2024 ماي 30 - تم تعديله في [التاريخ]

الجزائر‭ ‬تتحايل‭ ‬على‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬


العلم الإلكترونية - الرباط 

اجتمع‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬مساء‭ ‬أول‭ ‬أمس‭ ‬الثلاثاء‭ ‬،‭ ‬لبحث‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬رفح‭ ‬جنوبي‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬الفلسطيني‭. ‬وعقد‭ ‬المجلس‭ ‬جلسة‭ ‬مشاورات‭ ‬مغلقة‭ ‬طارئة‭ ‬لهذا‭ ‬الغرض‭ . ‬واللافت‭ ‬للانتباه‭ ‬أن‭ ‬سفير‭ ‬الجزائر‭ ‬لدى‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬،‭ ‬أدلى‭ ‬بتصريح‭ ‬‮ ‬للصحافة‭ ‬،‭ ‬قال‭ ‬فيه‭ ‬إن‭ ‬بلاده‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬ألحت‭ ‬على‭ ‬التقدم‭ ‬بطلب‭ ‬لمجلس‭ ‬الأمن‭ ‬لمناقشة‭ ‬ما‭ ‬سيترتب‭ ‬على‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ليلة‭ ‬الأحد‭/ ‬‮ ‬الإثنين‭ ‬الماضية،‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬رفح‭ ‬‮ ‬،‭ ‬الذي‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬خسائر‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬الأرواح‭. ‬و‭ ‬تلقت‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الجزائرية‭ ‬هذا‭ ‬التصريح‭ ‬و‭ ‬استغلته‭ ‬للدعاية‭ ‬للأطروحة‭ ‬البئيسة‭ ‬التي‭ ‬تزعم‭ ‬أن‭ ‬الجزائر‭ ‬تقف‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬و‭ ‬تدعي‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬دفعها‭ ‬لطلب‭ ‬اجتماع‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬لبحث‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬محافظة‭ ‬رفح‭ ‬المستهدفة‭ ‬للإبادة‭ ‬الجماعية‭ . ‬و‭ ‬هذا‭ ‬تحريف‭ ‬الحقيقة،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬القرار‭ ‬قد‭ ‬اتخذته‭ ‬المجموعة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وأن‭ ‬السفير‭ ‬الجزائري‭ ‬يمثل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬،‭ ‬سفراء‭ ‬دول‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية،‭ ‬الذين‭ ‬‮ ‬ناقشوا‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬خاص‭ ‬،‭ ‬مشروع‭ ‬طلب‭ ‬اجتماع‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬و‭ ‬حرروا‭ ‬بالتنسيق‭ ‬فيما‭ ‬بينهم‭ ‬،‭ ‬مشروع‭ ‬البيان‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يصدره‭ ‬المجلس‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬كلفوا‭ ‬السفير‭ ‬الجزائري‭ ‬بأن‭ ‬يتقدم‭ ‬بطلب‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬،‭ ‬بصفته‭ ‬العضو‭ ‬العربي‭ ‬غير‭ ‬الدائم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجلس‭ ‬الأممي،‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من1‭ ‬يناير‭ ‬2024‭ ‬إلى‭ ‬31‭ ‬ديسمبر‭ ‬2025‭ .‬
 
عدوان‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬على‭ ‬رفح‭ ‬،‭ ‬ما‭ ‬عدا‭ ‬‮ ‬تدخل‭ ‬سفيرها‭ ‬في‭ ‬الموضوع،‭ ‬بحكم‭ ‬تمثيله‭ ‬للمجموعة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬،‭ ‬كلف‭ ‬من‭ ‬زملائه‭ ‬السفراء‭ ‬العرب‭ ‬بمهمة‭ ‬محددة‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬محدد‭ . ‬أما‭ ‬عزو‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬إلى‭ ‬الدولة‭ ‬الجزائرية‭ ‬وحشرها‭ ‬في‭ ‬المسألة‭ ‬،‭ ‬فهو‭ ‬فعل‭ ‬يدخل‭ ‬ضمن‭ ‬أفعال‭ ‬التحايل‭ ‬الذي‭ ‬شرح‭ ‬معناه‭ ‬المعجم‭ ‬ب‭ (‬سَلَكَ‭ ‬معه‭ ‬‮ ‬مسلكَ‭ ‬الحذق‭ ‬ليبلغَ‭ ‬منه‭ ‬مأربَه‭).‬
 
