العلم الإلكترونية - بقلم عبد الله البقالي
كشفت مجمل لحظات الصدام المحتدم حاليا بين القوى العالمية الكبرى عن معطيات، وإن كانت واضحة منذ أزمنة غابرة، إلا أن التطورات الأخيرة أكدت حدتها وخطورتها وقوة تأثيراتها وتداعياتها على الحياة البشرية برمتها. وتتعلق تحديدا باستخدام الحياة البشرية رهينة في ترجيح كفة المصالح، ووسيلة ضغط حاسمة لحسم الخلافات السياسية والاقتصادية لفائدة طرف في مواجهة الطرف الخصم والمنافس وأداة من أدوات إدارة أزمنة الخلافات والنزاعات. حيث وجد الغذاء العالمي نفسه في صلب الصدام، بل جوهره و موضوعه. وتحول إلى سلاح لا يقل فتكا عن مختلف أنواع الأسلحة المدمرة، إن لم يكن أضحى فعلا أكثر و أخطر أنواع أسلحة الدمار الشامل .
الأمر يتعلق بعلاقة النظام الاقتصادي العالمي السائد بالمصالح الاستراتيجية للقوى العظمى، حتى إذا اختلفت هذه القوى في تقدير الأوضاع و قادتها إرادتها في الهيمنة والسيطرة إلى الصدام، وجدت البشرية نفسها في مواجهة تداعيات سلبية وخطيرة على عيشها اليومي، وعلى حقوقها المشروعة في الحياة الآمنة والمستقرة .
لعل فكرة «النفط مقابل الغذاء» التي جسدت أبشع مظاهر الابتزاز والمقايضة في الحياة البشرية الراهنة، حينما استخدم شعب كامل رهينة طيعة لفرض إسقاط نطام سياسي معين مثلت، في مرحلة معينة، عنوانا بارزا لعلاقة الاقتصادي بالسياسي في إدارة الخلافات والنزاعات الدولية، لم تكن لحظة عابرة في الزمن، بل أكدت التطورات المتلاحقة، والتي تجلت بصفة أكثر وضوحا خلال التطورات الأخيرة، أنها تجسد منهجية ثابتة في إدارة العلاقات الدولية، بما يخدم مصالح قوى عالمية معينة .
هذا ما تجلى فعلا وبوضوح خلال التطورات الأخيرة التي استجدت في العلاقات الدولية، خصوصا في الحرب الروسية الأوكرانية التي أعادت تفجير هذه الاشكالية بأعلى منسوب من الحدة و القوة، وبرزت في أعلى مستويات تجلياتها .
فالحرب من الناحية الجغرافية تدور رحاها بين جارين، باعدت بينهما الحسابات السياسية، لكن الحرب لم تقتصر على المساحة الجغرافية التي تجري أطوارها عليها، بل امتدت تداعياتها لتطال العالم بأسره، لتكشف أنها ليست حربا بين جارين من الحروب الكثيرة التي عاشها وعرفها التاريخ الانساني الحديث والقديم، وطبعت علاقات الجوار بين العديد من الأقطار في مختلف بقاع العالم، بل هي في حقيقتها حرب بين قوى عالمية تباينت تقديراتها، وتضاربت حساباتها فيما يعيشه العالم من تطورات. ولذلك تطايرت شرارتها على امتداد خريطة الكون .
