2023 ماي 23 - تم تعديله في [التاريخ]

القضاء الإسباني يدين مؤيدين لـ "البوليساريو" بقضايا الإرهاب

التوجه الإرهابي لانفصاليي الجبهة يرخي بثقله على أمن أوروبا ودعوات موجهة إلى المجتمع الدولي قصد تكثيف الجهود لوضع حد لهذا المرتع الجديد للتطرف


العلم الإلكترونية - الرباط

لم يعد ما تمثله "البوليساريو"، هذه المجموعة من المرتزقة التي أنشأتها الجزائر في سياق الحرب الباردة لخدمة مساعيها للهيمنة الإقليمية، من تهديد على الأمن الإقليمي والأوروبي يخفى على أحد، فالتقارير الصادرة عن مؤسسات مرموقة، وتحذيرات الخبراء والمحاكمات المتعلقة بقضايا الإرهاب التي يتورط فيها انفصاليون، أضحت تتصدر بانتظام عناوين الصحف.

ففي إسبانيا، يأتي الحكم على نشطاء "البوليساريو" بسبب الارتباط بالإرهاب ليقدم دليلا آخر على التواطؤ بين هذه الميليشيا المسلحة والجماعات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء. وبالأدلة الداعمة، يرخي توسع نطاق التوجه الإرهابي لـ "البوليساريو" بثقله على أمن أوروبا ورفاهية ساكنتها، ويهدد قيم التسامح والاحترام التي تمت بلورتها على مدى قرون.

وأحدث حلقات هذا المسلسل المروع هو الحكم الصادر، اليوم الثلاثاء، من قبل المحكمة الوطنية، أعلى محكمة جنائية في إسبانيا، في حق مؤيد لـ "البوليساريو"، متابع على خلفية نشره للدعاية الجهادية، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي كان يعبر من خلالها عن الكراهية تجاه إسبانيا.

وكان الظنين م.أ.م، الملقب بإسماعيل، قد اعترف بارتكاب جريمة إشاعة الفكر الإرهابي، والانتماء لتنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى الإرهابي، وبربط صلات في الماضي مع الزعيم السابق لهذا التنظيم، أبو وليد الصحراوي، وهو موال لـ "البوليساريو" قتل على أيدي القوات المسلحة الفرنسية في غشت 2021.

وكان المتهم، وهو عضو نشيط في "داعش" على شبكات التواصل الاجتماعي ومختلف تطبيقات الهاتف المحمول، والذي كان يربط صلات وثيقة مع جهاديين آخرين في مناطق الصراع، يكن كراهية عميقة تجاه إسبانيا، البلد الذي استقبله وأنشأه.

وليست هذه الحالة الأولى في السجل الإرهابي لـ "البوليساريو" بإسبانيا. ففي مارس 2021، ألقت الشرطة الإسبانية القبض على ناشط انفصالي آخر في بسكاي (إقليم الباسك)، والمتهم بالتحريض على ارتكاب أعمال إرهابية ضد مؤسسات مغربية في إسبانيا وخارجها.

وكان هذا الشخص، شديد التطرف، يستخدم حسابات على المنصات الاجتماعية من أجل التحريض على أعمال إرهابية ضد الأشخاص والمؤسسات المغربية في إسبانيا والخارج، حيث انخرط في نشاط مكثف على الشبكات الاجتماعية، عبر إدارة حسابات عديدة، كما لديه عدد كبير من المتابعين الإسبان والأجانب يصل عددهم إلى أزيد من 20 ألف شخص يتلقون رسائله التي تحرض على ارتكاب اعتداءات.

وقد كان ينشر بشكل مستمر مقاطع الفيديو الخاصة به، والتي تمجد الأعمال الإرهابية التي تستهدف بشكل رئيسي جميع الصحراويين الوحدويين، وقال إنه مستعد لارتكاب بعضها بنفسه.

وتؤكد هذه الحالات، في الواقع، أهمية الإنذارات الصادرة عن عدة تقارير لمراكز بحثية وخبراء دوليين أبلغوا عن الصلات بين ميليشيات "البوليساريو" والشبكات الإرهابية الناشطة في منطقة الساحل والصحراء ومناطق النزاع.

وبعد منطقة الساحل والصحراء، وصل القلق إلى أوروبا إثر تصاعد ظاهرة انضمام عناصر "البوليساريو" إلى التنظيمات الإرهابية، وهو معطى لا يدع مجالا للشك حول قدرة هذه الميليشيات على تهديد استقرار أوروبا، بل وحتى الانتقال إلى التنفيذ.

من جهة أخرى، تحذر التقارير من أن الأسلحة التي تم تداولها في سياق عدم الاستقرار الناجم عن الوضع في ليبيا ستنتهي في الاتحاد الأوروبي. وقبل بضع سنوات، أعلن اليوروبول علنا، وللمرة الأولى، أن أسلحة نارية قادمة من بؤر النزاع في ليبيا وسوريا ومالي كانت متاحة في السوق السوداء الأوروبية، وأن هذه الدول يمكن أن تصبح موردة رئيسية للأسلحة النارية غير القانونية إلى الاتحاد الأوروبي.

وكشفت عدة عمليات لتفكيك خلايا إرهابية مرتبطة بالجماعات الإرهابية الناشطة في منطقة الساحل والصحراء منذ العام 2008، عن صلات وثيقة بين "البوليساريو" والإرهاب في المنطقة، مما جعل مخيمات تندوف أرضا خصبة لنشوء الحركات الإرهابية. وفي هذا السياق، أصبحت مخيمات تندوف خزانا لتجنيد الإرهابيين لحساب مختلف المنظمات الإرهابية الناشطة في هذه المنطقة.

وإزاء هذه التحذيرات، التي تستند على أدلة دامغة، ضاعفت مجموعات التفكير والمنظمات من الدعوات الموجهة إلى المجتمع الدولي قصد تكثيف الجهود الرامية لوضع حد لهذا المرتع الجديد للتطرف، الذي يرهن مستقبل منطقة وقارة بأكملها.



في نفس الركن