2024 يناير 29 - تم تعديله في [التاريخ]

اللعبة‭ ‬القذرة‭ ‬التي‭ ‬تتعاطاها‭ ‬الجزائر:‬ التدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬لدول‭ ‬الجوار


افـتتاحية جريدة العلم


تلقى‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري‭ ‬ضربةً‭ ‬قاصمةً‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬مالي، ‬حين‭ ‬قرر‭ ‬المجلس‭ ‬العسكري‭ ‬الحاكم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬الأفريقية‭‬، ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬اتفاق‭ ‬السلام‭ ‬والمصالحة‭ ‬الذي‭ ‬ترعاه‭ ‬الجزائر‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭‬2015‭ ‬، ‬الرامي‭ ‬إلى‭ ‬استعادة‭ ‬الهدوء‭ ‬في‭ ‬شمالي‭ ‬مالي، ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬أسابيع‭ ‬من‭ ‬انفجار‭ ‬أزمة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬بين‭ ‬الدولتين‭ ‬الجارتين،‭‬ مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تدهور‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬بين‭ ‬البلدين، ‬بسحب‭ ‬باماكو‭ ‬سفيرها‭ ‬من‭ ‬الجزائر‭ .‬

و‭‬أصل‭ ‬الأزمة‭ ‬التي‭  ‬خلفت‭ ‬توترات‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬الملتهبة‭ ‬و‭‬المضطربة‭ ،‬أن‭ ‬الجزائر‭ ‬رعت‭ ‬اجتماعات‭ ‬انعقدت‭ ‬في‭ ‬عاصمتها‭ ‬شارك‭ ‬فيها‭ ‬متمردون‭ ‬من‭ ‬الطوارق‭ ‬ورفضت‭ ‬باماكو‭ ‬حضورها‭‬، ‬علاوة‭ ‬عن‭ ‬استئناف‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الجماعات‭ ‬المسلحة‭ ‬عملياتها‭ ‬العسكرية‭ ‬ضد‭ ‬الجيش‭ ‬المالي‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬البلاد، ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬واضحة‭ ‬إلى‭ ‬المتمردين‭ ‬الطوارق‭ ‬والعرب‭ ‬الذين‭ ‬بدورهم‭ ‬يتهمون‭ ‬الجيش‭ ‬المالي‭ ‬بخرق‭ ‬اتفاق‭ ‬السلام‭ ‬المبرم‭ ‬في ‭ ‬1‭ ‬مارس‭ ‬سنة ‭ .‬2015‭ ‬

وجاء‭ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬اتخذه‭ ‬المجلس‭ ‬العسكري‭ ‬الحاكم‭ ‬في‭ ‬جمهورية‭ ‬مالي‭‬، ‬بإنهاء‭ ‬العمل‭ ‬وبشكل‭ ‬فوري‭ ‬باتفاق‭ ‬الجزائر‭ ‬للسلام‭ ‬،‭ ‬ليكشف‭  ‬عن‭ ‬ملف‭ ‬التآمر‭ ‬الذي‭ ‬تمارسه‭ ‬الجزائر‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الأفريقية‭ ‬الجارة‭ ‬لها‭ ‬،‭ ‬و‭‬ليؤكد‭ ‬أن‭ ‬السياسة‭ ‬التدميرية‭ ‬التي‭  ‬يتبعها‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري‭ ‬لخلق‭ ‬بؤر‭ ‬الفوضى‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬جنوبي‭ ‬الصحراء‭ ‬،‭ ‬هي‭ ‬اللعبة‭ ‬القذرة‭ ‬التي‭ ‬تتعاطاها‭ ‬الجزائر‭ ‬على‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الأصعدة‭‬، ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬البلدان‭ ‬الأفريقية‭ ‬التي‭ ‬تتشارك‭ ‬معها‭ ‬الحدود‭ ‬،‭ ‬إما‭ ‬لحسابها‭ ‬ولخدمة‭ ‬مصالحها،‭ ‬أو‭ ‬لفائدة‭ ‬دول‭ ‬أجنبية‭ ‬نافذة‭ ‬تعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬توطيد‭ ‬نفوذها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬،‭ ‬أو‭ ‬تسعى‭ ‬للتعويض‭ ‬عن‭ ‬الخسائر‭ ‬التي‭ ‬تكبدتها‭ ‬و‭‬المصالح‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬لها‭ ‬وضاعت‭ ‬منها‭.‬

واتفاق‭ ‬السلام‭ ‬الذي‭ ‬رعته‭ ‬الجزائر‭ ‬والمنبثق‭ ‬عما‭ ‬يعرف‭ ‬ب(مسار‭ ‬الجزائر)‭ ‬، ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬منع‭ ‬انفصال‭ ‬إقليم‭ ‬الأزواد‭ ‬عن‭ ‬مالي‭ ‬،‭ ‬وضمان‭ ‬تكفل‭ ‬باماكو‭ ‬بتنمية‭ ‬الإقليم‭ ‬الذي‭ ‬ظل‭ ‬مهمشاً‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬استقلال‭ ‬اتحاد‭ ‬مالي‭ ‬في‭ ‬20‭ ‬يونيو‭ ‬سنة‭ .‬1960‭ ‬و‭‬قد‭ ‬وقع‭ ‬على‭ ‬اتفاق‭ ‬السلام‭  ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬لوحدة‭ ‬أزواد‭ ‬،‭ ‬و‭‬الحركة‭ ‬العربية‭ ‬لتحرير‭ ‬أزواد‭ ‬،‭ ‬والحركة‭ ‬الوطنية‭ ‬لتحرير‭ ‬أزواد،‭ ‬والإئتلاف‭ ‬الشعبي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أزواد‭ ‬، ‬بحضور‭ ‬ممثلَين‭ ‬عن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وفرنسا‭.

