2020 أبريل 7 - تم تعديله في [التاريخ]

الدكتور عبد السلام العمراني يكتب l l التفاهة صناعة..

إصابات هنا وموت هناك، وأرقام تتحطم أمامنا كل يوم بمكر. وبلاغات رسمية وقرارات إدارية وصحية. ومنبهات سيارات الإسعاف تقطع الصمت من حين لآخر. وبرامج توعية على مدار اليوم في قنوات أبدعت.

عكس قنوات أخرى للأسف، لا زالت الغباوة محورا لفقراتها. وكأن الوضع لا يستلزم شيئا من التضامن والجد، ولا حزن الأسر على أمواتهم وخوف الجميع على مآلهم، يستلزم القطع مع التفاهة ومع الهزل.



وكأن القائمين على الشأن العام إخوة دون اشتراك في الدم والأصل، حيث نجد بعضهم يضحي بالحياة من أجل الغير، وبعضهم يعتبر الغير عملة غير قابلة للصرف.

فقد بينت هذه الأزمة معدن الكل وأسقطت الأقنعة عن البعض، فمساحيق الفرح لا تستطيع مقاومة دموع الحزن. حيث تَبين لنا الفرق بين مواطن يحمل في قلبه هم الوطن، وبين آخر لا يحمل من الوطن غير عقد ازدياد وجواز سفر.

ورأينا صحفيين أبدعوا في المواكبة والتحليل والقول واستعملوا لغة القرب ليصل الخطاب إلى الكل. وصحفيين في المقابل لم يستطيعو العيش خارج بركهم الآسنة، مقدمين تفاهتهم من خلال برامج بليدة في المضمون وفي الشكل.

ورأينا فنانين ورياضيين سُلطت عليهم الأضواء لسنوات يساهمون بأمولهم في تحمل أعباء الوضع، وآخرون اقتصر دورهم على نداءات هنا وهناك لإحترام تدابير الحجر بشكل سمج، يثير الغيض أكثر مما يحفز على الإلتزام.

أما بعض قادتنا السياسيين والنقابيين فقد اقتصر دورهم على نداءات وكلمات بلهاء من وراء التلفاز، عوض ابتكار آليات التضامن وخلق البدائل وحث المناضلين على الانخراط في تعبئة شاملة من أجل خدمة الوطن والمواطنين على السواء.

كما رأينا بعض ذوي المصحات الخاصة وفدرالية التعليم الخصوصي يطالبون بالاستفادة من صندوق التضامن، كأنه غنيمة حرب. بعدما انهكوا كاهل الآباء والمرضى بفواتير ورسومات لا يقبلها العقل.

هذا بالإضافة إلى مستويات متفاوتة من المواطنة والإحساس بالمسؤولية من خلال سلوكيات الأفراد، حيث هناك مواطنون ملتزموم بالحجر بشكل كلي، وآخرون غير مبالين بخطر الموت الذي يلف أعناقهم وأعناق من يحبون.

وهناك كذلك جمعيات وأفراد يقدمون العون والدعم في السر، مقابل من اختار إدلال الفقير والمعدم من خلال تصوير لحظات العون، إرضاءا لعقدة البروز على مواقع التواصل الاجتماعي، أو استمالة لأصوات الناخبين.

من خلال كل هذا وذاك، يمكن القول أن الإستهتار والرعونة والاستغلال البشع للفقر والخوف من لدن البعض، هو نتيجة منطقية لصناعة التفاهة التي دأبت الدولة على نهجها لعقود من الزمن. كما قال الأستاذ محمد جسوس ” إنهم يريدون خلق أجيال من الضباع”.

إن ما نراه اليوم مجرد نتائج أولية لامتحان الإنسانية والمواطنة، حيث نتمنى تدارك الوضع والخروج ببلدنا إلى بر الأمان بخسائر أقل وبتصالح أكبر بيننا وبين الذات.

الله يحد الباس.



في نفس الركن