2023 فبراير 14 - تم تعديله في [التاريخ]

الرياضة ورهان التنمية المستدامة.. "أبعاد قانونية واقتصادية واجتماعية ودبلوماسية"


العلم الإلكترونية - بقلم مراد علوي

لا يخفى على أحد بأن المجال الرياضي يحظى بعناية مولوية سامية تتجسد على أرض الواقع من خلال حرص ملكي على النهوض بهذا القطاع الواعد و تتبع الاستراتجيات الحكومية المبرمجة بشأنه ، كما يحرص جلالته على بسط رعايته على مختلف التظاهرات و تتبع إنجاز مختلف المنشأت و التجهيزات التي تساهم في جعل هذا القطاع أحد أهم روافد التنمية ببلادنا . لاسيما و أن المغرب يعتبر خزانا للمواهب التي سطع نجمها الصعيد العالمي و حققت منجزات تاريخية و أرقام قياسية لازالت تخلد لتميزه في مختلف الرياضات . 
 
تعد الرسالة الملكية الموجهة إلى أشغال المناظرة الوطنية حول الرياضة سنة 2008 ، محطة أساسية في إقرار القانون رقم 30.09 المتعلق بالتربية البدنية و الرياضة ، و قد جسط هذا المنعطف القانوني نقلة نوعية لتموقع المجال الرياضي في السياسات العمومية في أفق تجاوز الإختلالات البنيوية و التي وصفها القانون المذكور بكونها عائق لمسلسل تعزيز الديمقراطية و التنمية الإجتماعية و البشرية ، الأمر الذي استدعى ملائمة الإطارات الموجودة لما تقتضيه العولمة و جعل الرياضة عملا للريادة و إشعاع المغرب على المستوى العالمي . 
 
و يظهر حجم الأهمية التي يحتلها هذا الورش التنموي من خلال مجموعة من المظاهر خاصة منها عدد الجامعات المغربية و عدد المنخرطين بهذه الجامعات الرياضية ، علما بأن أغلبهم ينتمون للفئات الشابة والنشيطة ، و كذلك على مستوى انخراط المغرب بالميثاق الدولي للرياضة باعتبارع العضو النشيط في المنظمات الدولية . و بالفعل انعكست هذه المؤشرات من خلال قيام المغرب بدسترة هذا المجال و الذي أضحى يساهم في تحقيق انتصارات دبلوماسية " رياضة " تقوي موقعه بالمنظمات و المؤسسات سواء كانت قارية أو دولية ، بما يخدم إشعاع المملكة المغربية و إزدهار بنياتها التحتية الرياضية و السياحية 
 
الأكيد أن الأوراش المفتوحة و التي شهدت انخراط الجامعة المغربية عبر إنشائها لمدارس متخصصة في المهن الرياضة سيشكل محطة مهمة في الإرتقاء بالرياضة الوطنية إلى مستوى الإحترافية من مختلف الجواني سواء المتعلقة بالتجهيزات أو التسيير و التدبير و التمويل أو على مستوى العلاقات التعاقدية و الشراكات و فض النزاعات و غيرها من مظاهر تأهيل المجال الرياضي . وذلك أخذا بعين الاعتبار التوجه البارز لدى المشرع إلى تبني نمط الشركات في تدبير و تسير المجال الرياضي و إخضاعه لأكثر النماذج تطورا و المتمثل في شركات المساهمة و ذلك في سبيل بلوغ حكامة هذه الاليات التدبيرية .
 
هذا و قد أصبحت اليوم الرياضة من بين المجالات الحياتية التي استطعت أن تواكب و تتفاعل بطريقة إيجابية مع تقلبات و تغيرات العصر الحالي ، فبالإضافة إلى كونها ممارسة جسمانية متأصلة في عمق التاريخ فهي أيضا تعد ظاهرة سوسو اقتصادية و ثقافية تمكنت في وقت وجيز من لفت الانتباه إلا أن تتحول إلى مادة داسمة يسل لها لعاب رجال المال و الأعمال بمختلف أقسامه ، و تتجلى مظاهر و تجليات الطفرة النوعية التي عرفتها الممارسة الرياضية في التحول النوعي ليس فقط في النظرة المتشكلة حولها سابقا كمجرد لهو و لعب و مضيعة للوقت و المال في نظر بعض المتعصبين ، بل بتبوئها تدريجيا لمكانة متميزة في منظومة المجتمع عامة . 
 
لاشك أن هذا السياق الإقتصادي لهيكلة منظومة الرياضة ببلادنا لم يغيب باقي المحددات المركزية الأخرى و التي تساهم في استيعاب خصوصية المجال الرياضي ، فبالإضافة إلى العلوم الإقتصادية و القانونية نجد على أن علم الأجتماع و علم النفس شريكا يساهمان بدورهما في دراسة ظاهرة الرياضية و ما يرتبط بها من حركية و استقطاب و نشاط اقتصادي ساهم في ازدهار دول بأسرها ، بل إن ميزانيات بعض الأندية الوطنية تضاهي ميزانيات بعض دول سائرة في النمو أو تتجاوزها أحيانا . 
 
و الحديث عن الجامعة المغربية ، كفضاء أكاديمي ، و هي تتطلع بأدوار الانتقال من مرحلة " الرياضي بالصدفة " إلى مرحلة " الرياضي المحترف " . فإنها تضع نصب أعينها ضرورة توفير مناخ رياضي يساهم في تحقيق هذا الأمل المنشود و لاسيما " الإحترافية في التدبير و التسيير و العقود الرياضية و فض المنازعات و التحكيم الرياضي و الشركات الرياضية و التسويق الرياضي " . و ذلك على اعتبار أن المجال الرياضي يعد إحدى دعائم الاساسية في بلورة النموذج التنموي الجديد ، مما يستدعي وضع مقاربة شمولية تستحضر فيها جميع المتدخلين ، سواء الدولة أو المؤسسات العموميو أو مؤسسة المنتخبة أي الجماعات الترابية و جامعات رياضية و كذا مسيرين القطاع العام و الخاص و أكاديمين ، في سبيل تقديم تصورات و بلورة اقتراحات تجسد الإلتقائية في تقييم أوجه الخلل و بناء نظرة مندمجة لوضع استراتجيات تنموية متجانسة و متكاملة



في نفس الركن