2023 يوليو/جويلية 10 - تم تعديله في [التاريخ]

الفتوى‭ ‬الشرعية‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬بأفريقيا


العلم الإلكترونية - الرباط 

رسمت‭ ‬الرسالة‭ ‬السامية‭ ‬التي‭ ‬وجهها‭ ‬أمير‭ ‬المؤمنين‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬،‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬،‭ ‬إلى‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬ندوة‭ ‬علمية‭ ‬فقهية‭ ‬تنظمها‭ ‬مؤسسة‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬للعلماء‭ ‬الأفارقة‭ ‬بمراكش،‭ ‬خريطة‭ ‬الطريق‭ ‬لأهل‭ ‬الفتوى‭ ‬الشرعية،‭ ‬لأداء‭ ‬المهمة‭ ‬الجليلة‭ ‬التي‭ ‬هم‭ ‬مكلفون‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬الوجه‭ ‬الذي‮ ‬‭ ‬يجيب‭ ‬عن‭ ‬الأسئلة‭ ‬التي‭ ‬يطرحها‭ ‬الناس‭ ‬بما‭ ‬يطمئن‭ ‬الضمائر‭ ‬ويريح‭ ‬النفوس‭ ‬وينشر‭ ‬السكينة‭ ‬في‭ ‬التدين‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬وبصيرة‭. ‬فقد‭ ‬قال‭ ‬جلالته،‭ ‬نصره‭ ‬الله،‭ ‬مخاطباً‭ ‬العلماء‭ ‬الأفارقة‭ (‬إن‭ ‬العلماء‭ ‬مطالبون‭ ‬بالتأثير‭ ‬الإيجابي‭ ‬في‭ ‬الناس،‭ ‬وذلك‭ ‬بأن‭ ‬يبينوا‭ ‬لهم‭ ‬محاسن‭ ‬الوسطية‭ ‬والاعتدال،‭ ‬وأن‭ ‬يقوموا‭ ‬مقابل‭ ‬ذلك‭ ‬بنفي‭ ‬التأثير‭ ‬السلبي‭ ‬للأصناف‭ ‬المتطرفة‭ ‬الجاهلة‭ ‬في‭ ‬عقول‭ ‬الأبرياء،‭ ‬لاسيما‭ ‬وأن‭ ‬هؤلاء‭ ‬المنحرفين‭ ‬يُدرجون‭ ‬جل‭ ‬كلامهم‭ ‬عن‭ ‬الدين‭ ‬في‭ ‬صنف‭ ‬الإفتاء‭ ‬والفتوى‭ ‬لما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬القدسية‭ ‬في‭ ‬الأذهان‮ ‬‭).‬
 
وعرضت‭ ‬الرسالة‭ ‬الملكية‭ ‬التي‭ ‬قرأها‭ ‬أحمد‭ ‬التوفيق‭ ‬وزير‭ ‬الأوقاف‭ ‬والشؤون‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬افتتاح‭ ‬ندوة‭ (‬ضوابط‭ ‬الفتوى‭ ‬الشرعية‭ ‬في‭ ‬السياق‭ ‬الأفريقي‭)‬،‭ ‬لمسألة‭ ‬دقيقة‭ ‬بالغة‭ ‬الأهمية‭ ‬تتعلق‭ ‬بالفوضى‭ ‬في‭ ‬حقل‭ ‬الإفتاء‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭ ‬،‭ ‬فقالت‭ (‬انطلاقاً‭ ‬من‭ ‬الواقع‭ ‬ومن‭ ‬ضرورة‭ ‬حماية‭ ‬دين‭ ‬الله،‭ ‬قمنا‭ ‬في‭ ‬مملكتنا‭ ‬الشريفة‭ ‬بالواجب‭ ‬في‭ ‬مأسسة‭ ‬الفتوى،‭ ‬بأن‭ ‬جعلناها‭ ‬جماعية‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬اختصاصات‭ ‬المجلس‭ ‬العلمي‭ ‬الأعلى‭ ‬الذي‭ ‬يستفتيه‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بالدين،‭ ‬بينما‭ ‬يقوم‭ ‬العلماء‭ ‬كأشخاص‭ ‬بإرشاد‭ ‬الناس‭ ‬للأحكام‭ ‬الدينية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬الفتوى‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بالحياة‭ ‬العامة‭). ‬ثم‭ ‬توجهت‭ ‬الرسالة‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬إلى‭ ‬عموم‭ ‬العلماء‭ ‬والفقهاء‭ ‬والمفتين‭ ‬في‭ ‬أفريقيا،‭ ‬وقالت‭ (‬هذا‭ ‬الشرط‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬ينبغي‭ ‬الأخذ‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بلد‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬الأفريقية،‭ ‬وهو‭ ‬جعل‭ ‬الفتوى‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭ ‬موكولة‭ ‬لمؤسسة‭ ‬جماعية‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬العدول‭ ‬الوسطيين‭ ‬الذين‭ ‬يلتزمون‭ ‬بثوابت‭ ‬بلدهم‭ ‬ومذهبهم‭ ‬الشرعي‭) .‬
 