علاقة السياسي الاستراتيجي بالاقتصادي في النظام العالمي الجديد أفضت في هذه الحالة إلى هزات عنيفة في الأوضاع العالمية، يدفع تكلفتها الباهظة حاليا مئات الملايين من الأشخاص الذين لا ذنب لهم فيما يقع ويجري، ولا علاقة لهم بالأسباب التي قادت إلى اشتعالها، إلى هزة عنيفة في العيش الذي كان يمارسه الناس بشكل شبه هادئ وقريب جدا من الاستقرار العام، إلى أن استفاق البسطاء من هؤلاء الناس الذين يجهل معظمهم وجود هذه الحرب أصلا على صدمة عنيفة، تجسدت فيما استعملته أطراف الحرب من أسلحة فتاكة لا تتمثل هذه المرة في الرشاش والمدفعية والطائرة الحربية ولا في الصواريخ وغيرها كثير، بل تجسدت في سلاح الغذاء. وهذا ما تجلى في الارتفاعات المهولة وغير المسبوقة في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، وفي أسعار الطاقة والمحروقات، وانتهت حاليا إلى الشعور بحالة اللايقين فيما سيعيشه العالم خلال الزمن المنظور، من أوضاع قد تكون أكثر قسوة. والسبب أن الأطراف الحقيقية في هذه الحرب، والمتمثلة في القوى العظمى استخدمت الأسلحة الاقتصادية الفتاكة بهدف الإنهاك قبل الاستسلام، سواء تعلق الأمر بقرارات اقتصادية تهم المخزون الطاقي والتجاري، أو بعقوبات اقتصادية كان الهدف منها فرض العزلة ومن ثمة الإنهاك والإضعاف، وانتهاء برفع الراية البيضاء إعلانا عن الاستسلام. حرب تعتمد في حقيقتها على فرض أجواء مخيفة من الجوع والحرمان والفقر، قابضة برقاب الشعوب، خصوصا في الدول الفقيرة والنامية التي تواجه صعوبات وتحديات اجتماعية واقتصادية. حرب حولت كسرة الخبز إلى سلاح مدمر. وقايضت الاستقرار والطمأنينة والثقة في الوضع بتحقيق مكاسب سياسية استراتيجية لا تختلف في عمقها وكنهها عن الحقائق الاستعمارية التقليدية التي عاشها العالم طيلة عقود من الزمن، مارست فيها القوى العظمى أبشع مظاهر الاستغلال والاستنزاف، وهي المسؤولة تاريخيا عما تعانيه شعوب كثيرة من تخلف وتدهور، وعما يعرفه العالم من مآسي و كوارث، وهي السبب في تقدم شعوب معينة محظوظة .
هذه التطورات تعيد من جديد وبحدة كبيرة مصداقية النظام العالمي السائد ومشروعية الأسباب التي مكنته من أن يكون سائدا، أو بالأحرى الدواعي التي فرضت سيادته. نظام رهين طبيعة العلاقات بين القوى العالمية العظمى، فهو مستقر يراكم المصالح و المكاسب للأقوياء حينما يتفق هؤلاء الكبار، لكنه مضطرب ومحتدم يصل إلى حالة المواجهة والحرب حينما يتخلف هؤلاء الكبار، وفي هذه الحالة يسارعون إلى استعمال البشر حطبا للنيران التي يشعلونها.
كشفت مجمل لحظات الصدام المحتدم حاليا بين القوى العالمية الكبرى عن معطيات، وإن كانت واضحة منذ أزمنة غابرة، إلا أن التطورات الأخيرة أكدت حدتها وخطورتها وقوة تأثيراتها وتداعياتها على الحياة البشرية برمتها. وتتعلق تحديدا باستخدام الحياة البشرية رهينة في ترجيح كفة المصالح، ووسيلة ضغط حاسمة لحسم الخلافات السياسية والاقتصادية لفائدة طرف في مواجهة الطرف الخصم والمنافس وأداة من أدوات إدارة أزمنة الخلافات والنزاعات. حيث وجد الغذاء العالمي نفسه في صلب الصدام، بل جوهره و موضوعه. وتحول إلى سلاح لا يقل فتكا عن مختلف أنواع الأسلحة المدمرة، إن لم يكن أضحى فعلا أكثر و أخطر أنواع أسلحة الدمار الشامل .
الأمر يتعلق بعلاقة النظام الاقتصادي العالمي السائد بالمصالح الاستراتيجية للقوى العظمى، حتى إذا اختلفت هذه القوى في تقدير الأوضاع و قادتها إرادتها في الهيمنة والسيطرة إلى الصدام، وجدت البشرية نفسها في مواجهة تداعيات سلبية وخطيرة على عيشها اليومي، وعلى حقوقها المشروعة في الحياة الآمنة والمستقرة .
لعل فكرة «النفط مقابل الغذاء» التي جسدت أبشع مظاهر الابتزاز والمقايضة في الحياة البشرية الراهنة، حينما استخدم شعب كامل رهينة طيعة لفرض إسقاط نطام سياسي معين مثلت، في مرحلة معينة، عنوانا بارزا لعلاقة الاقتصادي بالسياسي في إدارة الخلافات والنزاعات الدولية، لم تكن لحظة عابرة في الزمن، بل أكدت التطورات المتلاحقة، والتي تجلت بصفة أكثر وضوحا خلال التطورات الأخيرة، أنها تجسد منهجية ثابتة في إدارة العلاقات الدولية، بما يخدم مصالح قوى عالمية معينة .
