2024 نونبر 12 - تم تعديله في [التاريخ]

القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬للقمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬المشتركة‭ ‬الثانية


العلم الإلكترونية - الرباط 

عقدت‭ ‬أمس‭ ‬الإثنين‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬الجاري،‭ ‬في‭ ‬الرياض،‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬المشتركة‭ ‬للمتابعة،‭ ‬بدعوة‭ ‬من‭ ‬خادم‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين‭ ‬الملك‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬آل‭ ‬سعود،‭ ‬لبحث‭ ‬استمرار‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ولبنان،‭ ‬وتطورات‭ ‬الأوضاع‭ ‬الراهنة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬وأتت‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬غير‭ ‬العادية،‭ ‬امتداداً‭ ‬للقمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬المشتركة‭ ‬التي‭ ‬استضافتها‭ ‬العاصمة‭ ‬السعودية‭ ‬الرياض‭ ‬في‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬سنة‭ ‬2023‭.‬
 
وكانت‭ ‬القمة‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المستوى،‭ ‬قد‭ ‬أدانت‭ ‬واستنكرت‭ ‬استمرار‭ ‬الجرائم‭ ‬و‭ ‬الانتهاكات‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬و‭ ‬طالبت‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬باتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬ملزم‭ ‬يفرض‭ ‬وقف‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وكبح‭ ‬جماح‭ ‬سلطة‭ ‬الاحتلال‭ ‬التي‭ ‬تنتهك‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬قرار‭ ‬آخر‭ ‬بإدانة‭ ‬قصف‭ ‬إسرائيل‭ ‬للمستشفيات‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬ومنع‭ ‬دخول‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬إلى‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ .‬
 
وكان‭ ‬القادة،‭ ‬وحسبما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬البيان‭ ‬الختامي‭ ‬الذي‭ ‬شمل‭ ‬31‭ ‬بنداً،‭ ‬قد‭ ‬حملوا‭ ‬إسرائيل‭ ‬مسؤوليةَ‭ ‬استمرار‭ ‬الصراع‭ ‬و‭ ‬تفاقمه‭. ‬وهو‭ ‬الصراع‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يزده‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬إلا‭ ‬حدةً‭ ‬و‭ ‬احتداماً‭ ‬و‭ ‬وحشيةً‭ ‬وهمجيةً،‭ ‬مما‭ ‬يطرح‭ ‬السؤال‭ ‬المحوري‭ ‬الذي‭ ‬يرد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬عن‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬لقمة‭ ‬الرياض‭ ‬في‭ ‬نسختها‭ ‬الثانية،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التطورات‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬المنطقة‭ ‬والتحولات‭ ‬التي‭ ‬يعرفها‭ ‬العالم‭ .‬
 
لقد‭ ‬كان‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬وأيده،‭ ‬مستشرفاً‭ ‬للمستقبل،‭ ‬حين‭ ‬طرح‭ ‬على‭ ‬القمة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬الماضية،‭ ‬تصوراً‭ ‬دقيقاً‭ ‬ومستوعباً‭ ‬لجوانب‭ ‬الأزمة‭ ‬في‭ ‬أبعادها‭ ‬المتعددة،‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬أربع‭ ‬أولويات‭ ‬ملحة،‭ ‬وأربع‭ ‬مسلمات‭ ‬بديهية،‭ ‬تشكل‭ ‬في‭ ‬مجموعها،‭ ‬الإطار‭ ‬العام‭ ‬لمعالجة‭ ‬الأوضاع‭ ‬المضطربة‭ ‬والأحوال‭ ‬المتفجرة‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وهو‭ ‬الإطار‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬ملائماً،‭ ‬وإلى‭ ‬أبعد‭ ‬الحدود،‭ ‬للمرحلة‭ ‬الراهنة،‭ ‬إذ‭ ‬تجمع‭ ‬الأولويات‭ ‬الملحة،‭ ‬بين‭ ‬الانخفاض‭ ‬العاجل‭ ‬والملموس‭ ‬للتصعيد‭ ‬و‭ ‬وقف‭ ‬الاعتداءات‭ ‬العسكرية‭ ‬بما‭ ‬يفضي‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬بشكل‭ ‬دائم‭ ‬وقابل‭ ‬للمراقبة،‭ ‬وضمان‭ ‬حماية‭ ‬المدنيين‭ ‬وعدم‭ ‬استهدافهم‭ ‬وفقاً‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني،‭ ‬والسماح‭ ‬بإيصال‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬بانسيابية‭ ‬وبكميات‭ ‬كافية‭ ‬لسكان‭ ‬غزة،‭ ‬وبين‭ ‬إرساء‭ ‬أفق‭ ‬سياسي‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬كفيل‭ ‬بإنعاش‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬المتوافق‭ ‬عليه‭ ‬دولياً‭. ‬وهذه‭ ‬الأولويات‭ ‬التي‭ ‬وصفها‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬الذي‭ ‬تلاه‭ ‬عزيز‭ ‬أخنوش‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة،‭ ‬بالملحة،‭ ‬هي‭ ‬اليوم‭ ‬أشد‭ ‬إلحاحاً‭ ‬بكل‭ ‬معاني‭ ‬الكلمة‭.‬
 