هذا‭ ‬التوجيه‭ ‬الحكيم‭ ‬من‭ ‬أمير‭ ‬المؤمنين‭ ‬إلى‭ ‬العلماء‭ ‬الأفارقة‮ ‬‭ ‬بشأن‭ ‬مأسسة‭ ‬الفتوى‭ ‬،‭ ‬يهدف‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬إلى‭ ‬قطع‭ ‬الطريق‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يستحقون‭ ‬أن‭ ‬يسموا‭ ( ‬تجار‭ ‬الفتوى‭) ‬ممن‭ ‬ينشرون‭ ‬الخرافات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬أساس‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬الشرع‭ ‬الحنيف‭ ‬،‭ ‬والتي‭ ‬تتسبب‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬الفوضى‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬الإسلامية‭ ‬بأفريقيا‮ ‬‭.‬
 
لقد‭ ‬دعت‭ ‬الرسالة‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬إلى‭ ‬الاعتدال‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬طمأنة‭ ‬ضمائر‭ ‬الناس‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالخلاف‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الجزئيات،‭ ‬وإلى‭ ‬العزم‭ ‬الأكيد‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬والتشاور‭ ‬الدوري‭ ‬بين‭ ‬العلماء‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الأفريقي‭ ‬لمتابعة‭ ‬المستجدات‭. ‬ومما‭ ‬يتصل‭ ‬بهذه‭ ‬التوجيهات‭ ‬السديدة‭ ‬،‭ ‬إدماج‭ ‬الواقع‭ ‬المعيش‭ ‬في‭ ‬الدين،‭ ‬مما‭ ‬يقتضي‭ ‬مراعاة‭ ‬الممارسات‭ ‬الثقافية‭ ‬الفضلى،‭ ‬تفعيلاً‭ ‬لآليات‭ ‬الاجتهاد‮ ‬‭ ‬في‭ ‬المذهب‭ ‬المالكي‭ ‬من‭ ‬الإفتاء‮ ‬‭ ‬بإدماج‭ ‬عوائد‭ ‬الناس‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬الأمور‭ ‬المنسجمة‭ ‬مع‭ ‬توجيهات‭ ‬الدين‮ ‬‭.‬
 
وخاطبت‭ ‬الرسالة‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬العلماء‭ ‬المفتين‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الأفريقي‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬دعتهم‭ ‬إلى‭ ‬تنمية‭ ‬المدارك‭ ‬وتبادل‭ ‬الأنظار‭ ‬،‭ ‬لاسيما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بفقه‭ ‬الواقع‭ ‬،‭ ‬مع‭ ‬الاستعانة‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬الفتوى‭ ‬بالخبراء‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬الاختصاص‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬الشرعية‭. ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬ضبط‭ ‬الفتوى‭ ‬،‭ ‬أكدت‭ ‬الرسالة‭ ‬السامية‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬إشراك‭ ‬النساء‭ ‬العالمات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬جوانب‭ ‬المبادرة‭ ‬الخاصة‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن‭ ‬،‭ ‬لأن‭ ‬النساء‭ ‬،‭ ‬يقول‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬،‭ ‬رعاه‭ ‬الله،‭ ‬في‭ ‬ديننا‭ ‬شقائق‭ ‬الرجال‭ ‬في‭ ‬الأحكام‮ ‬‭.‬
 
فهذه‭ ‬التوجيهات‭ ‬الحكيمة‭ ‬والنصائح‭ ‬الغالية‭ ‬من‭ ‬أمير‭ ‬المؤمنين‭ ‬ملك‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية،‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تدعم‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬في‭ ‬جوانبها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬والروحية‭ ‬والحضارية،‭ ‬لأن‭ ‬التمكين‭ ‬لضوابط‭ ‬الفتوى‭ ‬الشرعية‭ ‬في‭ ‬السياق‭ ‬الأفريقي،‭ ‬يعزز‭ ‬التماسك‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ويقضي‭ ‬على‭ ‬الفوضى‭ ‬التي‭ ‬تفاقمت‮ ‬‭ ‬ويرسخ‭ ‬الأمن‭ ‬الروحي‭ ‬والسلام‭ ‬الإنساني‭ ‬والسكينة‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬لتنعم‭ ‬بالوئام‭ ‬الأهلي‮ ‬‭. ‬



في نفس الركن