2023 شتنبر 12 - تم تعديله في [التاريخ]

الفاجعة!

يصنف الزلزال الذي ضرب في عمق التراب الوطني وانتشرت رجته العنيفة على مجموع التراب المغربي، من أكثر الزلازل عنفا، ليس في تاريخ الكوارث الطبيعية في المغرب، بل وفي العالم أيضا .فقد بلغت قوته 7,2 درجة على سلم ريشتر، وامتد على مساحة شاسعة جدا غطت 500 كيلومتر في الاتجاهات الأربعة، وضرب على عمق سطحي لم يتعد ثماني كيلومترات، بما جعله قريبا جدا من سطح الأرض مما يعني ذلك خطورة أكبر وقوة تدميرية أعنف.



ومن ألطاف الله جل جلاله أن الزلزال ضرب في منطقة صخرية صلبة، وليست في منطقة سهلية هشة، مما قلص من الخسائر، لأن صلابة المنطقة الصخرية قلصت وخفضت من القوة التدميرية للزلزال، كما أنه ضرب في منطقة ليست آهلة بالسكان، وانطلقت بؤرته الرئيسية من منطقة ريفية تضم قرى متباعدة عن بعضها البعض. وللمقارنة فقط فإن الزلزال الذي ضرب مدينة أكادير سنة 1960 لم تتعد قوته 6,4 درجة على سلم ريشتر، ومع ذلك فإن أعداد الهالكين تجاوزت آنذاك 15 ألف شخص ودمر المدينة برمتها، في حين أن الزلزال الأخير تجاوزت قوته سبع درجات على نفس السلم، ولكن الخسائر كانت أقل. 

مقابل ذلك فإن توقيت حدوث الزلزال ساهم في ارتفاع أعداد الضحايا ، لأنه  وقع في الساعة 11,11 ليلا، وهو توقيت صادف وجود الغالبية من سكان المناطق القروية هناك في منازلهم، وكثير منهم كان يغط في نوم عميق.

كما أن هشاشة البنايات القروية المعتمدة على الطين والأخشاب والقصدير بصفة رئيسية ساهمت بدورها في ارتفاع أعداد الهالكين وفي حجم الخسائر .يضاف إلى كل ذلك العامل الجغرافي الصعب والمعقد، حيث تتميز المنطقة بعوامل جغرافية صعبة، خصوصا وجود جبال شاهقة وتضاريس ملتوية، مما جعل الوصول إليها لتقديم النجدة والإسعاف شبه مستحيل في البداية، خصوصا وأن كثيرا من الطرق سدت بسبب تغطيتها بالأحجار المتناثرة، مما تطلب جهودا كبيرة لإعادة فتحها من جديد، يضاف إلى كل ذلك أن المنطقة التي تعرضت للزلزال تعرف خصاصا كبيرا في البنية التحتية من طرق ومسالك ومراكز طبية وغيرها، مما تطلب الاستعانة بما يوجد في مناطق مجاورة.

هذه كلها عوامل ساهمت في الرفع من تكلفة الزلزال، بينما ساهمت عوامل أخرى في التقليص والحد منها.

من جهة أخرى تعاملت السلطات العمومية المغربية بما يتطلبه الموقف من حزم وصرامة ومسؤولية، إذ بذلت جهودا كبيرة ومضنية لمواجهة تداعيات الكارثة. وقاد جلالة الملك محمد السادس نصره الله هذه الجهود بأن ترأس اجتماعا طارئا مع كبار المسؤولين الحكوميين والأمنيين والعسكريين والمدنيين، وتم اتخاذ الإجراءات والتدابير الكاملة. كما سارعت القوات المسلحة الملكية المغربية إلى تسخير جميع إمكانياتها وطاقاتها البشرية واللوجستيكية والتقنية للمساهمة في التخفيف من تداعيات الكارثة.

ومن جهة أخرى اكتظت جميع مراكز و نقاط تحاقن الدم في مجموع التراب الوطني بالمواطنين الذين توافدوا بأعداد كبيرة جدا للتبرع بالدم لفائدة ضحايا الزلزال، بروح تطوعية عالية جدا تترجم قناعات التضامن والتآخي بين جميع أبناء الشعب المغربي.

إلى ذلك لم تتوقف أشكال وصيغ التضامن الدولي مع الشعب المغربي في هذا المصاب الجلل، حيث عبرت عشرات العواصم في العالم والمنظمات الدولية والشخصيات من مختلف المشارب عن دعمها وتضامنها ووقوفها إلى جانب الشعب المغربي.

العلم: الرباط



في نفس الركن