أما‭ ‬المسلمات‭ ‬الأربع‭ ‬التي‭ ‬وصفها‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬السامي‭ ‬بأنها‭ ‬بديهية‭ ‬،‭ ‬فهي‭ ‬اليوم‭ ‬أكثر‭ ‬بديهيةً‭ ‬من‭ ‬ذي‭ ‬قبل‭ ‬،‭ ‬لأنها‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬صيغة‭ (‬لا‭ ‬بديل‭)‬،‭ ‬ابتداء‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬بديل‭ ‬عن‭ ‬سلام‭ ‬حقيقي‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬يضمن‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬حقوقهم‭ ‬المشروعة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬ومروراً‭ ‬بلا‭ ‬بديل‭ ‬عن‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة‭ ‬عاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬وبلا‭ ‬بديل‭ ‬عن‭ ‬تقوية‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بقيادة‭ ‬الرئيس‭ ‬محمود‭ ‬عباس،‭ ‬و‭ ‬انتهاءً‭ ‬بلا‭ ‬بديل‭ ‬عن‭ ‬وضع‭ ‬آليات‭ ‬لأمن‭ ‬إقليمي‭ ‬مستدام‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬و‭ ‬المرجعيات‭ ‬الدولية‭ ‬المتعارف‭ ‬عليها‭ .‬
 
هذه‭ ‬الأولويات‭ ‬الملحة‭ ‬والمسلمات‭ ‬البديهية،‭ ‬التي‭ ‬طرحها‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬نصره‭ ‬الله،‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬المشتركة‭ ‬غير‭ ‬العادية،‭ ‬سوف‭ ‬لن‭ ‬تختلف‭ ‬في‭ ‬شيء،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬أعيد‭ ‬طرحها‭ ‬أمام‭ ‬النسخة‭ ‬الجديدة‭ ‬لهذه‭ ‬القمة‭. ‬ولذلك‭ ‬لا‭ ‬يستبعد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الموقف‭ ‬المغربي‭ ‬الثابت‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬التعبير‭ ‬عنه‭ ‬أمس‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬الرياض‭ ‬،‭ ‬قائماً‭ ‬على‭ ‬تجديد‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬الأولويات‭ ‬و‭ ‬المسلمات‭ ‬ذاتها‭ ‬،‭ ‬لأنها‭ ‬القواعد‭ ‬الراسخة‭ ‬للمواقف‭ ‬الواقعية‭ ‬و‭ ‬العملية‭ ‬التي‭ ‬ينفرد‭ ‬بها‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المؤتمرات‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬قادة‭ ‬دول‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬ومنظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي‭ .‬
 
و‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬الحكمة‭ ‬أن‭ ‬يردد‭ ‬بعضهم‭ ‬أن‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬المشتركة،‭ ‬لن‭ ‬تغير‭ ‬الواقع‭ ‬المزري‭ ‬ولا‭ ‬هي‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬معالجة‭ ‬الوضع‭ ‬المتأزم‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬فنحن،‭ ‬وكما‭ ‬قال‭ ‬جلالته،‭ ‬نصره‭ ‬الله،‭ ‬أمام‭ ‬أزمة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة،‭ ‬يزيدها‭ ‬تعقيداً‭ ‬تمادي‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬عدوانها‭ ‬على‭ ‬المدنيين‭ ‬العزل،‭ ‬ويضاعف‭ ‬من‭ ‬حدتها‭ ‬صمتُ‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬وتجاهلُ‭ ‬القوى‭ ‬الفاعلة‭ ‬للكارثة‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬كما‭ ‬يعيشها‭ ‬لبنان‭. ‬ولذلك‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬نترك‭ ‬مستقبل‭ ‬المنطقة‭ ‬و‭ ‬مستقبل‭ ‬أبنائها‭ ‬بين‭ ‬أيدي‭ ‬المزايدين،‭ ‬فمستقبل‭ ‬المنطقة‭ ‬لا‭ ‬يتحمل‭ ‬المزايدات‭ ‬الفارغة‭ ‬و‭ ‬لا‭ ‬الأجندات‭ ‬الضيقة‭ ‬،‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬أمام‭ ‬القمة‭ ‬الماضية‭ .‬
 
وعلى‭ ‬هذا‭ ‬الأساس‭ ‬،‭ ‬فنحن‭ ‬نتفاءل‭ ‬بقمة‭ ‬الرياض‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬أمس‭ ‬،‭ ‬لأنها‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬تطورات‭ ‬دولية‭ ‬سوف‭ ‬تكون‭ ‬لها‭ ‬انعكاسات‭ ‬على‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وربما‭ ‬تفتح‭ ‬آفاقاً‭ ‬جديدة‭ ‬لبناء‭ ‬السلام،‭ ‬ولحل‭ ‬الأزمة‭ ‬والبدء‭ ‬في‭ ‬الخطوات‭ ‬الأولى‭ ‬نحو‭ ‬إنهاء‭ ‬الصراع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وضمان‭ ‬الحقوق‭ ‬المشروعة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬غير‭ ‬القابلة‭ ‬للتصرف،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقلة‭ ‬القابلة‭ ‬للحياة،‭ ‬عاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭. ‬



في نفس الركن