هذا ما تجلى فعلا وبوضوح خلال التطورات الأخيرة التي استجدت في العلاقات الدولية، خصوصا في الحرب الروسية الأوكرانية التي أعادت تفجير هذه الاشكالية بأعلى منسوب من الحدة و القوة، وبرزت في أعلى مستويات تجلياتها .
فالحرب من الناحية الجغرافية تدور رحاها بين جارين، باعدت بينهما الحسابات السياسية، لكن الحرب لم تقتصر على المساحة الجغرافية التي تجري أطوارها عليها، بل امتدت تداعياتها لتطال العالم بأسره، لتكشف أنها ليست حربا بين جارين من الحروب الكثيرة التي عاشها وعرفها التاريخ الانساني الحديث والقديم، وطبعت علاقات الجوار بين العديد من الأقطار في مختلف بقاع العالم، بل هي في حقيقتها حرب بين قوى عالمية تباينت تقديراتها، وتضاربت حساباتها فيما يعيشه العالم من تطورات. ولذلك تطايرت شرارتها على امتداد خريطة الكون .
علاقة السياسي الاستراتيجي بالاقتصادي في النظام العالمي الجديد أفضت في هذه الحالة إلى هزات عنيفة في الأوضاع العالمية، يدفع تكلفتها الباهظة حاليا مئات الملايين من الأشخاص الذين لا ذنب لهم فيما يقع ويجري، ولا علاقة لهم بالأسباب التي قادت إلى اشتعالها، إلى هزة عنيفة في العيش الذي كان يمارسه الناس بشكل شبه هادئ وقريب جدا من الاستقرار العام، إلى أن استفاق البسطاء من هؤلاء الناس الذين يجهل معظمهم وجود هذه الحرب أصلا على صدمة عنيفة، تجسدت فيما استعملته أطراف الحرب من أسلحة فتاكة لا تتمثل هذه المرة في الرشاش والمدفعية والطائرة الحربية ولا في الصواريخ وغيرها كثير، بل تجسدت في سلاح الغذاء. وهذا ما تجلى في الارتفاعات المهولة وغير المسبوقة في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، وفي أسعار الطاقة والمحروقات، وانتهت حاليا إلى الشعور بحالة اللايقين فيما سيعيشه العالم خلال الزمن المنظور، من أوضاع قد تكون أكثر قسوة. والسبب أن الأطراف الحقيقية في هذه الحرب، والمتمثلة في القوى العظمى استخدمت الأسلحة الاقتصادية الفتاكة بهدف الإنهاك قبل الاستسلام، سواء تعلق الأمر بقرارات اقتصادية تهم المخزون الطاقي والتجاري، أو بعقوبات اقتصادية كان الهدف منها فرض العزلة ومن ثمة الإنهاك والإضعاف، وانتهاء برفع الراية البيضاء إعلانا عن الاستسلام. حرب تعتمد في حقيقتها على فرض أجواء مخيفة من الجوع والحرمان والفقر، قابضة برقاب الشعوب، خصوصا في الدول الفقيرة والنامية التي تواجه صعوبات وتحديات اجتماعية واقتصادية. حرب حولت كسرة الخبز إلى سلاح مدمر. وقايضت الاستقرار والطمأنينة والثقة في الوضع بتحقيق مكاسب سياسية استراتيجية لا تختلف في عمقها وكنهها عن الحقائق الاستعمارية التقليدية التي عاشها العالم طيلة عقود من الزمن، مارست فيها القوى العظمى أبشع مظاهر الاستغلال والاستنزاف، وهي المسؤولة تاريخيا عما تعانيه شعوب كثيرة من تخلف وتدهور، وعما يعرفه العالم من مآسي و كوارث، وهي السبب في تقدم شعوب معينة محظوظة .
هذه التطورات تعيد من جديد وبحدة كبيرة مصداقية النظام العالمي السائد ومشروعية الأسباب التي مكنته من أن يكون سائدا، أو بالأحرى الدواعي التي فرضت سيادته. نظام رهين طبيعة العلاقات بين القوى العالمية العظمى، فهو مستقر يراكم المصالح و المكاسب للأقوياء حينما يتفق هؤلاء الكبار، لكنه مضطرب ومحتدم يصل إلى حالة المواجهة والحرب حينما يتخلف هؤلاء الكبار، وفي هذه الحالة يسارعون إلى استعمال البشر حطبا للنيران التي يشعلونها.