‬و‭‬لكن‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري‭ ‬خرق‭ ‬اتفاق‭ ‬السلام‭ ‬هذا‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬تعامل‭ ‬مع‭ ‬الجماعات‭ ‬المتمردة‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬عليه‭ ‬،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬ظهر‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬مالي‭ ‬المعنية‭ ‬أصلاً‭ ‬بالأمر‭ ‬،‭ ‬و‭‬بدأ‭ ‬ينفذ‭ ‬خطته‭ ‬لتفجير‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬يشترك‭ ‬معها‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬برية‭ ‬تمتد‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬1359‭ ‬كيلومتراً‭ ‬،‭ ‬هي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬صحراء‭ ‬قاحلة‭ ‬و‭ ‬مهجورة‭ ‬،‭ ‬تعد‭ ‬مرتعاً‭ ‬للشبكات‭ ‬العابرة‭ ‬للحدود‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬التهريب‭ ‬بكل‭ ‬أنواعه‭ ‬من‭ ‬البضائع‭ ‬والمخدرات‭ ‬إلى‭ ‬البشر‭ ‬، ‬وملجأً‭ ‬للجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬تنشط‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة‭ ‬البعيدة‭ ‬عن‭ ‬العيون‭ ‬، ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الجماعات‭ ‬العسكرية‭ ‬المتمردة‭ ‬التي‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬،‭ ‬و‭‬مع‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬الفاعلة‭ ‬الطامعة‭ ‬في‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬التي‭ ‬تزخر‭ ‬بها‭ ‬المنطقة‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ .‬وللجزائر‭ ‬قلم‭ ‬راسخة‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬الصحراوية‭ ‬من‭ ‬مالي‭ ‬و‭‬النيجر‭ ‬وتونس‭ ‬و‭‬ليبيا‭ ‬المجاورة‭ ‬لها‭ ‬،‭ ‬فهي‭ ‬تمارس‭ ‬السياسة‭ ‬العدائية‭ ‬لدول‭ ‬الجوار‭‬، ‬و‭‬تنتهك‭ ‬مبادئ‭ ‬حسن‭ ‬الجوار‭ ‬والاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬و‭‬عدم‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬للدول‭ ‬طبقاً‭ ‬لمقاصد‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ .‬

هذه‭ ‬اللعبة‭ ‬القذرة‭ ‬التي‭ ‬تتعاطاها‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬مالي‭ ‬والنيجر‭ ‬و‭‬تونس‭ ‬و‭‬ليبيا‭‬، ‬هي‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬تمارسها‭ ‬مع‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دعمها‭ ‬واحتضانها‭ ‬للجبهة‭ ‬الانفصالية‭ ‬البوليساريو‭‬،‭‬ مع‭ ‬الفارق‭ ‬الجوهري‭ ‬،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬يقف‭ ‬بالمرصاد‭،‬ بمنتهى‭ ‬القوة‭ ‬و‭ ‬اليقظة‭ ‬وبكامل‭ ‬الجاهزية‭ ‬للردع‭ ‬و‭‬للرد‭ ‬و‭ ‬لإبطال‭ ‬الخطة‭ ‬التي‭ ‬تسلكها‭ ‬الجزائر‭ ‬و‭‬لإفشال‭ ‬المشروع‭ ‬الذي‭ ‬تتبناه‭ ‬و‭‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تنفيذه‭.‬ فالمملكة‭ ‬المغربية‭ ‬تواجه‭ ‬الاستفزازات‭ ‬الجزائرية‭ ‬بصمودها‭ ‬و‭‬ثباتها‭ ‬وما‭ ‬تملكه‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬الردع‭ ‬التي‭ ‬تبطل‭ ‬مفعول‭ ‬أي‭ ‬مخطط‭ ‬تسعى‭ ‬الجزائر‭ ‬إلى‭  ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬به‭ ‬أهدافها‭ ‬الشريرة‭.‬

و‭‬النظام‭ ‬الجزائري‭ ‬الذي‭ ‬يتعامل‭ ‬بالتعالي‭ ‬مع‭ ‬مالي‭ ‬و‭‬يوجه‭ ‬إليها‭ ‬الضربات‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬الحزام‭‬، ‬هو‭ ‬النظام‭ ‬الاستبدادي‭ ‬الذي‭ ‬يهدد‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭ ‬في‭ ‬منطقتنا‭‬، ‬ويعمل‭ ‬على‭ ‬استدامة‭ ‬النزاع‭ ‬الذي‭ ‬أضرم‭ ‬فتيلته‭ ‬قبل‭ ‬خمسة‭ ‬عقود‭‬، ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬يتعهده‭ ‬و‬ينفخ‭ ‬فيه‭ .‬

ولقد‭ ‬كشف‭ ‬البيان‭ ‬القوي‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬المجلس‭ ‬العسكري‭ ‬الحاكم‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬مالي‭ ‬حول‭ ‬إنهاء‭ ‬العمل‭ ‬وبشكل‭ ‬فوري‭‬، ‬باتفاق‭ ‬السلام‭ ‬لسنة‭ ‬،2015‭ ‬عن‭ ‬الوجه‭ ‬الحقيقي‭ ‬للنظام‭ ‬الجزائري‭ ‬الذي‭ ‬يواصل‭ ‬عمليات‭ ‬التدمير‭ ‬والتخريب‭ ‬لقواعد‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجزء‭ ‬من‭ ‬القارة‭ ‬الأفريقية‭ .‬

العلم



في نفس الركن