2024 أغسطس/أوت 20 - تم تعديله في [التاريخ]

الشعب المغربي يحتفي بالذكرى 71 لثورة الملك والشعب

تلاحم تاريخي وإرادة مشتركة بين العرش والشعب في سبيل تحقيق الاستقلال والحرية


العلم الإلكترونية - هشام الدرايدي 

يحتفي الشعب المغربي اليوم بذكرى ثورة الملك والشعب بطرق متنوعة تعكس ارتباط الأجيال الحالية بهذه الذكرى الخالدة، تنظم خلاله الأنشطة الرسمية، مثل الخطابات الملكية التي تؤكد على أهمية التلاحم القوي بين العرش والشعب المغربي في مواجهة الاستعمار الفرنسي، وتجسد أسمى معاني التضحية والوطنية، وتبرز محطة مضيئة في تاريخ المغرب تستحضر فيها الأجيال المغربية تفاصيل كفاح طويل من أجل الحرية والاستقلال، وتعزز فيها روح التضامن والوحدة الوطنية. كما تقام المهرجانات الثقافية والندوات التي تسلط الضوء على تاريخ المقاومة والنضال الوطني المجيد. 
 
ويحظى هذا اليوم بمكانة خاصة في قلوب المغاربة، فهو ليس فقط تذكيرا بماض مجيد ونبش في ذاكرة خالدة، بل هو مناسبة للتأكيد على القيم التي أسست للمغرب الحديث المبني على الوحدة، والتضامن، والولاء للوطن والملك. كما يتذكر المغاربة في هذا اليوم كل من ضحوا بأرواحهم في سبيل الحرية، ويجددون عهدهم في الحفاظ على مكتسبات الوطن وتعزيز مسيرة التنمية.
 

الرسالة المستدامة لثورة الملك والشعب

تجسد ثورة الملك والشعب درسا في الوطنية، وتعبيرا عن إرادة شعب لا يقبل بالذل ولا بالاستسلام، عبر ملحمة تاريخية تحمل في طياتها رسالة لكل الأجيال، بأن الوحدة الوطنية والتلاحم بين القائد والشعب هما الضمانة الأساسية لتحقيق النصر في كل المعارك والتحديات الوطنية والإقليمية في كل المجالات والميادين وعلى جميع الأصعدة.
 
في هذا الإطار، تستمر روح ثورة الملك والشعب في إلهام الأجيال الشابة للمساهمة في بناء مغرب المستقبل، مغرب الوحدة والديمقراطية والتنمية. ويظل الاحتفاء بهذه الذكرى تأكيدا على أن الشعب المغربي، بقيادة ملكه، قادر على مواجهة التحديات والتغلب على الصعاب، تماما كما فعل في تلك السنوات الصعبة من الاستعمار.
 

الخلفية التاريخية لثورة الملك والشعب

اندلعت ثورة الملك والشعب في 20 غشت 1953، عندما قامت السلطات الفرنسية بنفي السلطان محمد بن يوسف إلى كورسيكا، ثم إلى مدغشقر، بعد أن رفض الأخير الرضوخ لأطماعهم الرامية إلى تكريس الاستعمار والتحكم في شؤون المغرب. جاء هذا القرار كمحاولة من الاستعمار الذي استعان بباشوات وقياد تزعمهم الكلاوي لفرض نظام وصاية على المغرب عبر تعيين محمد بن عرفة كبديل للسلطان محمد بن يوسف، مما أشعل فتيل المقاومة في نفوس الشعب المغربي.
 
في تلك اللحظة الحاسمة، تفجر غضب الشعب المغربي المتعطش للحرية الذي اعتبر نفي الملك خيانة لكل القيم الوطنية ومحاولة لإذلال الأمة، فاندلعت المظاهرات الشعبية في كل أنحاء المغرب، وشهدت البلاد موجة من الاحتجاجات وأعمال المقاومة الشرسة التي كانت تهدف إلى إعادة الملك الشرعي إلى عرشه وإنهاء الاستعمار الفرنسي.
 

أحداث الثورة وتطورها

لم تكن ثورة الملك والشعب مجرد احتجاجات شعبية، بل تحولت إلى حركة مقاومة منظمة قادتها القوى الوطنية الحية بقيادة نخبها، وعلى رأسها حزب الاستقلال وجيش التحرير، وانتشرت عمليات المقاومة المسلحة في مختلف المناطق المغربية، وكانت المدن الكبرى مثل الدار البيضاء وفاس ومراكش مراكز رئيسية للنضال، وفي الريف، وفي الجنوب، نشطت خلايا المقاومة التي ضربت المصالح الاستعمارية بقوة، وألحقت بها خسائر فادحة.
 
وكانت المقاومة المسلحة مصحوبة بدعم شعبي واسع، حيث شارك الفلاحون والحرفيون والطلبة والعمال في هذه الثورة، متخذين من النضال في سبيل استعادة السلطان محمد بن يوسف من منفاه وعودته إلى عرشه رمزا لاستعادة السيادة الوطنية، فشكلت تلك الثورة مشهدا وطنيا بطوليا تجسدت فيه كل معاني الوحدة والتضحية، وتحدثت عنها كل صحف العالم وتناقلت تفاصيلها الدقيقة، فكان انطلاقها بداية نهاية حقبة الاستغلال، الاستعمار الأجنبي وانفراجة الاستقلال والتحرر والتطلع إلى مغرب حديث.
 

العودة المظفرة للملك محمد الخامس

أمام هذه الضغوط المتزايدة التي سببتها ثورة الملك والشعب، وحجم الخسائر التي تكبدها الاستعمار، اضطرت فرنسا إلى التفاوض مع السلطان الشرعي في المنفى والقادة الوطنيين، وفي 16 نونبر 1955، عاد الملك محمد الخامس إلى أرض الوطن، حيث استقبل استقبالا تاريخيا من قبل الشعب المغربي، الذي رأى في عودته انتصارا للكرامة الوطنية وإعلانا عن قرب وأد عهد الاستعمار.
 
وبالفعل، لم تمر إلا أشهر قليلة حتى أعلن عن الاستقلال الرسمي للمغرب في 2 مارس 1956، ليطوي الشعب المغربي بذلك صفحة استعمار نخر في عظمه قرابة نصف قرن، ويبدأ مرحلة جديدة من بناء الدولة المستقلة.
 



في نفس الركن