2024 يونيو/جوان 5 - تم تعديله في [التاريخ]

"اللغات المتخصصة: قضايا البناء ومداخل التحليل".. إصدار جديد للدكتور زكرياء أرسلان


العلم - الرباط

صدر للباحث المغربي، الدكتور زكرياء أرسلان، أستاذ اللسانيات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس، مولود أكاديمي جديد يحمل عنوان „اللغات المتخصصة: قضايا البناء ومداخل التحليل“، ضمن منشورات مركز الكتاب الأكاديمي.

وتأتي أهمية هذا الكتاب، حسب مؤلفه، انطلاقا من كون المتخصصة أضحت تشكل، في مختلف قطاعات المعرفة الإنسانية، مجالا هاما وخصبا للبحث والدراسة، كما أن الاهتمام برصد مختلف مظاهرها يعرف ازدياداً مثيراً للانتباه، بسبب تعدد وجهات النظر البحثية المعاصرة التي جاءت في سياق التطور السريع للتكنولوجيات والنظم المعلوماتية الجديدة، وتكاثر التفريعات التي شهدتها القطاعات المعرفية النظرية منها أو المراسية.

ويتطرق أرسلان في إصداره الجديد إلى خمس قضايا مركزية، تشكل مجتمعة الخلفية المعرفية للكتاب وإطاره النظري ومجاله التحليلي ونطاقه التقويمي، أولاها أن إخضاع تراكيب كل اللغات المتخصصة وأساليبها ونصوصها وخطاباتها لوحدة لا تقوى على التحقق إلا نظرياً فقط، لا يخلو من نقائص وعيوب، وثانيتها اختزال دراسة اللغات المتخصصة في دراسة ما تحويه من صنافات مصطلحية، أو في معالجة مسائل توليد عناصر تلك الصنافات اشتقاقاً ونحتاً، أو في مجرد تتبع قضايا ترجمتها وتعريبها قديماً وحديثاً، لا يستند إلى دليل نظري قاطع، ولا إلى واقع لغوي متخصص فعلي؛ إذ النصوص متقدمة على صناعة المعاجم، ولا يتصوّر وجود معجم قبل وجود نصوص منتشرة على السنة المتكلمين. كما لا يمكن اختزال اللغات المتخصصة، أيضاً، في مجرد رصد غير منتظم لبعض نماذجها التركيبية، وتتبعها بالجرد والوصف دون التحليل. وعليه، فإن اعتبار الصنافة المصطلحية مرادفاً للغات المتخصصة، كما يستفاد من كثير من الدراسات العربية والغربية على السواء، يبدو في نظرنا، اعتباراً فاسداً، كما أن في اعتبار هذه اللغات مرادفاً لما يسمى أساليب علمية أو أساليب متخصصة مغالطة كبيرة. وثالثتها أن كل تفسير السلوكات عناصر اللغات المتخصصة ولكيفيات بنائها والمسارات اشتغالها، يُبنى خارج إطار النصوص ووسائط الخطابات وعناصر التاريخ والثقافة والدين والحضارة، كلها أو بعضها، يبدو تفسيراً ضعيفاً أو مغلوطاً وفاسداً؛ لأنه ببساطة، يفصل صناعة أدوات التعبير المتخصص عن واقعها وحقيقتها، وعن المجال التداولي الذي عنه صدرت بدءاً، وفيه تحكمت لاحقاً، ليرمي بها في مزالق المثالية والطوباوية والنظر الحالم. وتفيد رابعة تلك القضايا أن عناصر تشكل هذه اللغات وبنائها لا تقتصر على العناصر اللغوية فحسب؛ إذ إن هناك عناصر أخرى ذات صلة وثيقة بمفهوم التخصص، ويتعلق الأمر، هنا، بالعناصر الثقافية والمعرفية والاجتماعية، بل إن عقلانية هذه اللغات ومضامينها أو منطقيتها أو انتظاماتها ذات أصول اجتماعية في طائفة من المقاربات الاجتماعية المعاصرة.

أما آخر تلك القضايا، وفق الأكاديمي ذاته، فيختص بتمحيص زمرة من المقاييس والمعايير التي تناقلها كتاب غربيون وعرب معاصرون، وجعلوها أس صناعة الكلام في العلوم والتقنيات، وفي كل القطاعات المتخصصة، واعتبروها المنفذ الوحيد لبلوغ علمية (Scientificity) اللغة المتخصصة، فأحاطوها بهالة التفرد، وصاروا يتوسلون بها في تنظيرهم لما ينبغي أن تكون عليه تجليات تلك اللغة في العبارة والتركيب والجملة والنص والأسلوب دون أن يقلبوا النظر في مقتضياتها، ودون أن يحملهم تقليد تناقلهم لها على مراجعتها، ولا على التفكير في تعديلها أو الإتيان بغيرها ودون أن يعوا أن ما كان صالحاً للغات العلوم الطبيعية من فيزياء وكيمياء لا يصلح، بالضرورة للغات غيرها من معارف العلوم الإنسانية أو العلوم غير الإنسانية

جدير بالذكر، أن الأستاذ زكرياء أرسلان له عدة كتب أبرزها البنية المصطلحية النحوية: „ مقاربة لسانية – نصيّة“ و“ إبستمولوجيا اللغة النحوية: بحث في مقاييس العلمية ومرجعيات التأسيس والتأصيل“ ، بالإضافة إلى كتب أخرى مشتركة حول اللغة العربية وتحديات العصر” و „دور المعجم في تعليم اللغة العربية وتعلمها“ وعلم المصطلح لطلبة كليات الطب والعلوم الصحية”، ناهيك عن كتاب „النصوص العلمية: الأنواع والأساليب والبناءات التركيبية“. 



في نفس الركن