لقد‭ ‬أرادت‭ ‬الجزائر‭ ‬،‭ ‬وعبر‭ ‬سفيرها‭ ‬الدائم‭ ‬لدى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬،‭ ‬أن‭ ‬تنتهز‭ ‬الفرصة‭ ‬لصالحها‭ ‬،‭ ‬حتى‭ ‬تظهر‭ ‬في‭ ‬الصورة‭ ‬،‭ ‬مساندةً‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬داعمةً‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬المحنة‭ ‬غير‭ ‬المعهودة‭ ‬التي‭ ‬طوقته‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬جانب‭ . ‬والنظام‭ ‬الجزائري‭ ‬بارع‭ ‬في‭ ‬استغلال‭ ‬الفرص‭ ‬ليبرز‭ ‬‮ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬العربية‭ ‬مدافعاً‭ ‬عن‭ ‬فلسطين‭ ‬و‭ ‬الفلسطينيين‭ .‬
 
إن‭ ‬الجزائر‭ ‬التي‭ ‬خلفت‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬‮ ‬‭(‬من‭ ‬2023‭ ‬إلى‭ ‬2024‭) ‬،‭ ‬تتصرف‭ ‬و‭ ‬كأنها‭ ‬دائمة‭ ‬العضوية،‭ ‬تزاحم‭ ‬الكبار‭ ‬و‭ ‬تنافسهم‭ ‬على‭ ‬الزعامة‭ . ‬وهذا‭ ‬تصرف‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬جنس‭ ‬التصرفات‭ ‬التي‭ ‬تسلكها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الجزائرية‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الأفريقية،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬مخلفات‭ ‬الماضي‭ ‬حين‭ ‬كانت‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬بوتفليقة‭ ‬،‭ ‬تقود‭ ‬معسكر‭ ‬الواهمين‭ ‬الحالمين‭ ‬المرتمين‭ ‬في‭ ‬أحضان‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفياتي‭ ‬المنهار‭.‬
 
تلك‭ ‬مرحلة‭ ‬ولت‭ ‬و‭ ‬انتهت‭ ‬،‭ ‬ولكن‭ ‬آثارها‭ ‬الدفينة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تعمل‭ ‬عملها‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الجزائرية‭ . ‬ولكن‭ ‬هيهات‭ ‬،‭ ‬فالعالم‭ ‬قد‭ ‬تغير،‭ ‬والعلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬تطورت‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬الأمم‭ ‬و‭ ‬الشعوب‭ ‬استعادت‭ ‬الوعي‭ ‬‮ ‬‭ ‬وصارت‭ ‬تفرق‭ ‬بين‭ ‬السياسة‭ ‬الواقعية‭ ‬وبين‭ ‬السياسة‭ ‬الخيالية‭ ‬،‭ ‬وتلتزم‭ ‬مبادئ‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬ومقاصد‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬
 
وتقتضي‭ ‬المناسبة‭ ‬أن‭ ‬نشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬قد‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬عضوية‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬ثلاث‭ ‬مرات‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬سنوات‭ (‬1963/1964‭)‬،‭ ‬و‭(‬1992/1993‭)‬،‭ ‬و‭(‬2012/2013‭)‬،‭ ‬ونجح‭ ‬بلادنا‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الدورات‭ ‬في‭ ‬لعب‭ ‬دور‭ ‬دبلوماسي‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الدولية‭ . ‬وسبق‭ ‬لناصر‭ ‬بوريطة‭ ‬وزير‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬والتعاون‭ ‬الأفريقي‭ ‬و‭ ‬المغاربة‭ ‬المقيمين‭ ‬بالخارج‭ ‬،‭ ‬أن‭ ‬صرح‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬،‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬قد‭ ‬ترشح‭ ‬لشغل‭ ‬مقعد‭ ‬غير‭ ‬دائم‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬للعهدة‭ (‬2028/2029‭) . ‬ويندرج‭ ‬هذا‭ ‬الترشح‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬المجموعة‭ ‬الأفريقية‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬احترام‭ ‬تام‭ ‬لمبدإ‭ ‬التمثيلية‭ ‬الجغرافية‭ ‬المنصفة‭ . ‬والمملكة‭ ‬المغربية‭ ‬أهل‭ ‬لاستئناف‭ ‬دورها‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬الرصين‭ ‬و‭ ‬الحكيم‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي،‭ ‬لأنها‭ ‬دولة‭ ‬رائدة‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الأفريقية‭ ‬،‭ ‬تحترم‭ ‬تعهداتها،‭ ‬وتلتزم‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وتنال‭ ‬الثقة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأفريقية‭ ‬و‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬العموم‭.‬



في نفس الركن