العلم الإلكترونية - الرباط
يعكس شعار (الالتزام من أجل الحياة) الذي رفعه المؤتمر الوزاري العالمي الرابع للسلامة الطرقية، الذي استضافته المملكة المغربية، وعقد بالتعاون بين وزارة النقل واللوجستيك ومنظمة الصحة العالمية، مفهوماً متطوراً للتعاون الدولي في مجال تعزيز السلامة الطرقية، ونهجاً مبتكراً لتفعيل تنفيذ الخطة العالمية للسلامة الطرقية، بعد توافق 193من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، في إطار الخطة العالمية لعقد العمل من أجل السلامة الطرقية2021/2030، وضمان وضع السلامة الطرقية باعتبارها أولويةً سياسيةً متكاملة ضمن أجندة التنمية المستدامة.
وقد رسم (إعلان مراكش) الصادر عن المؤتمر الوزاري العالمي للسلامة الطرقية، الخطوط العريضة للخروج بالالتزام من أجل الحياة، من النطاق النظري إلى الدوائر الواسعة لبلورته وتجسيده في الواقع العملي على جميع المستويات، باعتبار أنه ذو عمق استراتيجي، وبعد إنساني، وأفق ممتد امتداد الحياة البشرية. فالالتزام من أجل الحياة، هو وجه للالتزام من أجل السلام، على أساس أنه يهدف إلى الحفاظ على السلامة البشرية، التي لا تنفصل عن السلامة الطرقية. والحالتان معاً تسيران في اتجاه بناء حياة آمنة و مطمئنة ومريحة وخالية من الفواجع والمنغصات و الآلام.
من هذه الزاوية، يكون الالتزام من أجل الحياة، هو المرادف الواقعي، وليس الافتراضي، للالتزام من أجل السلام ، بكل مضامينه و دلالاته و معانيه و القيم الإنسانية التي ينطوي عليها . وذلك انطلاقاً من المعنى اللغوي و المفهوم القانوني للالتزام الذي هو أخذ الإنسان نفسَه بما يمليه القانون الأخلاقي دون قسر أو إرغام يقع عليه . ومن هذه الناحية فالالتزام حالة قانونية يرتبط الشخص الملتزم بمقتضاها، بنقل حق عيني، أو القيام بعمل أو بالامتناع عن عمل مطلقاً. و بهذا الاعتبار يكون للالتزام المعنى القانوني التعاقدي المدني و السياسي معاً . وهو المعنى العميق الذي عبر عنه شعار المؤتمر الوزاري العالمي للسلامة الطرقية، وانبنى عليه ( إعلان مراكش) في عمومياته، الذي اعترف للمملكة المغربية بالريادة في مجال السلامة الطرقية، ورحب بالمبادرة الملكية السامية، بإطلاق (جائزة الملك محمد السادس الدولية للسلامة الطرقية)، التي تعكس التزام المغرب بتعزيز السلامة الطرقية على المستوى العالمي .
ويعبر ( إعلان مراكش)، أقوى ما يكون التعبير عن عمق القضايا الدولية، عن عالمية الآفاق التي انعقد في أجوائها . فقد دعا المؤتمر إلى دعم بناء القدرات وتبادل المعرفة ونقل التكنولوجيا في مجال السلامة الطرقية، مع التركيز بشكل خاص على البلدان ذات الدخل المنخفض، ولاسيما في أفريقيا، وطالب المؤتمر في إعلانه ، الجمعية العامة للأمم المتحدة تبني قرار يدعم (إعلان مراكش)، وحث منظمة الصحة العالمية على متابعة تنفيذ الالتزامات التي تم التعهد بها خلال المؤتمر. وبذلك تكون الجمعية العامة للأمم المتحدة قد انتقلت من نيويورك إلى مراكش، نظراً إلى المستوى الراقي للمؤتمر، وإلى القيمة العليا للالتزامات التي تعهدت بها الدول المشاركة، وباعتبار الجدوى الكبيرة للقرارات التي اتخذت باسم المجموعة الدولية .
إن (إعلان مراكش) صار اليوم من الوثائق الدولية المعتمدة لدى الأمم المتحدة، لأن المؤتمر الوزاري العالمي للسلامة الطرقية، ليس مؤتمراً إقليمياً، أو قارياً، وإنما هو مؤتمر دولي شاركت فيه الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، التي توافقت على الخطة العالمية لعقد العمل من أجل السلامة الطرقية للسنوات 2021/2030 .
ومن هنا تأتي الأهمية البالغة للاعتراف بريادة المملكة المغربية في مجال السلامة الطرقية ، في ( إعلان مراكش) ،الذي هو ، وبكل المقاييس ، مفخرة للمغرب .