العلم الإلكترونية - رشيد زمهوط
ما زال النظام الجزائري يسارع الخطوات ويكثف الاتصالات والمناورات من أجل إفشال المبادرة الأطلسية التي يرى فيها قصر المرادية مدخلا لتتويج جهود المغرب الرامية الى تعزيز حضوره الاقتصادي و إشعاعه الثقافي و الدبلوماسي بمنطقة الساحل و غرب إفريقيا، و نسفا للحلم الجزائري القديم بإيجاد منفذ بري على المحيط الأطلسي لتصريف الثروات المعدنية و على رأسها حديد غار جبيلات جنوب تندوف .
ما زال النظام الجزائري يسارع الخطوات ويكثف الاتصالات والمناورات من أجل إفشال المبادرة الأطلسية التي يرى فيها قصر المرادية مدخلا لتتويج جهود المغرب الرامية الى تعزيز حضوره الاقتصادي و إشعاعه الثقافي و الدبلوماسي بمنطقة الساحل و غرب إفريقيا، و نسفا للحلم الجزائري القديم بإيجاد منفذ بري على المحيط الأطلسي لتصريف الثروات المعدنية و على رأسها حديد غار جبيلات جنوب تندوف .
آخر شطحات النظام الجزائري تجلت في إجراء الرئيس الجزائري أول أمس الثلاثاء اتصالا هاتفيا مع نظيره الموريتاني و ذلك ثلاثة أيام فقط على مغادرة الأخير للجزائر بعد حضوره أشغال أعمال القمة السابعة لرؤساء دول وحكومات منتدى البلدان المصدرة للغاز التي احتضنتها العاصمة الجزائرية السبت الماضي و التي التأمت على هامشها قمة مغاربية مصغرة ضمت الجزائر, تونس و ليبيا و لم يحضرها الرئيس الموريتاني ولد الشيخ الغزواني , و هو الغياب الذي فسرته صحف موريتانية بأنه رفض ضمني من نواكشوط الانضمام للتكتل الثلاثي الذي أعلنه رؤساء الدول الثلاثة أعلاه و تم بسبق إصرار تغييب المغرب عنه .
التكتل المغاربي الجديد , كان الرئيس تبون قد مهد له أسابيع قبل التئامه بالعاصمة الجزائرية , بايفاد وزير خارجيته أحمد عطاف في جولة مغاربية استثنت الرباط , حاملا رسائل الى حكام تونس و طرابلس و نواكشوط تضمنت مقترحات جزائرية لتنسيق المواقف من عدد من الملفات ذات الطابع الإقليمي .
أول أمس الثلاثاء، و حسب بلاغ للرئاسة الجزائرية اطلع عبد المجيد تبون نظيره الموريتاني على اللقاء المغاربي الثلاثي الذي جمع رؤساء كل من الجزائر تونس وليبيا,كما بحث معه بصفته الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، مسائل وقضايا راهنة، ذات طابع إفريقي و هو ما يفسره الملاحظون بسعي قصر المرادية إلى الضغط على موريتانيا لدفعها الى الإسراع بالانخراط في التكتل المغاربي الجديد الذي «يعوض» ظرفيا الاتحاد المغاربي و يرتبط بعدد من مشاريع الشراكة التي تمولها الخزينة الجزائرية بالبلدان المغاربية الثلاث التي انتقاها تبون لمواكبة أجندته الرامية الى عزل المملكة المغربية عن محيطها القاري و المغاربي و تجميد مشروعها الطموح بربط منطقة الساحل بالمحيط الأطلسي و توفير البنيات التحتية الكفيلة أيضا بإنجاح خط الربط الغازي بين نيجيريا و شمال المغرب عبر 13 دولة افريقية .
التركيز الدبلوماسي المتزايد على موريتانيا يبرز أيضا حرص النظام الجزائري على محاصرة المغرب جيوستراتيجيا من خلال «منع « نواكشوط من الالتحاق بركب دول الساحل التي أعلنت انضمامها الى المبادرة الأطلسية بالنظر إلى أن التراب الموريتاني يشكل معبرا ضروريا لاكتمال الممر الساحلي المؤدي الى سواحل الأطلسي جنوب المغرب , مع ما ينطوي عليه الأمر من خسائر استراتيجية , سبق للمخابرات الجزائرية قبل أسابيع أن وجهت تحذيرات مباشرة في شأنها الى قصر المرادية ...
مشروع منطقة التجارة الحرة التي أعلنت الجزائر مؤخرا عن إنشائها بجوار موريتانيا لا تشكل في نظر الخبراء الاقتصاديين أي فائض قيمة للبلدين الجارين بالنظر إلى انتفاء المصلحة التجارية التي تبرر صرف ملايين الدولارات من الخزينة الجزائرية قصد إنجازها و افتقارها لأدنى شروط المنافسة الاقتصادية لمعبر الكركرات الحدودي , بالنظر الى أن حجم المبادلات التجارية بين المغرب و جارته الجنوبية يفوق أضعافا مضاعفة نظيرتها بين الجزائر و موريتانيا و أن ما يهم الجزائر أساسا ليس الرواج التجاري المستقبلي عبر المنطقة الحرة المرتقبة بل الامتيازات الإستراتيجية التي توفرها الطريق البرية التي ستمدها الجزائر من تندوف الى الزويرات شمال غرب موريتانيا , و التي تؤكد اتفاقية إنجازها الموقعة مع نواكشوط أن الجزائر ستتولى تسييرها بالكامل لعشر سنوات تتجدد تلقائيا و هو ما يعني أن جنرالات قصر المرادية سيتوفرون على منفذ بري استراتيجي يطوق حدود الصحراء المغربية جنوبا و يمنح ميليشيات البوليساريو الانفصالية هامش تحركات بحيز ترابي واسع أعلنته السلطات الموريتانية قبل ثلاث سنوات منطقة محظورة .
تونس التي تعيش على إيقاع أزمة اقتصادية و سياسية خانقة لا تبدو متحمسة لفكرة التحالف الثلاثي الذي تقوده الجزائر , بل إن ما يهم حكامها هو ما تجود به الجزائر من منح و إعانات مالية تسعف الخزينة التونسية العاجزة عن توفير رواتب موظفي الدولة ولذلك لم يصدر عنها لحدود الساعة أي تعليق يفيد قبولها بالخطوة الجزائرية المتعجلة في حين أن الرئاسة التونسية أعلنت عقب مشاورات ثنائية أجراها الرئيس قيس سعيد مع نظيره الجزائري مباشرة بعد اللقاء الثلاثي تركيزها على ضرورة تكثيف نسق التعاون، لا سيما عبر عقد اجتماعات اللجنة العليا، وغيرها من آليات العمل الثنائي، وعلى تنفيذ مشاريع مشتركة في المناطق الحدودية بين البلدين في أقرب الآجال...أما ليبيا الباحثة عن مخارج لأزمتها السياسية الداخلية فما يهمها في الأساس الأول من اتصالاتها الاعتيادية مع الجارة الجزائر هو تأمين حدودها الصحراوية المشتركة مع الجزائر من التحديات الأمنية التي تتهدد مسار الانتقال الهادئ و السلس للسلطات و عدم الوقوع في تقديرات سياسية خاطئة قد تعرض «جماهيرية القذافي» للتقسيم ....