةً‭ ‬ورسوخاً،‭ ‬مع‭ ‬تطاول‭ ‬الزمن‭ ‬و‭ ‬تعاقب‭ ‬المراحل‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ .‬
 
ولعل‭ ‬من‭ ‬أقوى‭ ‬الدلائل‭ ‬على‭ ‬المكانة‭ ‬الخاصة‭ ‬والمتميزة‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لدى‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي‭ ‬بجميع‭ ‬أطيافه،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬نصره‭ ‬الله‭ ‬وأعز‭ ‬أمره،‭ ‬في‭ ‬الرسالة‭ ‬السامية‭ ‬بمناسبة‭ ‬تخليد‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬للتضامن‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬حيث‭ ‬جدد‭ ‬العاهل‭ ‬الكريم‭ (‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬موقف‭ ‬المملكة‭ ‬الراسخ‭ ‬من‭ ‬عدالة‭ ‬و‭ ‬مركزية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬باعتبارها‭ ‬مفتاح‭ ‬السلام‭ ‬والأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭) .‬
 
وبهذا‭ ‬العمق‭ ‬في‭ ‬التضامن‭ ‬وبهذا‭ ‬المضمون‭ ‬للموقف‭ ‬المغربي‭ ‬من‭ ‬عدالة‭ ‬ومركزية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬تكون‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬بقيادة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬رعاه‭ ‬الله،‭ ‬رئيس‭ ‬لجنة‭ ‬القدس‭ ‬المنبثقة‭ ‬عن‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي،‭ ‬تقف‭ ‬على‭ ‬أرضية‭ ‬صلبة‭ ‬في‭ ‬تضامنها‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وترتقي‭ ‬إلى‭ ‬المرتبة‭ ‬العليا‭ ‬من‭ ‬رسوخ‭ ‬الاقتناع‭ ‬بعدالة‭ ‬ومركزية‭ ‬هذه‭ ‬القضية،‭ ‬ومن‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬موقفها‭ ‬الثابت‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يتغير‭ ‬مهما‭ ‬بلغت‭ ‬ضراوة‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭.‬
 
وهذا‭ ‬العمق‭ ‬بالمضمون‭ ‬ذاته،‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬تجلى‭ ‬في‭ ‬الرسالة‭ ‬الملكية‭ ‬السامية،‭ ‬بهذه‭ ‬المناسبة،‭ ‬كما‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬الاحتفالية‭ ‬التضامنية‭ ‬الذي‭ ‬خصصت‭ ‬لتخليد‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬للتضامن‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ . ‬
 
إن‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬تمثل‭ ‬الثقل‭ ‬الأقوى‭ ‬في‭ ‬جبهة‭ ‬المساندين‭ ‬وفي‭ ‬صفوف‭ ‬المتضامنين‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬الأزمنة‭ ‬ومختلف‭ ‬الظروف،‭ ‬لأن‭ ‬مساندتها‭ ‬أصيلة‭ ‬وثابتة‭ ‬وراسخة،‭ ‬ولكون‭ ‬تضامنها‭ ‬عميق‭ ‬الغور‭ ‬عالي‭ ‬السقف‭ ‬وبلا‭ ‬حدود‭ ‬ومستدام‭.‬



في نفس الركن